محور الرياض ـ أبوظبي يضبط زمن الخليج

قوة شعبية تعزز من قيمة العلاقة

محور الرياض ـ أبوظبي يضبط زمن الخليج
TT

محور الرياض ـ أبوظبي يضبط زمن الخليج

محور الرياض ـ أبوظبي يضبط زمن الخليج

زيارات متعددة وتنسيق متتابع بين العاصمتين المؤثرتين في المنطقة، الرياض وأبوظبي، وخلال أول من أمس، التقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بمدينة جدة، ولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد. قال الشيخ محمد، إن بلاده والمملكة العربية السعودية تقفان معا في خندق واحد في مواجهة التحديات والمخاطر التي تواجه دول المنطقة؛ لأنهما تنطلقان من ثوابت راسخة تعلي من قيم التضامن والتعاون بين الأشقاء، وتؤمنان بأن مجلس التعاون لدول الخليج العربية يكون أقوى وأكثر تأثيراً بوحدته وتضامن دوله وشعوبه، وأن المخاطر والتحديات في البيئتين الإقليمية والدولية تحتاجان من المجلس إلى أن يكون صفا واحدا لصون أمن دوله والحفاظ على مكتسباتها التنموية والحضارية.
رسائل بارزة بين السعودية والإمارات، في وقت تشهد العلاقات بين العاصمتين المؤثرتين خليجيا وعربيا، مستوى تطور كبير يؤكده أيضا على جانب آخر، استهلال الملك سلمان جولته الخليجية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من دولة الإمارات، ومشاركته احتفالات الإماراتيين باليوم الوطني للاتحاد الإماراتي.
قدسية عالية في مستوى العلاقات السياسية والشعبية بين السعودية والإمارات، بنهج تاريخي رسا منذ ما قبل انطلاقة مجلس التعاون الخليجي بأعوام كثيرة، وزادته مواقف قادة البلدين، حتى أصبحت علامة في نمو العلاقة وقوتها بين البلدان العربية والإقليم الواحد.
والبلدان، ركنا التأسيس لمنظومة مجلس التعاون الخليجي، أبوظبي احتضنت القمة الأولى، في بداية وضع حجر الأساس، والسعودية الداعم الأول للفكرة إلى جانب دولة الكويت، حيث تأسس المجلس بست دول، لبناء كيان عربي إقليمي، على ضوء مهددات كبرى كانت ولا تزال محيطة بدول الخليج.
ويوما بعد آخر، يظهر جليا ثقل العلاقة في ضبط موازين كثيرة داخل المنظومة الخليجية، وما يتعدى المحيط، إلى العالم العربي، وبخاصة ما تفزره الأيام الزمنية ما بعد الثورات العربية، بتطابق المواقف تجاه أمن جمهورية مصر العربية واستقرارها، وتنسيقهما العالي لمكافحة الإرهاب، ومشاركة الإمارات في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، فالمواقف المتوحدة يتضح عدم اصطناعها أو أن تكون فرضتها الأحداث السياسية، حتى الأجندات لها من روح التعاون الخليجي الكثير.
زمن الخليج وبخاصة بين العاصمتين الرياض وأبوظبي، يأتي بارزا في ظل تراجع كبير في المواقف العربية وتباينات واضحة في ملفات الأزمات بالمنطقة، ويفرض موقع الخليج ودوله ذات الاستقرار الكبير في شتى المجالات، القيام بأدوار تضمن صياغة جديدة للمنطقة بشموليتها.
وتتفق الاتجاهات السياسية والأمنية والدفاعية والتنموية وأمور شتى بين البلدين؛ وهو ما يعزز لها الحضور في وجه التدخلات الإيرانية في المنطقة، حيث يتفق البلدان على تشكيل قوي ضد الجمهورية الإسلامية في إيران، بإيمان مطلق أن العمل المنسق والإيقاع الواحد يسير في اتجاه تعزيز التنسيق الأمني والدفاعي.
الإمارات، تقف موقف الوحدة مع السعودية، وبخاصة ضد الإعلام الإيراني والإعلام المعادي المنشأ في دولة قطر، في ظل حرص كبير على تحقيق الغايات الضامنة لوحدة الصف الخليجي، والتزاما باتفاقيات الأمن والمصير المشترك التي يقوم عليها مجلس التعاون.
تنمويا، رحبت دولة الإمارات شعبا وحكومة بإطلاق «رؤية السعودية 2030»، في سبيل تحقيق تنمية مستدامة سيكون لها أبعاد شتى على دول المنطقة، وتعتبر العلاقة التنموية والتجارية والاقتصادية بين السعودية والإمارات، الأكبر بين مثيلاتها في دول مجلس التعاون الخليجي، وتعد الإمارات واحدة من أهم الشركاء التجاريين للسعودية على صعيد المنطقة العربية بشكل عام، ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين الإمارات والسعودية في عام واحد إلى ما بقرب من 40 مليار دولار.
وشهدت الأشهر الماضية، عقد لقاءات واسعة ذات زخم بشري وموضوعي بين مسؤولي البلدين، التي حملت اسم «خلوة العزم» التي تعد رافدا قويا لتعزيز العلاقات أيضا بين البلدين، المنبثقة من مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي، الذي أُعلن عنه في مايو (أيار) 2016 بمدينة جدة، بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وتهدف «خلوة العزم» إلى تفعيل بنود الاتفاقية الموقعة بين البلدين بإنشاء المجلس، ووضع خريطة طريق له على المدى الطويل، كما ستناقش ضمن أجندتها ثلاثة محاور استراتيجية بين البلدين، تختص بالجانب الاقتصادي، والجانب المعرفي والبشري، والجانب السياسي والعسكري والأمني.


مقالات ذات صلة

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

العالم العربي وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

تأكيدات مصرية خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج في أكبر عملية سحب للجنسية في يوم... اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية قررت اليوم سحب وفقد الجنسية الكويتية من 1535 حالة تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء (كونا)

رقم قياسي جديد... سحب الجنسية الكويتية من 1535 حالة

قررت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية، اليوم، سحب وفقد الجنسية من 1535 حالة، تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد الأمير سلمان بن حمد مع أطقم الصقور السعودية المشاركة (الموقع الرسمي للمعرض)

ارتفاع نسبة المشاركة بأكثر من 30 % في معرض البحرين الدولي للطيران

افتتح ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد، معرض البحرين الدولي للطيران 2024 بقاعدة الصخير الجوية، وسط حضور إقليمي ودولي واسع لشركات الطيران، وصناع القرار.

عبد الهادي حبتور (المنامة)
الاقتصاد مستثمر ينظر إلى شاشة تعرض معلومات الأسهم في سوق أبوظبي للأوراق المالية (رويترز)

الأخضر يسيطر على الأسواق الخليجية بعد فوز ترمب 

أغلقت معظم أسواق الأسهم الخليجية تعاملاتها على ارتفاع في جلسة الأربعاء، وذلك بعد فوز الجمهوري دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية رسمياً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مستثمران يتحدثان أمام شاشة تعرض معلومات الأسهم في السوق السعودية (رويترز)

افتتاحات خضراء للأسواق الخليجية بعد فوز ترمب

ارتفعت أسواق الأسهم الخليجية في بداية جلسة تداولات الأربعاء، بعد إعلان المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترمب فوزه على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».