«الجماعة 2»... يثير غضب الناصريين والوفديين

المسلسل الذي يسير فوق الألغام

مشهد من مسلسل «الجماعة 2» - صابرين في دور زينب الغزالي
مشهد من مسلسل «الجماعة 2» - صابرين في دور زينب الغزالي
TT

«الجماعة 2»... يثير غضب الناصريين والوفديين

مشهد من مسلسل «الجماعة 2» - صابرين في دور زينب الغزالي
مشهد من مسلسل «الجماعة 2» - صابرين في دور زينب الغزالي

قال الكاتب الكبير وحيد حامد، إنه حرص على أن يتأكد حتى من نوع السجائر التي كان يدخنها الرئيس جمال عبد الناصر، الذي شغل قبل وبعد ثورة يوليو (تموز) 1952 مساحة رئيسية في الأحداث التاريخية لمسلسل «الجماعة» الجزء الثاني، رغم أنها تفصيلة قد لا يعيرها المتلقي أدني اهتمام، إلا أن الدقة التي انتهجها وحيد أثناء التحضير لكتابة المسلسل فرضت عليه التحري عن كل شيء، ورغم ذلك فإنك سوف تكتشف أن أول اتهام يوجه للمسلسل هو عدم الالتزام بوقائع التاريخ.
بداية يجب أن نذكر أن كل منا يُطل على العمل الفني بقناعة مسبقة، وينتظر أن تؤكد الشاشة الصورة الذهنية التي سكنت بداخله عبر كثير من المؤثرات الداخلية والخارجية التي عاشها، أو أتيح له التعرف عليها.
المؤكد أن الجماعة ليس هو الأفضل فنيا هذا العام. الشاشة الصغيرة طرحت ما هو أجمل على مستوى الرؤية البصرية. المسلسل في بداية الحلقات أسرف كثيرا في تقديم كثير من المعلومات التي أثقلت التدفق الدرامي، إلا أنه ظل الأكثر إثارة للجدل عبر «الميديا»؛ لأنه يدخل إلى منطقة ملغومة وشائكة، حيث تتعدد زوايا الرؤية، خاصة وإننا نتناول جزءا من تاريخنا المعاصر، مليئا بالوقائع الساخنة، ولو عدت للمراجع ستكتشف أن قسطا وافرا منها لا يزال محل خلاف حتى الآن.
احتل المسلسل حتى قبل بداية رمضان بؤرة الاهتمام على المستويين المصري والعربي. الجزء الأول في «الجماعة» واكب ميلاد وطفولة حسن البنا التي تزامنت مع الحرب العالمية الأولى 1914، بينما الجزء الثاني تبدأ أحداثه عام 1949 فور اغتيال البنا، وسوف تمتد حتى 1966 مع تنفيذ حكم الإعدام في سيد قطب زعيم الجماعة بعد البنا. وهكذا سيطرح علاقة «الإخوان» بالملك فاروق، وعلاقة «الإخوان» وسيد قطب تحديدا بعبد الناصر، حيث يعزى لسيد قطب بث الخطاب الدموي الذي انتهجته الجماعة طوال تاريخها ولا تزال.
ما بالضبط جرعة الخيال الممكنة التي يتقبلها الناس في العمل الفني عندما يتكئ على التاريخ؟ التفاصيل من الممكن أن يضيف لها الكاتب كثيرا، فهو يتعامل مع بشر لديهم حياة اجتماعية وعاطفية، جزء منها غير موثق، إلا أن الوقائع المثبتة لا يمكن تجاوزها أو تغيير ولو جزء طفيف منها.
هناك من يثير اللغط حول المرجعية التي استند إليها وحيد حامد في التدقيق التاريخي. اتهموا المشرف التاريخي على المسلسل بأن لديه ميولا إخوانية، بينما هو كما تشير بطاقته العلمية دارس لهم وليس متعاطفا معهم. كما أن وحيد توجهه السياسي، كما هو معروف للجميع من خلال مسلسلاته وأفلامه ومقالاته، يقف فكريا على الجانب الآخر تماما من «الإخوان»، فلا يمكن أن يُصبح مجرد منفذ لأفكار مؤرخ لو صدقنا الاتهام الموجه إليه.
لم نشاهد حتى الآن إلا جزءا يسيرا من العمل، ورغم ذلك فرضت أحداثه نفسها على كل الفضائيات الناطقة بالعربية، رغم أن ملامحه النهائية لم تكتمل بعد. ورغم أن شاشة التلفزيون تزخر بكثير من الأعمال الدرامية التي تحمل أيضاً قضايا ساخنة ومثيرة، فإن القسط الوافر من المساجلات كان من نصيب مسلسل «الجماعة 2».
وللتذكرة فقط، اتُّهم وحيد حامد في رمضان 2010 بأنه تعاطف مع «الإخوان» من خلال تقديمه لشخصية حسن البنا، التي أداها باقتدار الممثل إياد نصار، والذي أتقن بالإضافة لإحساسه العالي اللهجة المصرية، إلا أنه كان متهما بأنه نسج خيطا عاطفيا مع المشاهدين.
الكاتب لا يسعى لإدانة الشخصيات مبكرا حتى لو كان التاريخ قد قال كلمته النهائية فيها، فهو يرصد بدايات تاريخ الشخصية، وهو ما يمكن أن نلحظه مع اللمحات الأولى لشخصية سيد قطب (أداها محمد فهيم) والذي كان أحد تلاميذ وحواريي الكاتب العملاق عباس محمود العقاد، المعروف بموقفه الحاد من «الإخوان». وقطب كان يعمل بالنقد الأدبي، وأول من أشار إلى موهبة الكاتب الكبير نجيب محفوظ. تقديم جوانب إيجابية للشخصية لا يعني أبدا التعاطف معها أو الموافقة على سلوكها، بل هو نوع من الأمانة الدرامية، حتى عندما تأتي المواقف التي تدين الشخصية يصدقها الناس، وما كان يبدو في البداية ملامح إيجابية للشخصية لا يمكن أن يخلق تعاطفا مع من كان يحرض ويزرع الدموية في النفوس.
تبقى شخصية النحاس باشا التي أداها محمود الجندي، والتي أغضبت حزب الوفد الحالي؛ لأنه قبَّل يد الملك فاروق في مشهد يحمل قدرا من الإهانة، رغم أن التاريخ يؤكد أن النحاس كان معتزا بكرامته. حجة الوفديين أن الواقعة مختلقة، والمراجع التي استند إليها الكاتب أرادت النيل من النحاس باشا، خاصة أن الوفد وقتها كان يمثل الأغلبية، فما حاجة النحاس لكي يقبل يد الملك؟ ثم إن تلك الواقعة كانت خاصة جدا وليست علنية أثناء حلف اليمين، فمن هم شهود العيان عليها؟ وأشار المعترضون إلى أن أغلب تلك الشهادات جاءت بعد ثورة 1952، في وقت كان فيه نظام الحكم يريد النيل من الوفد وأيضا من النحاس باشا، الذي كان يتمتع حتى تلك السنوات بشعبية طاغية.
الجانب الآخر في المعادلة الدرامية، وهو شخصية جمال عبد الناصر، والتي كانت من نصيب الممثل الأردني ياسر المصري، قبل عرض المسلسل تساءل البعض: «كيف لأردني أن يمثل شخصية جمال؟»، خاصة أنها محورية في الأحداث، متجاهلين أن إياد نصار الأردني نجح في الجزء الأول في تقديم شخصية حسن البنا، ولم تقف اللهجة عائقا.
صحيح أن ياسر أفلتت منه بعض الكلمات في الأداء، ولكن الأداء حتى الآن لا يزال متوازنا، كما أن الممثل نجح في تقديم روح الشخصية، بالإضافة إلى أن ملامحه تشبه كثيرا عبد الناصر، وبالطبع ساهم المكياج واختيار زوايا التصوير والإضاءة في تأكيد ذلك.
وتبقى جدلية الميول الإخوانية لعبد الناصر، والذي كان يحمل اسما حركيا (زغلول)، فالمسلسل ترك مساحة ضبابية بين اتهام عبد الناصر بأنه منضم تنظيميا لـ«الإخوان» وبين كونها مجرد شائعة؛ إلا أنه حسم الموقف من خلال تنظيم الضباط الأحرار الذي أنشأه عبد الناصر.
المسلسل لا تزال تتدفق حلقاته، ومن المؤكد أننا سنعود إليه مره أخرى بالتحليل، ويبقى أن الجزء الأول الذي قدمه المخرج محمد ياسين في «الجماعة» كان يحمل ألقا على مستوى الرؤية البصرية، وهو ما افتقدته مع المخرج شريف البنداري حتى الآن في الجزء الثاني، إلا أن الجدل لا يزال مستمرا حول مسلسل لا يملك سوى أن يسير في حقول الألغام حتى نهايته.



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.