ميشيل ويليامز لـ «الشرق الأوسط»: لا أرى نفسي نجمة الأفلام التقليدية

ميشيل وليامز كما ظهرت في «مانشستر على البحر»
ميشيل وليامز كما ظهرت في «مانشستر على البحر»
TT

ميشيل ويليامز لـ «الشرق الأوسط»: لا أرى نفسي نجمة الأفلام التقليدية

ميشيل وليامز كما ظهرت في «مانشستر على البحر»
ميشيل وليامز كما ظهرت في «مانشستر على البحر»

ثلاثة أفلام تتحدث عن الطفولة، أفضلها فيلم لا يظهر فيه الطفل (صبي في الثانية عشرة) إلا لبعض الوقت، هو «بلا حب» للمخرج أندريه زفيانتسيف. الآخران هما «أوكجا» («فتاة تحب الخنزير» الذي تم ابتكاره في مختبر، ونما ليصبح في نصف حجم كينغ كونغ) و«ووندرسترك» للأميركي تود هاينز الذي كان قدّم هنا، قبل عامين فيلمه «كارول».
حكاية صبي في الحادية عشرة من عمره ماتت والدته وتركته وحيداً ما جعله يبحث عن أبيه المختفي في ظرف غامض. هذا النطاق من الفيلم يقع في السبعينات ثم هناك حكاية شبه منفصلة أخرى تدور حول فتاة خرساء تعيش في عشرينات القرن الماضي وتهوى مشاهدة الأفلام (الصامتة آنذاك، وما يحمله الصمت من تواز مع كونها غير قادرة على النطق).
في حين تؤدي جوليان مور دور ممثلة من العهد الصامت، تظهر ميشيل ويليامز في دور أم الصبي الراحلة (نراها في مشاهد استرجاعية). تختلط ويليامز في عمل يراد منه أن يحتفي بالصوت والصمت معاً، وبقدرة الولدين على التعامل من موقعهما (الصبي بدوره شبه أخرس) مع العالم المحيط.
هذا دور غريب إلى حد بالنسبة لجوليان مور أو لميشيل ويليامز والأخيرة مثلت أول أفلامها («لاسي») بينما كانت في الرابعة عشر من عمرها قبل أن تنطلق متدرجة في أدوارها المختلفة: «ولايات ليلاند المتحدة»، «أنا لست هناك»، «بروكباك ماونتن»، «جزيرة منغلقة»، وأخيراً «مانشستر على البحر».
* بعد سلسلة من أفلام درامية بعضها تطلب الكثير من إضفاء مشاعر الحزن وحتى البكاء، تجدين في هذا الفيلم دوراً مختلفاً...
- صحيح. في 23 سنة من التمثيل لعبت شخصيات كثيرة، لكن هذه الشخصية اعتبرتها خاصة لأنها تتعامل مع امرأة حانية تحب صغيرها وليس لديها من المشاهد ما يكفي لتوفير ذلك، مما يعني أنه كان علي استغلال كل لحظة لكي أجسد فيها ما هو مطلوب مني تجسيده.
* تتحدثين عن تكثيف اللحظة؟
- نعم. بعض الأدوار التي مثلتها، خصوصاً تلك التي كانت أدواراً رئيسية لي مثل «أسبوعي مع مارلين» و«وندي ولوسي»، كانت بالضرورة لديها الوقت الكافي لتقدم ما يراد لها تقديمه. ليس هناك من سرعة أو من محاولة تكثيف اللحظة كما تقول. هذا مختلف.
* في «بروكباك ماونتن» وفي «مانشستر على البحر» لعبت دورين مساندين بدقائق ظهور محدودة. هل شعرت هناك بأن عليك تجسيد الحالة في حد أدنى من الكلمات أو المشاعر؟
- طبعاً. خصوصاً في «مانشستر على البحر». المشهد الذي ألتقي فيه وزوجي السابق في الشارع وأحاول التقرب منه مجدداً لأن الانفصال لم يكن في مصلحتي. هذا نوع من التكثيف الذي أقصده.
* في «ووندرسترك» دورك المساند أصغر من أدوارك المساندة في مطلع مهنتك. هل تعتبرين ذلك أمراً ثانوياً أم تنظرين إلى تبعاته على أساس أنك ستنشدين في المرّة المقبلة دوراً رئيسياً؟
- لا أهمية في نظري لحجم الدور بل لمن يقف وراء الفيلم. تد هاينز (المخرج) يمتلك تاريخاً مضيئا من الأعمال الفنية ذات الجوائز ولا أعتقد أنني فكرت لأكثر من لحظة قبل أن أعلن رغبتي في تمثيل هذا الدور. صورناه كما كان مكتوباً بنفس الحجم وكنت سعيدة جداً بأنني أتعامل فعلاً مع مخرج موهوب.
* المخرجون الموهوبون كثيرون بالنظر لقائمة أفلامك. يبدو أنك تختارين من تعملين معهم.
- في الكثير من الأحيان نعم. أمام كل الممثلات والممثلين فرصة لأن يختاروا المخرج أو يتركوا أنفسهم عرضة لاختيارات المخرجين. لا أرى نفسي نجمة في الأفلام التقليدية. أساساً لا أحب هذه الكلمة مطلقاً. إذا كانت مهنتي هي التمثيل فأنا ممثلة.
* هل تشاهدين أفلامك بعد تصويرها أو من النوع الذي يهرب منها؟
- يعتمد ذلك على مزاجي. أحياناً أسارع في مشاهدة الفيلم الذي مثلته... قلتُ أحياناً لكني في الواقع أعني غالباً لأنه دائماً ما هناك عرض «برميير» أحضره أو عرض في مهرجان سينمائي. عموماً مشاهدة نفسي في أفلامي ليس تحدياً يتطلب جهداً (تضحك).
* كما ذكرت لعبت أدواراً صغيرة في الأفلام أخيراً، لكنك في الوقت ذاته بدأت العمل المسرحي. هل هناك من تزامن مقصود؟
- ربما لعبت في العامين الماضيين مسرحيتين وثلاثة أدوار قصيرة. وعلى المسرح هناك قدرة على رؤية الذات تختلف عن السينما. أعني أن الجمال مهم بالنسبة للتمثيل السينمائي ما دامت الممثلة تؤدي دور بطولة أو دوراً يستند إلى اسمها، إلا إذا كان المطلوب منها أن تؤدي دور امرأة عجوز على سبيل المثال. في المسرح العناية بالجمال يختلف كثيراً. هناك حرية أكبر لأن جمهور المسرح لا يفرض عليك الشكل الذي عليك أن تقوم به. المسرحية هي التي تفعل ذلك.
* كثيرون تحدثوا عن براعة دورك في «مانشستر على البحر»، وكتبوا عن صدق أدائك. هل البكاء سهل في المشاهد السينمائية؟
- (تضحك) تمثيل البكاء هو السهل أما البكاء نفسه فصعب. لكن هناك درجة عالية من الإحساس بالدور قد تساعد على تجاوز هذه الصعوبة.
* هل تبكين في الأفلام التي تشاهدينها؟
- لن تصدق.
* ماذا؟
- الأفلام الكرتونية حين أدرك أنها عنيفة لا تناسب الأطفال. فيها موت بعض شخصياتها. لماذا يريدون الحديث عن الموت في أفلام للأطفال.
* هل أنت ممثلة تخطط جيداً لحياتها العملية؟
- لا. لا أخطط مطلقاً بل أعيش أيامي من يوم لآخر. أشعر بأن التخطيط ليس ضرورياً إلا في مرحلة مبكرة مثلاً. لكن الثبات على ما بنيته من كيان من الأفلام ضروري.
* تؤدين حالياً، كما أعتقد، دوراً رئيسياً في فيلم «أعظم شومان» (The Greatest Showman) هل هو فيلم موسيقي حقاً؟
- نعم هو فيلم ميوزيكال. والتصوير انتهى قبل حضوري هنا. في الحقيقة هناك فيلم غنائي آخر نحاول أن ننجزه عن حياة جانيس جوبلين.
* قرأت عنه منذ حين. ما الذي أخَّر إنتاجه؟
- لم يتأخر إنتاجه على ما أعتقد، لكننا نعمل عليه.
* هل تمثلين دور المغنية الشهيرة؟
- نعم.
* كان هناك فيلم تسجيلي عنها قبل عامين هل شاهدتِه أو تعتزمين مشاهدته قبل دخولك التصوير؟
- شاهدته وأعجبني كثيراً، لكن هناك مصادر أخرى للتعرف على هذه الشخصية. الكثير من الكتب. قرأت بعضها ولا يزال أمامي كتابان أو ثلاثة على ما أعتقد. لكن الصورة الشخصية لها معروفة ولا تحتاج مني للتعمق كثيراً.
* معنى ذلك أنك ستقومين بالغناء...
- نعم. هذا ما أخشاه.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».