تركيز تركي على الضمانات الأميركية بشأن الميليشيات الكردية في سوريا

بعدما تأكدت أنقرة من أن ترمب لن يغير موقفه تجاه «قوات سوريا الديمقراطية»

تركيز تركي على الضمانات الأميركية بشأن الميليشيات الكردية في سوريا
TT

تركيز تركي على الضمانات الأميركية بشأن الميليشيات الكردية في سوريا

تركيز تركي على الضمانات الأميركية بشأن الميليشيات الكردية في سوريا

أكدت مصادر دبلوماسية تركية، أن أنقرة ستواصل اتصالاتها مع واشنطن خلال الفترة المقبلة بشأن القرار الأميركي بتسليح الميليشيات التركية، وضمان وفاء واشنطن بتعهداتها فيما يتعلق بضمان عدم انتقال هذه الأسلحة إلى حزب العمال الكردستاني أو تهديد أمن تركيا.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك إدراكا تركيا لحقيقة أن أميركا لن تغير موقفها تجاه أكراد سوريا، وإن الرئيس رجب طيب إردوغان نقل خلال مباحثاته مع نظيره الأميركي دونالد ترمب في واشنطن مساء أول من أمس (الثلاثاء) رسالة واضحة بأن تركيا ستتعامل مع أي تهديد لأمنها من الجانب السوري للحدود بغض النظر عن الدعم الأميركي لميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تعتبرها واشنطن حليفا أساسيا في الحرب على «داعش».
هذا، وبحث وزير الدفاع التركي فكري إيشيك مع نظيره الأميركي جيمس ماتيس مسألة دعم واشنطن للميليشيات الكردية بالسلاح، إلى جانب مكافحة تنظيم داعش الإرهابي في كل من سوريا والعراق خلال المباحثات التي جرت في واشنطن أول من أمس بين الجانبين التركي والأميركي.
وقال مسؤولون في وزارة الدفاع التركية، إن لقاء إيشيك وماتيس تناول المسألة من منظور التعاون بين تركيا والولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب وبخاصة تنظيم داعش الإرهابي، وتم التأكيد على أن تركيا لن تسمح بأي تهديد لحدودها، وستتخذ الإجراءات اللازمة حال الضرورة. وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أكد في المؤتمر الصحافي مع ترمب في ختام مباحثاتهما أن أي دعم يقدم لتنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا يعد أمرا غير مقبول.
وبينما أكدت المصادر أن مباحثات وزيري الدفاع ركزت على الضمانات الخاصة بمنع وصول الأسلحة التي تقدمها أميركا لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية إلى حزب العمال الكردستاني، جددت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) التأكيد على دعمها لتركيا في محاربة تنظيم داعش الإرهابي وحزب العمال الكردستاني وتوسيع خطط التعاون المشترك في هذا المجال. وجاء في بيان للمتحدثة باسم البنتاغون، دانا وايت، أن «العمال الكردستاني» منظمة مدرجة ضمن لوائح التنظيمات الإرهابية الأجنبية لدى واشنطن، باعتباره تنظيما شن هجمات ضد مدنيين وعسكريين أتراك. وأشارت إلى أن ماتيس أبلغ نظيره التركي، بأن واشنطن خططت لرفع مستوى التعاون مع أنقرة فيما يخص مكافحة الحزب. ولفتت وايت إلى أن ماتيس وإيشيك تناولا الأزمة السورية خلال لقائهما في البيت الأبيض، واتفقا على مواصلة التعاون لتخفيف حدة العنف والأزمات الإنسانية في هذا البلد.
في هذه الأثناء، تزامنا مع مباحثات إردوغان وإيشيك في واشنطن، لوح رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم بشن عمليات عسكرية عبر الحدود مع سوريا، في حال لم تقدم واشنطن الضمانات الضرورية لتهدئة قلق أنقرة من الدعم الأميركي لوحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها الحكومة التركية امتدادا لحزب العمال الكردستاني.
وفي السياق نفسه، دعا خبراء أتراك إلى عدم توقع تغيير كبير في الموقفين الأميركي والروسي تجاه أكراد سوريا، لأن الميليشيات الكردية التي تشكل الغالبية في ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) ينظر إليها من جانب كل من موسكو وواشنطن على أنها عامل حقيقي في الوضع في سوريا وعامل فعال في الحرب على «داعش». وقال الخبير الاستراتيجي الأمني، حقي علي يلماظ، لـ«الشرق الأوسط»، إن موسكو ترى ضرورة الحفاظ على اتصالات مع الميليشيات الكردية لمنع أي تصادمات أو تهديدات محتملة لجنودها. وأضاف أن القادة السياسيين والعسكريين يدركون هذا جيدا، ولذلك يسعون للحصول على ضمانات بشأن ابتعاد الأكراد عن الحدود التركية وتجنب الإخلال بالبنية الديموغرافية في الشمال السوري، بما يؤثر على العرب والتركمان.



كيف يؤثر تصنيف «الحوثي» منظمة «إرهابية» على توترات البحر الأحمر؟

مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)
مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)
TT

كيف يؤثر تصنيف «الحوثي» منظمة «إرهابية» على توترات البحر الأحمر؟

مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)
مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)

عودة التصنيف الأميركي لجماعة «الحوثي» منظمة «إرهابية»، لأسباب بينها تهديدها الملاحة بالبحر الأحمر، فتحت تساؤلات بشأن تأثير القرار على وقف الهجمات التي كانت سبباً في تضخم عالمي، وشكاوى دول عديدة بخاصة مصر، مع تراجع إيرادات قناة السويس لنحو 7 مليارات دولار.

ووسط آمال باستعادة الملاحة بالبحر الأحمر نشاطها مع دخول هدنة قطاع غزة حيز التنفيذ قبل أيام، يتوقع خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن يؤثر قرار واشنطن «إيجابياً» على الحد من عمليات الحوثي بالبحر الأحمر، مرجحين أن يكون عام 2025 بداية نهاية تلك العمليات، وأن تبتعد قناة السويس عن خسائرها استفادة من القرار الأميركي.

وأصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء، أمراً بإدراج جماعة الحوثي، بقائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية لأسباب بينها «تهديد استقرار التجارة البحرية العالمية»، مؤكداً أن سياسة بلاده «إنهاء هجماتها» على الشحن البحري، خاصة أنها «هاجمت السفن التجارية المارة عبر باب المندب أكثر من 100 مرة، وأجبرتها على التوجه بعيداً عن البحر الأحمر لممرات أخرى، ما أسهم في ارتفاع التضخم العالمي».

سفينة شحن تعبر قناة السويس (رويترز)

وبهذا يعود ترمب لقرار مماثل اتخذه بولايته الأولى (2017: 2020)، قبل أن يلغيه جو بايدن عقب توليه منصبه عام 2021، «استجابة لمطالب إنسانية»، ثم شهد الوضع تحولاً عقب اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مع شن الحوثيين هجمات على السفن التجارية بدعوى دعم غزة، ليقوم بإدراجهم ضمن قائمة «الإرهابيين العالميين المصنفين بشكل خاص»، وهو تصنيف أقل صرامة يسمح باستمرار المساعدات الإنسانية إلى اليمن.

ولم يعلق الحوثيون على قرار ترمب، غير أنه جاء مع خطوات تهدئة، وإعلان الجماعة الموالية لإيران، الأربعاء، الإفراج عن طاقم السفينة «غالاكسي ليدر» بوساطة عمانية بعد مرور 14 شهراً من احتجازه، فيما عد رئيس مجلس الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، القرار الأميركي، في منشور، الخميس، عبر منصة «إكس»، «مدخلاً للاستقرار في اليمن والمنطقة».

ولم تعلق مصر المتضررة من هجمات الحوثي على قرار ترمب بعد، غير أن تداعيات تلك الهجمات كانت مدار محادثات عديدة، أحدثها، الخميس، بين وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء بالقاهرة، مع نظيره البريطاني ديفيد لامي.

كما بحث سكرتير عام المنظمة البحرية الدولية أرسينيو دومينجيز، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، ونائب وزير الخارجية المصري، السفير أبو بكر حفني، تهدئة الأوضاع بالبحر الأحمر، وأهمية قناة السويس، وفق بيانين منفصلين للخارجية والرئاسة بمصر، يومي الثلاثاء والأربعاء.

وأعاد الرئيس المصري التنبيه لخسائر قناة السويس جراء الأوضاع في البحر الأحمر في كلمة، الأربعاء، باحتفالية عيد الشرطة (25 يناير «كانون الثاني» من كل عام)، قائلاً: «إن انخفاض مواردنا من القناة كان له تأثيره علينا كدولة». فيما كشف رئيس القناة الفريق أسامة ربيع عن أن إيراداتها بلغت 4 مليارات بانخفاض قرابة 7 مليارات دولار خلال عام واحد.

موقف القاهرة

ويعتقد رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد العرابي، أن قرار ترمب «يأتي في إطار إضعاف الحوثيين، إحدى أذرع إيران بالإقليم، بعد تهديدهم لإسرائيل، وحرية الملاحة بالبحر الأحمر»، متوقعاً رداً حوثياً ضد إسرائيل.

وبشأن الموقف المصري، يعتقد العرابي «أن الجماعة الحوثية لا تشكل مشكلة أمنية للقاهرة بل اقتصادية، وكان لهجماتها أثر مباشر على الاقتصاد، لكن لم نتدخل في مواجهة مباشرة سابقاً ولا حالياً بعد قرار ترمب، باعتبار أننا لسنا طرفاً في معركة الحوثيين مع إسرائيل، وكان موقف القاهرة واضحاً بأن وقف حرب غزة سيعيد الأمور لطبيعتها، دون أن يستدعي ذلك أي تدخلات، وهذه سياسة حكيمة مصرية تتوافق مع رؤيتها لأزمات المنطقة وسبل حلها».

ويعتقد الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء سمير فرج، «أن الموقف المصري عادة يميل إلى ألا يكون طرفاً، خاصة وهو يدرك أن حل المشكلة بوقف حرب غزة، وهذا من أطر السياسة الخارجية الحكيمة».

سلاح ذو حدين

ويرى المحلل السياسي اليمني، معين الصيادي، أن قرار ترمب «سيستغله الحوثي لتسويق نفسه أمام الرأي العام المحلي في مناطق سيطرته، بهدف كسب تعاطف الشارع والتهرب من أي تسويات سياسية بشأن الملف اليمني».

ومن المتوقع أن تستغرق عملية إعادة التصنيف عدة أسابيع قبل أن تدخل حيز التنفيذ، ما يمنح الأطراف المعنية وقتاً للتكيف مع الإجراءات الجديدة، وفق ما أوردته «فرانس 24»، الخميس.

ونقلت «رويترز»، الخميس، عن شركة «دي بي وورلد» تقديراً بأن السفن غير المرتبطة بإسرائيل، قد تبدأ في العودة للبحر الأحمر قريباً، ربما خلال أسبوعين فقط، مع تراجع في أسعار الشحن «بما لا يقل عن 20 و25 في المائة» على مدى شهرين إلى ثلاثة أشهر.

ويتوقع العرابي أن يكون للقرار أثر في إضعاف نشاط الحوثيين بالبحر الأحمر، ورجح اللواء فرج أيضاً خفض تصعيدهم، مع عقوبات اقتصادية أميركية أكبر ضدهم.

ويتوقع الصيادي «أن يكون عام 2025 هو بداية نهاية تمدد الجماعة الموالية لإيران حال تم تعزيز القرار بعمليات عسكرية برية وبحرية وجوية، ما يدفعها للقبول بأي حلول سياسية بأقل المكاسب الممكنة».