«مهرجان لوسائل التواصل الاجتماعي» في لبنان تستقطب مشاهير السياسة والإعلام

خلال توزيع الجوائز لمشاهير الإعلام والسياسة في «مهرجان الشرق الأوسط» لوسائل التواصل الاجتماعي
خلال توزيع الجوائز لمشاهير الإعلام والسياسة في «مهرجان الشرق الأوسط» لوسائل التواصل الاجتماعي
TT

«مهرجان لوسائل التواصل الاجتماعي» في لبنان تستقطب مشاهير السياسة والإعلام

خلال توزيع الجوائز لمشاهير الإعلام والسياسة في «مهرجان الشرق الأوسط» لوسائل التواصل الاجتماعي
خلال توزيع الجوائز لمشاهير الإعلام والسياسة في «مهرجان الشرق الأوسط» لوسائل التواصل الاجتماعي

يختتم اليوم «مهرجان الشرق الأوسط لوسائل التواصل الاجتماعي» (Middle east social media festival) أعماله، بعد أن استضافته بيروت في نسخته الثالثة.
فعلى مدى يومين متتاليين (10 و11 الجاري)، شهدت العاصمة اللبنانية، أحد أهم النشاطات الملمّة بعالم التواصل الاجتماعي، من خلال محاضرات وورشات عمل، تناولت أهميته في عالم الأعمال اليوم. كما شرح المشاركون الدور الذي تلعبه تلك الوسائل من خلال المحتوى الذي تتضمنه، خصوصاً أنه صار بمثابة المعضلة التي تعاني منها غالبية مستخدميه.
«أمر يلزمه المعرفة والخبرة. فتحنا مناقشات واسعة بشأن تواجد الجميع اليوم، على هذه الوسائل، إلا أن عدداً كبيراً منهم لا يعرف الطريقة الأنسب لاستقطاب الزبون من خلال محتوى مفيد وجذّاب في الوقت نفسه». هذا ما قاله جو غنطوس أحد منظمي المهرجان في حديث لـ«الشرق الأوسط»، وأضاف: «مهما كانت طبيعة عمل المستخدم فعليه أن يملك خبرة في هذا الموضوع، وإلا وصل إلى طريق مسدود. ومن هنا انطلقنا في أعمال المهرجان، وأقمنا ورش عمل ومساحات حرة ولقاءات تفاعلية، تتناول سرّ المحتوى المميز والناجح لنبقى متواجدين في هذا العالم الشاسع ولنستمر».
ما هي القصة الحقيقية لهذا العالم؟ ما هو مدى تأثيرها على الشخص الآخر؟ ما هو دور وسائل التواصل الاجتماعية في أعمال التسويق وفي الشركات الكبرى؟ كيف نحمي أنفسنا من القرصنة؟ وغيرها من المواضيع التي تتعلّق بعملية استخدام وسائل التواصل تلك، تناولها المهرجان، مشدداً على موضوع كيفية استعمالها بطريقة سليمة من دون الوقوع بأخطاء فادحة. كما سنح المجال أمام خريجي الجامعات ورجال الأعمال بالتعرّف إلى الاتجاهات الحديثة في هذا المضمار التي تشهد تطورات سريعة بين يوم وآخر.
استقطب المهرجان الذي نُظّم في الجامعة العربية في بيروت، مشاهير المجتمع اللبناني من إعلاميين وسياسيين وفنانين. وخصّص بالتالي محاضرات وطاولات مستديرة لهؤلاء، كي يتزوّدوا بخبرة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فيما لوحظ من ناحية أخرى قدرات وتأثير شريحة لا يستهان بها منهم، ونجاحهم في استقطاب آلاف المتابعين لهم، مكرّماً إياهم بجوائز خاصة للدلالة على تفوّقهم في هذا الشأن.
ويوضح غنطوس في سياق حديثه: «هي جوائز لشخصيات لبنانية تركت أثرها الكبير على هذه الوسائل، فتابعها الآلاف لأنها عرفت كيف تخاطبهم وتتفاعل معهم. فالموضوع يلزمه فنّ التعاطي مع الآخر، واختيار مواضيع جذابة، وهو ما ارتكز عليه هؤلاء، فباتوا شخصيات شهيرة عبر حساباتهم الخاصة على الصفحات الإلكترونية من (فيسبوك وتويتر وإنستغرام)».
7 جوائز لـ7 شخصيات وزّعت في المهرجان، تقدّمها من أهل السياسة الوزير السابق إلياس بو صعب، فيما حصدها من عالم الإعلام كلّ من المذيعة ريما نجيم، والمقدّم التلفزيوني هشام حداد. كما خصّص المهرجان جوائز أخرى لمدوني «بلوغرز» المعروفين في لبنان الذين حقّقوا انتشارا واسعا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي كنجيب متري، وجيمي غزال.
وتنوّعت نشاطات المهرجان ما بين تعليمية وتثقيفية تدور في إطار إعطاء إرشادات قصيرة عن كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من قبل أناس عاديين، مشرعاً الباب أمامهم حول كيفية إيجاد فرص العمل عبرها. كذلك خصص ندوات ولقاءات خاصة مع أهل السياسة الراغبين في تطوير أدائهم على وسائل التواصل الاجتماعي. ويشرح غنطوس: «على هؤلاء أن يضعوا استراتيجية وأجندة عمل واضحتين تمثلان الانطلاقة الصحيحة لهم في هذا الإطار»، ويتابع: «من هذا المنطلق أقمنا ورش عمل خاصة بأهل السياسة، ألقت الضوء على التغيير الذي يمكن أن تحققه هذه الوسائل في عالمهم، وكذلك على نقاط التشابه ما بين الاثنين «السياسة والوسائل الاجتماعية».
واستضاف المهرجان خبراء في عالم التواصل الاجتماعي من خارج لبنان، أمثال رولان أبي نجم الذي يعمل في وزارة الإعلام الكويتية، كما استضاف آخرين متخصصين في العلاقات العامة والتسويق (رولا نحاس)، وفي استراتيجية التسويق الإلكتروني والتدرّب على مزاولته «جوزيف يعقوب» وغيرهم.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».