كيف يؤثر تصنيف «الحوثي» منظمة «إرهابية» على توترات البحر الأحمر؟

وسط شكوى مصرية متكررة من تراجع إيرادات «قناة السويس»

مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)
مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)
TT

كيف يؤثر تصنيف «الحوثي» منظمة «إرهابية» على توترات البحر الأحمر؟

مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)
مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)

عودة التصنيف الأميركي لجماعة «الحوثي» منظمة «إرهابية»، لأسباب بينها تهديدها الملاحة بالبحر الأحمر، فتحت تساؤلات بشأن تأثير القرار على وقف الهجمات التي كانت سبباً في تضخم عالمي، وشكاوى دول عديدة بخاصة مصر، مع تراجع إيرادات قناة السويس لنحو 7 مليارات دولار.

ووسط آمال باستعادة الملاحة بالبحر الأحمر نشاطها مع دخول هدنة قطاع غزة حيز التنفيذ قبل أيام، يتوقع خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن يؤثر قرار واشنطن «إيجابياً» على الحد من عمليات الحوثي بالبحر الأحمر، مرجحين أن يكون عام 2025 بداية نهاية تلك العمليات، وأن تبتعد قناة السويس عن خسائرها استفادة من القرار الأميركي.

وأصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء، أمراً بإدراج جماعة الحوثي، بقائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية لأسباب بينها «تهديد استقرار التجارة البحرية العالمية»، مؤكداً أن سياسة بلاده «إنهاء هجماتها» على الشحن البحري، خاصة أنها «هاجمت السفن التجارية المارة عبر باب المندب أكثر من 100 مرة، وأجبرتها على التوجه بعيداً عن البحر الأحمر لممرات أخرى، ما أسهم في ارتفاع التضخم العالمي».

سفينة شحن تعبر قناة السويس (رويترز)

وبهذا يعود ترمب لقرار مماثل اتخذه بولايته الأولى (2017: 2020)، قبل أن يلغيه جو بايدن عقب توليه منصبه عام 2021، «استجابة لمطالب إنسانية»، ثم شهد الوضع تحولاً عقب اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مع شن الحوثيين هجمات على السفن التجارية بدعوى دعم غزة، ليقوم بإدراجهم ضمن قائمة «الإرهابيين العالميين المصنفين بشكل خاص»، وهو تصنيف أقل صرامة يسمح باستمرار المساعدات الإنسانية إلى اليمن.

ولم يعلق الحوثيون على قرار ترمب، غير أنه جاء مع خطوات تهدئة، وإعلان الجماعة الموالية لإيران، الأربعاء، الإفراج عن طاقم السفينة «غالاكسي ليدر» بوساطة عمانية بعد مرور 14 شهراً من احتجازه، فيما عد رئيس مجلس الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، القرار الأميركي، في منشور، الخميس، عبر منصة «إكس»، «مدخلاً للاستقرار في اليمن والمنطقة».

ولم تعلق مصر المتضررة من هجمات الحوثي على قرار ترمب بعد، غير أن تداعيات تلك الهجمات كانت مدار محادثات عديدة، أحدثها، الخميس، بين وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء بالقاهرة، مع نظيره البريطاني ديفيد لامي.

كما بحث سكرتير عام المنظمة البحرية الدولية أرسينيو دومينجيز، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، ونائب وزير الخارجية المصري، السفير أبو بكر حفني، تهدئة الأوضاع بالبحر الأحمر، وأهمية قناة السويس، وفق بيانين منفصلين للخارجية والرئاسة بمصر، يومي الثلاثاء والأربعاء.

وأعاد الرئيس المصري التنبيه لخسائر قناة السويس جراء الأوضاع في البحر الأحمر في كلمة، الأربعاء، باحتفالية عيد الشرطة (25 يناير «كانون الثاني» من كل عام)، قائلاً: «إن انخفاض مواردنا من القناة كان له تأثيره علينا كدولة». فيما كشف رئيس القناة الفريق أسامة ربيع عن أن إيراداتها بلغت 4 مليارات بانخفاض قرابة 7 مليارات دولار خلال عام واحد.

موقف القاهرة

ويعتقد رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد العرابي، أن قرار ترمب «يأتي في إطار إضعاف الحوثيين، إحدى أذرع إيران بالإقليم، بعد تهديدهم لإسرائيل، وحرية الملاحة بالبحر الأحمر»، متوقعاً رداً حوثياً ضد إسرائيل.

وبشأن الموقف المصري، يعتقد العرابي «أن الجماعة الحوثية لا تشكل مشكلة أمنية للقاهرة بل اقتصادية، وكان لهجماتها أثر مباشر على الاقتصاد، لكن لم نتدخل في مواجهة مباشرة سابقاً ولا حالياً بعد قرار ترمب، باعتبار أننا لسنا طرفاً في معركة الحوثيين مع إسرائيل، وكان موقف القاهرة واضحاً بأن وقف حرب غزة سيعيد الأمور لطبيعتها، دون أن يستدعي ذلك أي تدخلات، وهذه سياسة حكيمة مصرية تتوافق مع رؤيتها لأزمات المنطقة وسبل حلها».

ويعتقد الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء سمير فرج، «أن الموقف المصري عادة يميل إلى ألا يكون طرفاً، خاصة وهو يدرك أن حل المشكلة بوقف حرب غزة، وهذا من أطر السياسة الخارجية الحكيمة».

سلاح ذو حدين

ويرى المحلل السياسي اليمني، معين الصيادي، أن قرار ترمب «سيستغله الحوثي لتسويق نفسه أمام الرأي العام المحلي في مناطق سيطرته، بهدف كسب تعاطف الشارع والتهرب من أي تسويات سياسية بشأن الملف اليمني».

ومن المتوقع أن تستغرق عملية إعادة التصنيف عدة أسابيع قبل أن تدخل حيز التنفيذ، ما يمنح الأطراف المعنية وقتاً للتكيف مع الإجراءات الجديدة، وفق ما أوردته «فرانس 24»، الخميس.

ونقلت «رويترز»، الخميس، عن شركة «دي بي وورلد» تقديراً بأن السفن غير المرتبطة بإسرائيل، قد تبدأ في العودة للبحر الأحمر قريباً، ربما خلال أسبوعين فقط، مع تراجع في أسعار الشحن «بما لا يقل عن 20 و25 في المائة» على مدى شهرين إلى ثلاثة أشهر.

ويتوقع العرابي أن يكون للقرار أثر في إضعاف نشاط الحوثيين بالبحر الأحمر، ورجح اللواء فرج أيضاً خفض تصعيدهم، مع عقوبات اقتصادية أميركية أكبر ضدهم.

ويتوقع الصيادي «أن يكون عام 2025 هو بداية نهاية تمدد الجماعة الموالية لإيران حال تم تعزيز القرار بعمليات عسكرية برية وبحرية وجوية، ما يدفعها للقبول بأي حلول سياسية بأقل المكاسب الممكنة».


مقالات ذات صلة

انقلابيو اليمن يتعسفون منتسبي هيئة رقابة عمومية في صنعاء

العالم العربي جانب من احتجاجات الموظفات في هيئة المواصفات ضد فساد قيادات حوثية (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يتعسفون منتسبي هيئة رقابة عمومية في صنعاء

أحالت الجماعة الحوثية موظفات في هيئة المواصفات والمقاييس للتحقيق بسبب رفضهن للفساد، بينما تعمل على حوثنة الهيئة بعشرات التعيينات.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي الحرمان الشديد من الغذاء في اليمن وصل إلى 42% في نهاية 2024 (الأمم المتحدة)

70 % من نازحي اليمن لا يحصلون على الحد الأدنى من الغذاء

كشف برنامج الأغذية العالمي عن تردٍّ غير مسبوق للأوضاع المعيشية للنازحين داخلياً في اليمن، وأكد أن 70 في المائة منهم لا يحصلون على الحد الأدنى من الغذاء.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي اتهامات يمنية للجماعة الحوثية باستثمار مواجهتها للغرب وإسرائيل ضد السكان المحليين (رويترز)

الحوثيون يستثمرون مزاعم مواجهة إسرائيل بالتوسع محلياً

لجأت الجماعة الحوثية إلى استثمار مزاعمها في مواجهة إسرائيل والغرب بالسعي لتحقيق مكاسب عبر توسيع نفوذها محلياً، بينما يتوقع المتابعون استمرار التصعيد الخارجي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني لدى لقائه السفير الأميركي ستيفن فاجن (سبأ)

الزنداني: تصنيف الحوثيين إرهابيين خطوة لتجفيف تمويلهم

جدَّد وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني، ترحيب بلاده بتصنيف واشنطن الحوثيين «جماعة إرهابية أجنبية»، ورأى في هذا القرار خطوة لتجفيف منابع تمويلهم وداعميهم.

علي ربيع (عدن)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (د.ب.أ) play-circle

السيسي يؤكد أهمية استعادة الأمن والملاحة في البحر الأحمر وباب المندب

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم (الأحد)، أهمية العمل المشترك لاستعادة الأمن في مضيق باب المندب، وحركة الملاحة في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

لجنة أممية توثّق نهباً «منهجياً» لممتلكات نازحين خلال النزاع السوري

لجنة أممية توثّق نهباً منهجياً لممتلكات النازحين السوريين (أ.ف.ب)
لجنة أممية توثّق نهباً منهجياً لممتلكات النازحين السوريين (أ.ف.ب)
TT

لجنة أممية توثّق نهباً «منهجياً» لممتلكات نازحين خلال النزاع السوري

لجنة أممية توثّق نهباً منهجياً لممتلكات النازحين السوريين (أ.ف.ب)
لجنة أممية توثّق نهباً منهجياً لممتلكات النازحين السوريين (أ.ف.ب)

أفادت لجنة تابعة للأمم المتحدة، الخميس، بأنها وثّقت تدميراً ونهباً منهجياً لممتلكات نازحين خلال الحرب السورية، محذّرة من تغيير ديموغرافي بعد نحو شهرين من إطاحة بشار الأسد.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وثَّقت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا «نهباً واسع النطاق بلغ حدود تفكيك وتدمير منازل بكاملها في شكل منهجي في جميع المناطق»، وفقاً لملخص تقرير أعدته.

واستخدمت اللجنة صور أقمار اصطناعية ومقاطع مصورة وصوراً فوتوغرافية موثقة وشهادات لإعداد التقرير الذي أنجزته في السادس من ديسمبر (كانون الأول)، أي قبل يومين من إطاحة الأسد.

وأورد ملخص التقرير أن المناطق الأكثر تضرراً «تناوب أطراف كثيرون على السيطرة عليها خلال النزاع»، لافتاً إلى أن نهبها «ترافق غالباً مع انتهاكات خطيرة أخرى لحقوق الإنسان»، محمّلاً المسؤولية على السواء للقوات الحكومية ولفصائل مسلحة.

وأضاف أن «التركيبة الديموغرافية للكثير من القرى والبلدات والمدن تغيرت وربما في شكل دائم».

اندلع النزاع في سوريا عام 2011 بقمع السلطات للاحتجاجات المناهضة للحكومة، وتحول صراعاً معقداً أسفر عن مقتل أكثر من 500 ألف شخص ونزوح الملايين داخل البلاد وخارجها.

وأفادت منظمات حقوقية بحصول عمليات نهب وسلب ومصادرة للممتلكات أثناء النزاع، سواء في المناطق التي كانت تحت سيطرة النظام السابق أو تلك التي كانت خارج سيطرته.

ولفت التقرير إلى أن قوات النظام سرقت في مناطق النزوح لوازم منزلية و«فكّكت أيضاً أسقفاً وأبواباً ونوافذ وقضباناً حديدية وأسلاكاً كهربائية وأدوات سباكة؛ ما جعل أحياء بكاملها غير صالحة للسكن».

وقالت اللجنة إن «قوات النظام السابق ارتكبت عمليات نهب واسعة ومنهجية غالباً في مناطق سيطرتها»، حيث أظهرت التحقيقات أن «النهب المنهجي تم تنسيقه من عناصر من الجيش السوري السابق... وقوات الأمن والميليشيات التابعة له».

وأضاف التقرير أن القوات أبرمت صفقات مع مقاولين وتجار، بحيث بيعت السلع المنهوبة أحياناً في أسواق أنشئت خصيصاً لهذا الغرض. وفي المناطق التي تسيطر عليها فصائل مسلحة معارضة، أفاد المحققون عن عمليات نهب أكثر «انتهازية... وإن كانت أحياناً ذات بعد طائفي».

وتابع أن غالب ما تم نهبه في مناطق المعارضة «منقولات»، كما تم «الاستيلاء على منازل أو احتلالها في كثير من الأحيان لإيواء مقاتلين ومدنيين نازحين».

بعد إطاحة الأسد في 8 كانون ديسمبر (كانون الأول) إثر هجوم خاطف قادته «هيئة تحرير الشام»، حذّر التقرير أيضاً من نهب المنازل في المناطق التي تمت السيطرة عليها حديثاً، وحثّ جميع الأطراف على «منع ومعاقبة النهب» وحماية الممتلكات.

ولاحظ التقرير أن «الإفلات من العقاب على جريمة الحرب المتمثلة في النهب كان شبه كامل في سوريا»، محذراً من أن الفشل في منع الانتهاكات يهدّد «بتأجيج مزيد من المظالم» والتسبب بـ«جولات جديدة من العنف والنزوح».