السعوديون على موعد مع آلاف فرص العمل لدى الشركات الأميركية

عقب الاتفاقيات الكبرى الموقعة يوم أمس

السعوديون على موعد مع آلاف فرص العمل لدى الشركات الأميركية
TT

السعوديون على موعد مع آلاف فرص العمل لدى الشركات الأميركية

السعوديون على موعد مع آلاف فرص العمل لدى الشركات الأميركية

رسمت رؤية السعودية 2030 خريطة طريق نحو تنويع اقتصاد البلاد، ونقله إلى مرحلة ما بعد النفط، وهي الرؤية التي برهنت نجاحاتها المتوقعة من خلال سلسلة من الاتفاقيات والعقود الكبرى التي تمت يوم أمس بين السعودية والولايات المتحدة الأميركية.
ومن الواضح تماماً أن بعض المشاريع الجديدة التي من المنتظر إتمامها عقب الاتفاقيات الموقعة يوم أمس، سيتم توجيهها لبناء البنية التحتية الحديثة في المملكة، في حين أن جميع هذه المشاريع تم اختيارها في إطار تحقيق رؤية المملكة 2030.
ويأتي التوجه الجديد الذي على إثره تم توقيع الاتفاقيات الضخمة يوم أمس، ضمن رؤية المملكة 2030، والتي تستهدف تحويل جزء من العقود والمشتريات الاقتصادية المدنية والعسكرية إلى بناء مراكزها ومصانعها ووظائفها داخل المملكة، ففي مجال تقنية الطيران مثلا تم التوقيع على اتفاقيات، إحداها لتجميع وتصنيع طائرات مروحية عسكرية تتضمن استحداث أربعة آلاف وظيفة.
وفي الوقت ذاته هنالك اتفاقيات موجهة لخدمة استراتيجية المملكة لتوطين التقنية المتقدمة، تشمل بناء مصانع لأنظمة الدفاع الحديثة، تهدف إلى توفير نحو 25 ألف وظيفة للسعوديين والسعوديات.
وتعمل الاتفاقيات الموقعة يوم أمس على استهداف خلق وظائف للشباب السعودي بما يلبي حاجات السوق المحلية كما هو الحال مع الاتفاقية الموجهة لتطوير صناعات متعلقة بالطاقة المتجددة للسوق السعودية، والتي تستهدف خلق ألف وظيفة للشباب السعودي.
وفِي نفس مجال خدمة احتياجات السوق السعودية هناك مشاريع مدنية تم توقيع مذكرات تفاهم بشأنها، إحداها للتصوير الإشعاعي وأخرى للسحابة الإلكترونية للخدمات الصحية وثالثة لتصنيع الأجهزة الطبية، وجميعها ستتم إقامتها في المملكة، ومن المتوقع أن تخلق وظائف ذات نوعية متطورة لألف شاب وفتاة سعودية.
ومن المتوقع أن تلعب الاتفاقيات الكبرى الموقعة يوم أمس، أثراً واضحاً على صعيد تعزيز المحتوى المحلي الذي يعنى بتطوير القطاعات الخدمية والصناعية، إذ أن هناك تفاهمات في هذا المجال، إحداها تدرس تطوير عدادات شركة الكهرباء وربطها بالألياف الضوئية، وأخرى لتفعيل نظام معلوماتي متطور لمستشفى الملك فيصل التخصصي.
وتؤسس هذه الاتفاقيات لمشاريع متقدمة ونوعية تتميز بأنها آخر ما توصلت إليه الصناعة والعلم، كما أن هنالك اتفاقيات تم التوقيع عليها تتعلق بتصنيع الذخائر الذكية وأنظمة الدفاع المتطورة، وهي المشاريع التي سيشارك في تصنيعها داخل المملكة أربعة آلاف موظف سعودي.
ومن المؤكد أن الاتفاقيات الموقعة بين السعودية والولايات المتحدة الأميركية يوم أمس، ستلعب دوراً محورياً على صعيد نقل المعرفة والتقنية من أكثر أسواق العالم تطوراً إلى المملكة.
وستفعل عددا من هذه المشاريع الجديدة الميزة الجغرافية الاستراتيجية للمملكة، كما أن جزءا من أهمية هذه المشاريع يرتكز في أنها ستساعد على جذب الاستثمارات إلى الأسواق السعودية.
وتعتبر الشراكات مع الشركات الأميركية الكبرى شهادة على جدية وأهمية التطور الذي يشمل الأنظمة والمرافق المختلفة في المملكة، فعلى سبيل المثال هنالك اتفاقيات تتضمن سلسلة من المشاريع المتعلقة بالتوطين في مجالات السلع والخدمات الموجهة لحقول النفط، ضمن برنامج «اكتفاء»، مما سيخلق آلاف الوظائف للشباب السعودي.
ومن المتوقع أن يثمر دخول شركة «آي بي إم» للسوق السعودية في خلق 38 ألف وظيفة للشباب والفتيات السعوديين ضمن نقل التقنية، فيما ستساهم شركة جنرال إلكتريك في تهيئة 4 آلاف وظيفة متقدمة للسعوديين والسعوديات.
ومن المؤكد أن هذه الاتفاقيات والمذكرات التي تشملها اللقاءات السعودية الأميركية تستهدف أيضا تمكين الشباب من المهارات لإدارة الوظائف المستقبلية، كما أنها تعكس بشكل واضح أن العلاقات الاقتصادية بين السعودية وأميركا، باتت أعمق وأشمل من النفط... حيث تغطي التعليم والتدريب ونقل التقنية وإقامة المصانع الحديثة والاستفادة من قدرات وتجربة السوق الأميركية.
ومن الواضح أن السعودية تركز على المستقبل والتطور من خلال الشراكة مع الولايات المتحدة، التي تعتبر شريكا رئيسيا لتحقيق الأهداف الاقتصادية للمملكة، فيما يعكس ذلك عدد وحجم ونوعية الاتفاقيات ومدتها الزمنية الطويلة، حيث إنها ليست مشتريات بل إنها نشاطات وأعمال مشتركة ومتعددة.



السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».