المرعبي وكبّارة أطلقا خطّة التصدي لتداعيات أزمة النزوح على لبنان

طالبا المجتمع الدولي بالمساعدة في خلق فرص عمل ومكافحة البطالة

المرعبي وكبّارة أطلقا خطّة التصدي لتداعيات أزمة النزوح على لبنان
TT

المرعبي وكبّارة أطلقا خطّة التصدي لتداعيات أزمة النزوح على لبنان

المرعبي وكبّارة أطلقا خطّة التصدي لتداعيات أزمة النزوح على لبنان

أطلق وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي، ووزير العمل محمد كبارة، خطّة للحدّ من تداعيات أزمة النزوح السوري على لبنان، وتأثيراتها السلبية على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي، وتراجع فرص العمل أمام الشباب اللبناني. وطالبا الدول المانحة والمجتمع الدولي بـ«مساعدة لبنان على خلق فرص عمل، والحدّ من البطالة كعامل مهم في محاربة الإرهاب». وشددا على «وقف المخالفات المتعلّقة بالعمالة الأجنبية، بالتعاون مع البلديات، وتسوية أوضاع المخالفين».
وأعلن المرعبي في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع وزير العمل محمد كبارة، أن «لبنان تكبد جراء أزمة النزوح أكثر من 25 مليار دولار، في حين مجموع ما قدمه المجتمع الدولي للنازحين السوريين لا يتجاوز 7 مليارات دولار». ودعا المجتمع الدولي إلى «التعاون من أجل تحقيق مصلحة لبنان واللبنانيين، لأنه إذا كان لبنان بخير فسيكون كل من يعيش على أرضه بخير»، مشدداً على أن «الحل الوحيد هو بتحمل الجميع مسؤولياته بدءاً من المجتمع الدولي».
وطالب المرعبي الدول المانحة والقطاع الخاص بـ«العمل مع الدولة اللبنانية على خلق فرص عمل للبنانيين وحماية اليد العاملة»، مشددا على أن «جزءاً مهماً من محاربة الإرهاب يكمن في إيجاد فرص عمل للشباب الذين يعانون من البطالة». وقال: «ندعو الوزارات المعنية والقطاع الخاص إلى التعاون معنا من أجل تقوية الاقتصاد المحلي، وبلورة سياسة موحدة لتنظيم العمالة الأجنبية في لبنان».
وأدت أزمة النزوح إلى تفاقم الوضع الاقتصادي، حيث افتقد آلاف الشباب في لبنان فرص العمل، بفعل منافسة السوريين لهم، سواء على صعيد العمل في الشركات الخاصة، أو في ميدان المهن الحرّة.
وحذّر وزير العمل محمد كبارة، من «تداعي مؤشرات الإنتاجية وزيادة البطالة في البلاد». وقال: «أتت الأزمة السورية لتضيف مليونا ونصف مليون نازح على عدد العمال السوريين الموجودين في لبنان، بقطاعات عدّة منها قطاع الأعمار والزارعة، حيث أصبحنا أمام تحديين كبيرين، الأول ضرورة بناء سياسة عمل بين الحكومة وأصحاب العمل والعمال، والثانية تنظيم سوق العمل وفق إجراءات محددة كنا قد بدأنا معالجتها».
وتطرق وزير العمل إلى تداعيات المنافسة في سوق العمل اللبنانية، وشدد على «ضرورة تعزيز الصادرات، الذي يبقى الحل الأهم لتوفير فرص عمل للشباب، وهذا ما تعمل عليه الحكومة بتوجيه من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري للحد من البطالة»، مؤكداً «ضرورة توحيد الجهود الحكومية بجميع مؤسساتها للتصدي للأزمات كافة».
وأشار كبارة إلى أن «وزارة العمل تتواصل مباشرة مع البلديات، لإفادتها بجميع المخالفات المتعلقة بالعمال الأجانب الذين يعملون من دون إفادات عمل، وتقديم الشكاوى»، مؤكداً أن الوزارة «ستعمل على إجراء تفتيش دوري على المؤسسات بناء على الشكاوى أو الإنذارات المقدمة»، داعياً جميع المؤسسات والشركات والمحال التجارية التي لديها عمال غير لبنانيين مخالفين للقوانين إلى «الإسراع في تسوية أوضاعهم، وإلا سيتم ملاحقتهم لتطبيق القوانين المرعية الإجراء».
وأثرت أزمة النزوح سلباً على ميزانية الدولة اللبنانية، التي تنفق سنوياً مئات ملايين الدولارات على البنى التحتية والخدمات، مثل المياه والكهرباء التي يستفيد منها السوريون من دون مقابل، فضلا عن أن العمال السوريين، معفيون من ضريبة الدخل، التي يسددها العامل اللبناني للدولة بشكل دوري.
وتوجه كبارة إلى العمال والموظفين غير اللبنانيين الذين يعملون دون إجازات عمل، قائلا: «يجب الحصول على هذه الإجازات لأننا بهذه الطريقة نحافظ على العمل اللبناني ونخلق فرص عمل للبنانيين، وعلى البلديات العمل على مساعدة وزارة لعمل لضبط جميع العمالات الأجنبية»، مشدداً على «ضرورة أن تقوم البلديات بدورها في مساعدة وزارة العمل والأجهزة المختصة لضبط كل أشكال العمالة الأجنبية».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.