«غرابيب سود» يكشف ممارسات «داعش» وذرائعه وخطورة مسالكه

«إم بي سي» تستعد لعرض المسلسل في رمضان بمشاركة ممثلين من مختلف الدول العربية

محمد الأحمد  -  مروة محمد
محمد الأحمد - مروة محمد
TT

«غرابيب سود» يكشف ممارسات «داعش» وذرائعه وخطورة مسالكه

محمد الأحمد  -  مروة محمد
محمد الأحمد - مروة محمد

مسلسل جديد يستعد تلفزيون «إم بي سي» لعرضه في موسم رمضان المقبل، مستمداً حبكته الدرامية من «الحالة الداعشية» وتفاصيلها المأخوذة من أرض الواقع، التي روتها شخصيات حقيقية عايشت التنظيم. ويتطرّق مسلسل «غرابيب سود» إلى الوسائل التي يستخدمها التنظيم الإرهابي «داعش»، للتواصل مع الشبان والشابات في المجتمعات العربية والغربية والأساليب التي ينتهجها في الولوج إلى عقولهم عبر نقاط ضعفهم. كما يفضح العمل جرائم التنظيم المنحرفة وطرقه الوحشية في القمع والإجرام والتعامل مع أفراده والمنتسبين الجدد وخصوصاً الأطفال والنساء، مسلّطاً الضوء على بنيته التنظيمية، وتسلسل الهرم القيادي؛ وذلك من خلال فضح الإرهاب وتعرية غاياته، والتركيز على التفاعلات المريضة والمنحرفة لقادته.
ويرى المتفرج في أحد مشاهد العمل، حافلة نسائية تُقِلّ مجموعة من الفتيات المنضمّات إلى التنظيم، حيث تكمُن وراء كل واحدة منهن قصة مختلفة لكيفية تجنيدها والتحاقها بـ«داعش». أغلب تلك القصص حقيقية وتفاصيلها واقعية في كثيرٍ من جوانبها. وسرعان ما تبدأ الخطوط تتكشف عن الممارسات التي ينتهجها التنظيم في إغواء المنتسبين والمنتسبات له، تارة تحت ذريعة الدين، وطوراً عبر استثارة الغرائز والأحقاد والعصبيات.
يتعرّف المشاهد على عمليات غسل الأدمغة، من خلال تطويع بعض النصوص الدينية وتحريفها وإخراجها من سياقها الموضوعي، بما يتناسب مع غايات التنظيم الإرهابي السياسية.
ومع تصاعد وتيرة الحبكة، يتابع المشاهد كيف تُستغل الذرائع نفسها لامتهان المرأة وزجّها فيما يسمّى بـ«جهاد النكاح»، فيما يقذف بالشبان والفتية، بل وحتى الأطفال إلى الموت. كل ذلك تتم معالجته من خلال القصص المتقاطعة في العمل، وحياة كل شاب وفتاة ينتهي بهم المطاف فرائس في براثن الإرهاب. ولاحقاً، يرصد «غرابيب سود» ما يحدث للمنتسبين الجدد، إذ سرعان ما يفتر حماسهم ما أن يبدأوا باكتشاف حقيقة التنظيم المُرّة.
في المسلسل نشاهد أيضاً النساء الملتحقات بالتنظيم، وذلك عبر عدّة نماذج. فمنهن الباحثات عن المال، والفارّات من حياة يائسة نتيجة ظروفهن، ومنهن اللواتي تدفعهن حالاتهن النفسية والاجتماعية إلى الرغبة في خوض تجارب ومغامرات، وسرعان ما يُصدمن بحقيقتها. وغيرهنّ ممن خضعن لعمليات غسيل أدمغة ممنهج. إضافة إلى نساء جئن من مجتمعات غربية بعد أن غُرِّر بهنّ. كما يتطرّق العمل في بعض جوانبه إلى «الجناح العسكري» النسائي المُرتكز في السياق الدرامي للعمل على كتيبتي «أم الريحان» و«الخنساء».
هناك أيضاً في المسلسل الأمير، وهو المدير المركزي للخلية، ويتكئ بدوره على مسؤول الإفتاء الذي يفصّل ويفسّر الأحاديث والآيات. إلى ذلك، نجد ديوان المال والمسؤول عنه الذي يحافظ على تحقيق موازنة مالية تضمن ولاء الجانب العسكري من ناحية، ودعم كل إمكانات الدولة التسليحية، وعمليات الجهاد الإلكتروني وغيرها من ناحية أخرى... وهناك أيضاً المشرف على الأطفال وكيفية تطويعهم وتدريبهم وإعدادهم عسكرياً، ومسؤول آخر عن تجهيز الهجمات الانتحارية... وغيرهم ممن لا يغفلهم العمل.
يتطرّق العمل في بعض جوانبه إلى كيفية تجنيد الأطفال والتلاعب بأفكارهم والتعامل مع أطفالٍ آخرين أصغر سناً أنجبتهم أمهاتهم من خلال ما يُسمّى بـ«جهاد النكاح»، وغيرهم ممن انتسبوا إلى التنظيم قادمين قسرياً مع ذويهم الذين تركوا بلدانهم لغرض ما، يسمّونه بمفهومهم «الجهاد». وفي خضم العنف والإرهاب، يجد المشاهد نفسه أمام حكايات حب وغيرة وزواج وطلاق وحمل وغيرها من القضايا الإنسانية والاجتماعية ذات الأبعاد الدرامية المؤثرة.
في البداية تُسلّط الحلقات الضوء على الجانب النسائي في التنظيم، بما في ذلك حالات الصمت والخوف التي ترسم علاقة الفتيات المُجنّدات ببعضهن البعض. كما يتابع المشاهد كل حالة من تلك الحالات منذ بدايتها، والارتدادات النفسية لكل حالة لاحقاً، إلى جانب محاولات النساء القسرية للتكيف من دون جدوى.
لاحقاً يرتفع إيقاع الأحداث وتبدأ الخطوط الدرامية بالتقاطع، حيث تسقط الأقنعة وتنقسم الصفوف في الخفاء. وتنشأ علاقات إنسانية بين الفتيات اللواتي يتشاركن المصير ذاته، إلى جانب قصص حب بين نساء ورجال ممن التحقن بالتنظيم ويتشاركون الإحساس بالضياع والارتباك والندم، فتبدأ في هذه المرحلة انقلابات داخلية ليصبح الحاكم محكوماً والعكس.
تصل الحبكة إلى قمّتها الدرامية قبل أن تسير باتجاه خواتمها، فتنتهي قصص البعض بالقتل، وهناك آخرون يلقون حتفهم في تفجيرات انتحارية... فتتوزّع مصائر معظم الشخصيات في العمل ما بين أن يكونوا قتلة أو مقتولين.
يشارك في العمل ممثلون من مختلف الدول العربية، بينهم: راشد الشمراني من السعودية، وسيد رجب من مصر، ومحمد الأحمد من سوريا، وعزيز خيون من العراق، ودينا من مصر، ومنى شداد من الكويت، ومروة محمد من السعودية، وأسيل عمران من السعودية، ومرام البلوشي من الكويت، وسارة محمد من الكويت، وفاطمة ناصر من تونس، وسمر علام من مصر، ويعقوب الفرحان من السعودية، ومحمود بو شهري من الكويت، وعيسى ذياب من الكويت، وشادي الصفدي من سوريا، وغيرهم.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».