جامع السلطان أحمد... عنوان رمضان الأول في إسطنبول

يقصده الأتراك والعرب للتراويح والإفطار والسحور

جامع السلطان أحمد
جامع السلطان أحمد
TT

جامع السلطان أحمد... عنوان رمضان الأول في إسطنبول

جامع السلطان أحمد
جامع السلطان أحمد

تتمتع مدينة إسطنبول بخصوصية في شهر رمضان المبارك، بتنوعها التاريخي والديني والثقافي، وما تتميز به من مساجد تاريخية وأجواء روحانية واجتماعية متعددة.
وتتحول أوقات الصلاة في المساجد إلى أكبر تجمعات اجتماعية توفر فرصة التقارب والأُلفة بين العائلات خلال شهر رمضان. ويعد جامع السلطان أحمد، أو الجامع الأزرق، العنوان الأول لرمضان، وهو يتميز بأجوائه الفريدة في إسطنبول.
ويقع جامع السلطان أحمد في حي الفاتح العريق، في وسط إسطنبول التاريخية، في الشطر الأوروبي، وتعمل بلدية الفاتح على تقديم خدمات متميزة لآلاف ممن يرتادون جامع السلطان أحمد كل يوم، من الأتراك والعرب والمسلمين من أنحاء العالم، في أجواء تظللها روح العائلة.
وميدان السلطان أحمد، الواقع أمام الجامع، يعد المحطة الأكبر للعائلات والمصلين، لما يتميز به الجامع من خدمات للصلاة والعبادة، إضافة إلى الخدمات الثقافية والاجتماعية.
وتوفر بلدية إسطنبول الكبرى برنامجاً ثقافياً كاملاً على مدار شهر رمضان في عدد من الميادين الرئيسية بجانب مسجد السلطان أحمد، وميدان يني كابي، وحديقة فسخانة، في حي أيوب الذي يقع به جامع الصحابي أبي أيوب الأنصاري، وحدائق مالتيبه وميدان با يزيد، القريب من السلطان أحمد.
يتوجه الآلاف يومياً إلى ميدان السلطان أحمد، حاملين معهم طعام الإفطار والسحور، حيث يمضون الليل هناك ما بين الصلاة والتراويح والفعاليات الثقافية والفنية التي تقدمها البلديات وفرق الموسيقى الصوفية، كما يقدم الأكاديمي المتخصص في أصول الدين الشهير نهاد خطيب أوغلو برنامجاً رمضانياً يومياً قبل الإفطار، يحضره آلاف المواطنين الأتراك القادمين من مختلف المحافظات، حيث تتاح لهم الفرصة لطرح أسئلتهم، وينقل البرنامج على الهواء على قناة «إيه تي في».
ويتوافد المواطنون الأتراك والعرب المقيمون في إسطنبول أو الوافدون عليها للسياحة من مختلف الدول العربية والإسلامية على ميدان السلطان أحمد قبل آذان المغرب محضرين معهم وجبات الإفطار، ومنهم من يعتمد على وجبات الإفطار التي تقدمها البلديات أو على شراء الأطعمة من المطاعم والباعة المنتشرين في أنحاء الميدان، للاستمتاع بالأجواء الرمضانية لمدينة إسطنبول العريقة، ومنطقة السلطان أحمد على وجه الخصوص.
كما توفر البلدية مراكز صحية وخدمات إنترنت مجاني، ومركز اتصالات وخدمات إرشادية لخدمة الآلاف الذين يوجدون يومياً طيلة شهر رمضان المبارك.
وتنظم البلدية برامج دينية وتثقيفية تبدأ بعد صلاة التراويح، وتستمر حتى وقت السحور، حيث تقدم وجبات السحور للمصلين الذين يستمتعون بهذه الأجواء، خصوصاً في عطلة نهاية الأسبوع.
ويعتبر المقيمون والسياح العرب شهر رمضان فرصة للاستمتاع بهذه الأجواء التي لا تتوفر في غير شهر رمضان. أمّا منطقة السلطان أحمد، فسميت بهذا الاسم نسبة إلى السلطان أحمد الأول الذي ولد في عام 1590، في مدينة مانيسا (غرب تركيا)، ووالده هو السلطان محمد الثالث، ووالدته هاندان خاتون، وتوفي عام 1617، ودفن في ضريح بالقرب من مسجده.
وتتميز المنطقة بالجوامع والكنائس والمطاعم والحدائق والمتاحف، ومن أشهرها مسجد السلطان أحمد، أو الجامع الأزرق، وآيا صوفيا، ومنطقة ميناء «إمينونو»، والسوق المصرية، والسوق المغطاة (غراند بازار)، ويزورها يومياً نحو مليوني شخص، سواء من المواطنين الأتراك أو السياح العرب والأجانب.
وجامع السلطان أحمد مذهل، بحجمه وتصميمه وفخامته، ويعد من أجمل المساجد، ليس فقط في تركيا وإنما في العالم الإسلامي كله، وهو يحظى بإعجاب واهتمام كثير من الأتراك والسياح العرب والأجانب، ويعرف أيضاً بالجامع الأزرق لأن نقوشه وزخارفه يغلب عليها اللون الأزرق، ويقع في ميدان السلطان أحمد، جنوب متحف آيا صوفيا وشرق ميدان الخيل البيزنطي (هيبودروم).
وإلى جانب أنّه من أهم وأجمل وأشهر مراكز الجذب السياحي في إسطنبول، وتركيا بأكملها، فهو أيضاً جامع نشط يضج بحركة المصلين في أوقات الصلوات الخمس وصلاة الجمعة وصلاة التراويح في شهر رمضان المبارك.
بني جامع السلطان أحمد بين عامي 1018 - 1020هـ (1609 - 1616م)، بعد أن طلب السلطان الشاب الذي تسلم الحكم بعد وفاة السلطان محمد الثالث بن مراد الثالث، عام 1603، من المهندس محمد فاتح آغا، تلميذ المعماري الأشهر سنان باشا، بناء مسجد ومجمع إسلامي في عاصمته تقليداً لأسلافه الذين سبقوه.
وأراد السلطان أحمد أن يكون جامعه الأعظم والأكبر في البلاد، فجعله مطلاً على مضيق البوسفور، مقابلاً لكنيسة آيا صوفيا التي تحولت إلى مسجد، وحالياً إلى أشهر متحف في إسطنبول. وقد أنهي بناؤه قبل وفاته بسنة واحدة فقط، ليوارى جثمانه في كنف مسجده. ولا يقتصر المسجد على قاعة للصلاة فحسب، بل تحيط به مدرسة للتعليم الابتدائي، ومستشفى، وسوق مغطاة، وحمام تركي، ومطعم للفقراء، وسبيل ماء للعطشى، ومحلات تدر موارد مالية للمسجد، وضريح السلطان أحمد، وكل هذا وسط حديقة غناء.
ومن أهم الأماكن السياحية في منطقة السلطان أحمد بإسطنبول قصر توب كابي، أو الباب العالي، وقد كان مركز الحكم في الدولة العثمانية، من عام (1465 – 1853)، واستخدم كمركز إداري للدولة العثمانية على مدار 400 سنة من تاريخها الممتد 600 سنة، فهو القصر الذي كان يعيش فيه السلاطين العثمانيون، وكان يقيم فيه عبر العصور ما يقرب من 4 آلاف شخص.


مقالات ذات صلة

تركيا: محاكمة عصابة «الأطفال حديثي الولادة» وسط غضب شعبي واسع

شؤون إقليمية عائلات الأطفال ضحايا عصابة حديثي الولادة في وقفة أمام المحكمة في إسطنبول رافعين لافتات تطالب بأقصى عقوبات للمتهمين (أ.ف.ب)

تركيا: محاكمة عصابة «الأطفال حديثي الولادة» وسط غضب شعبي واسع

انطلقت المحاكمة في قضية «عصابة الأطفال حديثي الولادة» المتورط فيها عاملون في القطاع الصحي والتي هزت تركيا منذ الكشف عنها وتعهد الرئيس رجب طيب إردوغان بمتابعتها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من اجتماع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ووفد المكتب السياسي لحركة «حماس» في أكتوبر الماضي (الخارجية التركية)

تركيا: الأنباء عن استضافة قيادة «حماس» لا تعكس الحقيقة

نفت تركيا ما يتردد عن انتقال أعضاء المكتب السياسي لحركة «حماس» إلى أراضيها عقب تقارير عن طلب قطر منهم مغادرة الدوحة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية قوات الشرطة تمنع نائب حزب الشعب الجمهوري المعارض دنيز ياووز يلماظ من دخول مبنى بلدية إسنيورت في إسطنبول الجمعة (إعلام تركي)

حرب شوارع في جنوب شرقي تركيا احتجاجاً على عزل رؤساء بلديات

اندلعت أعمال عنف وشغب تخللتها أعمال حرق ونهب لمحال تجارية في جنوب شرقي تركيا احتجاجاً على عزل 3 رؤساء بلديات منتخبين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية مصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسة بلدية بطمان جنوب شرقي تركيا (إعلام تركي)

تركيا: احتجاجات واعتقالات بعد عزل رؤساء 3 بلديات موالين للأكراد

شهدت تركيا مصادمات عنيفة بين الشرطة ومحتجين على عزل 3 رؤساء بلديات من حزب موالٍ للأكراد، مع استمرار التوتر على خلفية اعتقال أحد رؤساء البلديات في إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية قوات الأمن التركية تفرض طوقاً حول مبنى بلدية أسنيورت منذ اعتقال رئيسها أحمد أوزار الأربعاء الماضي (أ.ف.ب)

إردوغان يقاضي أوزال وإمام أوغلو لـ«إهانتهما» له... ووقفات احتجاجية يومية للمعارضة

تتواصل تداعيات اعتقال رئيس بلدية أسنيورت أحمد أوزار، بعدما قرر إردوغان مقاضاة رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال، ورئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
TT

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)

سادت أجواء البهجة منذ الساعات الأولى من صباح أول أيام عيد الفطر في مصر، حيث احتشد المصلون من مختلف الأعمار في ساحات المساجد، وسط تكبيرات العيد التي ترددت أصداؤها في المحافظات المختلفة.
وشهدت ساحات المساجد زحاماً لافتاً، مما أدى إلى تكدس المرور في كثير من الميادين، والمناطق المحيطة بالمساجد الكبرى بالقاهرة مثل مسجد الإمام الحسين، ومسجد عمرو بن العاص، ومسجد السيدة نفيسة، ومسجد السيدة زينب، وكذلك شهدت ميادين عدد من المحافظات الأخرى زحاماً لافتاً مع صباح يوم العيد مثل ساحة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية.
وتبدأ مع صلاة العيد أولى مباهج الاحتفالات عبر «إسعاد الأطفال»، وفق ما تقول ياسمين مدحت (32 عاماً) من سكان محافظة الجيزة (غرب القاهرة). مضيفةً أن «صلاة العيد في حد ذاتها تعد احتفالاً يشارك الأهالي في صناعة بهجته، وفي كل عام تزداد مساحة مشاركة المصلين بشكل تطوعي في توزيع البالونات على الأطفال، وكذلك توزيع أكياس صغيرة تضم قطع حلوى أو عيدية رمزية تعادل خمسة جنيهات، وهي تفاصيل كانت منتشرة في صلاة العيد هذا العام بشكل لافت»، كما تقول في حديثها مع «الشرق الأوسط».

بالونات ومشاهد احتفالية في صباح عيد الفطر (وزارة الأوقاف المصرية) 
ويتحدث أحمد عبد المحسن (36 عاماً) من محافظة القاهرة، عن تمرير الميكروفون في صلاة العيد بين المُصلين والأطفال لترديد تكبيرات العيد، في طقس يصفه بـ«المبهج»، ويقول في حديثه مع «الشرق الأوسط» إن «الزحام والأعداد الغفيرة من المصلين امتدت إلى الشوارع الجانبية حول مسجد أبو بكر الصديق بمنطقة (مصر الجديدة)، ورغم أن الزحام الشديد أعاق البعض عند مغادرة الساحة بعد الصلاة بشكل كبير، فإن أجواء العيد لها بهجتها الخاصة التي افتقدناها في السنوات الأخيرة لا سيما في سنوات (كورونا)».
ولم تغب المزارات المعتادة عن قائمة اهتمام المصريين خلال العيد، إذ استقطبت الحدائق العامة، ولعل أبرزها حديقة الحيوان بالجيزة (الأكبر في البلاد)، التي وصل عدد الزائرين بها خلال الساعات الأولى من صباح أول أيام العيد إلى ما يتجاوز 20 ألف زائر، حسبما أفاد، محمد رجائي رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، في تصريحات صحافية.
ويبلغ سعر تذكرة حديقة الحيوان خمسة جنيهات، وهو مبلغ رمزي يجعل منها نزهة ميسورة لعدد كبير من العائلات في مصر. ومن المنتظر أن ترتفع قيمة التذكرة مع الانتهاء من عملية التطوير التي ستشهدها الحديقة خلال الفترة المقبلة، التي يعود تأسيسها إلى عام 1891، وتعد من بين أكبر حدائق الحيوان في منطقة الشرق الأوسط من حيث المساحة، حيث تقع على نحو 80 فداناً.