حرب كلامية ومؤتمرات متبادلة في «تلفزيون لبنان»

مديره خالف قرار قاضي الأمور المستعجلة

طلال المقدسي رئيس مجلس تلفزيون لبنان خلال عقده مؤتمره الصحافي  مخالفا قرار قاضي الأمور المستعجلة
طلال المقدسي رئيس مجلس تلفزيون لبنان خلال عقده مؤتمره الصحافي مخالفا قرار قاضي الأمور المستعجلة
TT

حرب كلامية ومؤتمرات متبادلة في «تلفزيون لبنان»

طلال المقدسي رئيس مجلس تلفزيون لبنان خلال عقده مؤتمره الصحافي  مخالفا قرار قاضي الأمور المستعجلة
طلال المقدسي رئيس مجلس تلفزيون لبنان خلال عقده مؤتمره الصحافي مخالفا قرار قاضي الأمور المستعجلة

يعيش تلفزيون لبنان فترة خلافات حادة تجري بين موظفّيه ورئيس مجلس إدارته طلال المقدسي. فقد انشغل الرأي العام اللبناني أمس بمتابعة الحرب الكلامية الدائرة داخله عبر شاشات التلفزة اللبنانية التي نقلت بثا مباشرا للحرب التي يشنّها الطرفان ضدّ بعضهما، رغم محاولة وزير الإعلام ملحم رياشي لملمة الأمور الداخلية لتلفزيون لبنان من خلال إصدار قرار قضائي يقضي بإيقاف طلال المقدسي عن عقد مؤتمره الصحافي لتفادي زعزعة استقراره.
وجاء في القرار القضائي منع المدير المؤقت لتلفزيون لبنان طلال المقدسي بموجب القرار 492-2013 الصادر بتاريخ 20-6-2013، من الإدلاء بتصريحات علنية تتعلق بعمل شركة تلفزيون لبنان والمهمة القضائية الموكلة إليه، طوال فترة ممارسته لمهامه الرسمية، من دون الاستحصال على إذن مسبق، تحت طائلة الغرامة المطلوبة من الجهة المدّعية (الدولة اللبنانية).
ورغم صدور القرار عن هيئة قاضي الأمور المستعجلة (القاضي جاد معلوف) الذي يقضي بتغريم المقدسي مبلغ خمسين مليون ليرة في حال مخالفته له، فإن المقدسي لم يلتزم به فعقد مؤتمرا صحافيا عرض خلاله إنجازاته التي حققها في هذا الصرح الإعلامي طيلة تولّيه مهامه فيه.
وبعد أن استهله بعرض فيلم مصور عن إنجازاته تلك قال: «نعم أصدرت خلال السنتين الماضيتين 6 مذكرات بحقّ 6 موظفين وهي مذكرات قانونية ومعلّلة. إنهم يريدون أن يسخّروا تلفزيون لبنان لمصالحهم الخاصة، أنا لا أعترف إلا بنظام الكفاءة، لن أسكت على الباطل أبداً، وأشكر وزير الإعلام على اهتمامه، وأطلب منه إرسال فريق للتحقيق فيما يجري في تلفزيون لبنان، لافتاً إلى أنّ ما يحصل في مديرية الأخبار غير مقبول». وقال: «لعلّ فترة الصوم تفتح الضمير وتنقذ الوطن وتلفزيون لبنان». وأشار في سياق مؤتمره إلى أن مبلغ الـ50 مليون ليرة الذي صرفه كان بمثابة تبرّع للأيتام بمناسبة شهر رمضان للتحدث باسم تلفزيون لبنان.
وجاء هذا الردّ من قبل المقدسي على خلفية مقدّمة نشرة الأخبار المسائية التي عرضت على شاشة تلفزيون لبنان في 24 الحالي، والتي تضمنت هجوما عنيفا عليه إثر سلسلة قرارات ومذكرات أصدرها بحقّ الموظفين. فتناولت انتقادات لاذعة بحقّه بعد أن اتّهمته بإبقاء التلفزيون المذكور في العصر الحجري مستخدما مركزه لصرف أموال كثيرة.
وتفاعلت حرب المؤتمرات بين الطرفين، ليعقد الموظّفون بدورهم مؤتمرا صحافيا في المقابل نقلته بعض وسائل الإعلام المرئية فيما غاب عن شاشة تلفزيون لبنان. وتحدّث في هذا المؤتمر مقدمو نشرات الأخبار في تلفزيون لبنان ومدير تحريرها، مشيرين فيه إلى أن المقدسي أصرّ على تحويل كلّ أحداث لبنان إلى شخصية. وناشدوا رئيس الجمهورية التدخل لإنقاذ المؤسسة، لافتين إلى أن المقدسي يمنع كل شخص لديه خلافات سياسية معه أو أخرى شخصية من الظهور على شاشة تلفزيون لبنان.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».