المغرب يتهم جهات خارجية بدعم احتجاجات الريف

حذر من الترويج للانفصال ونشر الفتنة في المنطقة

المغرب يتهم جهات خارجية بدعم احتجاجات الريف
TT

المغرب يتهم جهات خارجية بدعم احتجاجات الريف

المغرب يتهم جهات خارجية بدعم احتجاجات الريف

أعلن المغرب أنه لن يسمح بالمس بثوابت البلاد ونشر الفتنة في منطقة الريف، وذلك ردا على الاحتجاجات المتواصلة في إقليم الحسيمة منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التي ترى السلطات أنها تتلقى دعما من الخارج.
واجتمع عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية مساء أول من أمس للمرة الأولى بقادة أحزاب الغالبية الحكومية لمناقشة الأوضاع في الإقليم، وأكدت أحزاب الأغلبية الحكومية عقب اللقاء أن «المغرب لا يمكنه أن يتسامح مع المس بالثوابت والمقدسات الوطنية من خلال الركوب على مطالب اجتماعية لسكان إقليم الحسيمة، بشكل يمس بالوحدة الترابية، ويروج لأفكار هدامة تخلق الفتنة في المنطقة».
واندلعت الاحتجاجات في الحسيمة بعد مقتل بائع السمك محسن فكري (30 عاما) في أواخر أكتوبر الماضي عندما علق في مطحنة شاحنة لنقل النفايات، بينما كان يحاول استخراج بضاعة له صادرتها الشرطة، من سمك أبو سيف المحظور صيده في المغرب في تلك الفترة من السنة. وقد أثار موت فكري بتلك الطريقة المفجعة موجة غضب عارمة في الحسيمة، حيث خرج الآلاف في مظاهرات، تطالب بمعاقبة المسؤولين عن الحادث، بالإضافة إلى تحقيق مطالب اجتماعية لسكان المنطقة، وهم من الأمازيغ، ورفع التهميش عنها، إلا أن الاحتجاجات التي دامت نحو ستة أشهر أخذت منحى آخر عندما بدأ عدد من المحتجين رفع أعلام خاصة بمنطقة الريف، حيث رأت السلطات أن الداعمين لما يسمى «الحراك الشعبي» لديهم نيات انفصالية مدعومة من الخارج.
وسبق لنشطاء الحراك في الريف أن نفوا أن تكون للاحتجاجات أهداف انفصالية، إلا أنهم لا يخفون تلقيهم الدعم والمساندة من جمعيات ومنظمات في أوروبا، يقودها مهاجرون مغاربة ينتمون إلى منطقة الريف.
وردا على استمرار المظاهرات، قالت أحزاب الأغلبية إن «الاحتجاجات الاجتماعية يجب أن تكون في إطار القانون، مع عدم الإضرار بالمصالح العامة والخاصة والممتلكات العمومية والخصوصية، وكذلك الحذر من أي علاقات بالخارج والدعم الذي يقدمه»، مؤكدة أن «هذه أمور لا يمكن للمغرب أن يتسامح معها».
وأدلى عدد من القياديين في أحزاب الأغلبية عقب لقائهم وزير الداخلية بتصريحات حول تلك الاحتجاجات، وفي هذا السياق، قال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة ورئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، إن المطالب الاجتماعية للسكان لا بد من تلبيتها والاهتمام بها، ليس فقط في إقليم الحسيمة، بل أيضا في مختلف الأقاليم أو الجهات التي شهدت تأخرا في الورشات التنموية لأسباب متعددة، وفقا لما أوردته وكالة الأنباء المغربية.
وأبرز العثماني أن التعامل مع الاحتجاجات الاجتماعية يجب أن يكون في إطار القانون، مؤكدا أن الحكومة ستحاول ما أمكن تسريع ورشات البرنامج، الذي أشرف على إطلاقه الملك محمد السادس، والذي يحمل اسم «الحسيمة منارة المتوسط».
ورأى مراقبون في اجتماع وزير الداخلية بأحزاب الأغلبية وإعلان الموقف من أحداث الريف مقدمة لنية السلطات التحرك من أجل التدخل لإنهاء الاحتجاجات، بعدما فشلت بعض الإجراءات التي اتخذت، ومنها إعفاء محافظ الحسيمة، من تقليص موجة الغضب.
وقال رشيد الطالبي العلمي، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، إن الأوضاع في إقليم الحسيمة تطورت بشكل طبيعي في البداية، لكنها سرعان ما بدأت تعرف «بعض الانحرافات قادتها مجموعة مسخرة من الخارج لم يفلح معها الحوار»، موضحا أن «كل العناصر تتبث بأن أفراد هذه المجموعة منخرطون في مسلسل التمويل من الخارج من قبل خصوم الوحدة الترابية».
وأوضح العلمي أن حزب التجمع الوطني للأحرار لا يمكنه القبول بهذا الوضع، ويطالب بتطبيق القانون في حق الأشخاص «الذين يقومون بتخريب الممتلكات العامة والترويج لأفكار هدامة الغرض منها خلق الفتنة في المنطقة».
من جهته، أكد سعيد أمسكان، عضو المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية، أن الحزب «بقدر ما هو مع المطالبة بكل حق مشروع من طرف المواطنين، بقدر ما يرفض ويدين كل ما من شأنه أن يمس بالثوابت والمقدسات أو بتماسك الأمة ووحدة الوطن»، مضيفا أن هذا موقف جميع المغاربة من دون استثناء. أما إدريس لشكر، الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فأكد أن «المطالب والاحتجاجات تؤطرها وسائط البناء المؤسساتي في البلاد التي تخضع للقانون»، معتبرا أن كل تعبير يخرق القانون أو يمس بالأملاك العامة أو بحريات الآخرين لا يدخل أبدا في إطار دولة المؤسسات والقانون التي يجب أن تحمي الحقوق والحريات في إطار الواجب المفروض».
من جانبه، قال محمد ساجد، الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري، إن هذه المطالب التي كانت في البداية مشروعة «تحولت في الآونة الأخيرة إلى مطالب تمس بثوابت البلد»، مؤكدا أن الحزب يطالب بتطبيق القانون في حق النشطاء «الذين يقومون بهذه الأعمال التي تخرب وتشكك في الوحدة الترابية للمملكة».
بدوره قال خالد الناصري، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، إن «خرافة المطالب الاجتماعية سرعان ما تبخرت بإقليم الحسيمة»، مسجلا أن هناك تطاولا على المطالب الاجتماعية من خلال القفز على الخط الأحمر لهذه المطالب بنفس انفصالي بكل ما تحمل الكلمة من معنى»، مضيفا أن «المملكة التي تبني ديمقراطيتها وعدالتها الاجتماعية لا يمكنها أن تقبل بذلك».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.