نصر الله يعلن تفكيك قواته على الحدود الشرقية بعد «إنجاز مهمتها»

نصر الله يعلن تفكيك قواته على الحدود الشرقية بعد «إنجاز مهمتها»
TT

نصر الله يعلن تفكيك قواته على الحدود الشرقية بعد «إنجاز مهمتها»

نصر الله يعلن تفكيك قواته على الحدود الشرقية بعد «إنجاز مهمتها»

أعلن الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، أمس، تفكيك قواته على الحدود اللبنانية الشرقية مع سوريا، بعدما «أنجزت مهمتها هناك». وأوضح أن «الأمور باتت متروكة للدولة اللبنانية». إلا أن نصر الله اعترف بأن «لا أفق للمعركة في جرود عرسال». ودعا إلى «تعاون مع النظام السوري لحل مشكلة تواجد المسلحين على الحدود اللبنانية السورية»، مشيراً إلى أن الحزب «سيبقى سنداً قوياً لحماية البلدات البقاعية من التنظيمات الإرهابية».
كلام نصر الله جاء في خطاب ألقاه أمس في الذكرى السنوية الأولى لاغتيال قائده العسكري مصطفى بدر الدين في سوريا. وجاء في الخطاب، أن «التطورات إيجابية عند الحدود الشرقية بين لبنان وسوريا، والحدود أصبحت آمنة بدرجة كبيرة. ونحن في المقاومة دخلنا إلى تلك الجبال وقضينا ليالي وأياماً صعبة، وقدمنا الشهداء، والآن لم يعد هناك أي داعٍ لتواجدنا». وأضاف: «فككنا وسنفكك بقية مواقعنا العسكرية على الحدود من الجهة اللبنانية؛ لأن مهمتنا أنجزت، ومن اليوم المسؤولية تقع على الدولة، نحن لسنا بديلاً عن الدولة اللبنانية وعن الجيش اللبناني، والأمور في السلسلة الشرقية باتت متروكة للدولة».
ولكن، رغم إعلانه انتهاء مهمة حزبه على الحدود الشرقية، فإنه اعترف نصر الله بأنه «لا أفق للمعركة التي تدور في جرود عرسال». وتابع: «نحن جاهزون أن نضمن تسوية؛ لأن الدولة ليست مستعدة للتفاوض مع الحكومة السورية. ونحن جاهزون بالنسبة للنازحين الموجودين في مخيمات عرسال أن نتواصل مع النظام في سوريا لإعادة أكبر عدد منهم إلى قراهم وبلداتهم وهذا أمر لا مشكلة فيه»، داعياً إلى «التعاون لأن التواجد المسلح في الجرود بات عبئاً على عرسال وعلى الناس؛ لذلك الأفضل أن تعالج هذه الأمور بهذه المناطق حقنا للدماء، وإذا كان هناك في الداخل أو في الخارج يريد تشغيل هذه الجماعات لاستنزاف لبنان لا المقاومة».
من جهة ثانية، تحدث نصر الله عما أسماه «انسجام كبير بين حلفاء النظام السوري»، معتبراً أن «اليد العليا هي للجيش السوري ولحلفائه، هناك تطور في الشمال والجنوب وعلى الحدود السورية العراقية، و(الرئيس الأميركي دونالد) ترمب سيأتي إلى المملكة العربية السعودية، وسيبحث طبعا أزمة سوريا واليمن والعراق ولبنان»، قبل أن يقول: إن الحزب «ليست له أطماع في سوريا، ومتى حقق الأهداف التي دخل من أجلها، أو طلب منه النظام الانسحاب سينسحب».
وفي الشق اللبناني، لفت نصر الله إلى وجود «أمل حقيقي في الوصول إلى قانون انتخابي جديد»، مضيفا: «الأمور اقتربت كثيرا من بعضها بعضا، وأنا أقول لكل القوى، مهما كانت الاعتبارات - لا يجب أن نترك الحوار؛ لأن لا طريق آخر للوصول إلى حل». ومن ثم دعا إلى «تهدئة الخطاب السياسي في البلد وتهدئة البال؛ لأن تصعيد الخطاب السياسي لا يوصل إلى قانون انتخاب، بل يعقد إمكانية الوصول إلى قانون انتخاب».
وفي الشق الإسرائيلي، أشار إلى أن «الكلام عن الحرب الإسرائيلية على لبنان و(حزب الله) وعلى المقاومة، هو جزء من الحرب النفسية والمعتادة والطبيعية، ولا يجوز أن يخضع لها الشعب اللبناني لأن هذا الكلام ليس بجديد». ورأى أن «الإسرائيلي يتكلم عن الحرب المقبلة ومجرد الكلام عن أن الأمور جدية ينفي الإسرائيلي أن نيته جدية، وهذا يكشف أن حرب تموز عام 2006 حفرت عميقا في إسرائيل».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم