بوتين يقترح تحول المناطق الآمنة في سوريا إلى «مناطق حظر جوي»

استمرار الخلاف مع إردوغان حول خان شيخون و«قوات سوريا الديمقراطية»

الرئيس الروسي يرحب بنظيره التركي في منتجع سوتشي أمس حيث أجريا مناقشات تركزت على الشأن السوري (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي يرحب بنظيره التركي في منتجع سوتشي أمس حيث أجريا مناقشات تركزت على الشأن السوري (أ.ف.ب)
TT

بوتين يقترح تحول المناطق الآمنة في سوريا إلى «مناطق حظر جوي»

الرئيس الروسي يرحب بنظيره التركي في منتجع سوتشي أمس حيث أجريا مناقشات تركزت على الشأن السوري (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي يرحب بنظيره التركي في منتجع سوتشي أمس حيث أجريا مناقشات تركزت على الشأن السوري (أ.ف.ب)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان في سوتشي, أنه إذا تمت إقامة منطقة تخفيف التصعيد، فحينئذ لن يحلق فوقها الطيران، شرط ألا يسجل أي نشاط عسكري في تلك المناطق.
وأكد بوتين أنه بحث مسألة هذه المناطق الآمنة المقترحة، مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال محادثتهما الهاتفية مساء الثلاثاء. وقال بتحفظ: «إذا كنت فهمت الأمور جيدا، فإن الإدارة الأميركية تدعم هذه الفكرة».
وقال بوتين إن هذه المناطق يجب أن تشجع على إجراء «حوار سياسي بين الأطراف المتحاربة. وهذه العملية السياسية يجب أن تقود في نهاية المطاف إلى استعادة كاملة لوحدة أراضي البلاد». وأضاف الرئيس الروسي أن محاربة «التنظيمات الإرهابية» مثل تنظيم داعش أو «جبهة فتح الشام»، («القاعدة» سابقا)، ستتواصل رغم احتمال إقرار هذه المناطق الآمنة.
من جهته، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إنه بحث مع نظيره الروسي إقامة هذه المناطق «على الخريطة»، داعيا إلى اعتماد هذه الفكرة في آستانة، حيث بدأت الجولة الرابعة من المفاوضات بين فصائل معارضة سورية ووفد النظام قبل أن تعلق. ووصف إردوغان ما يجري في سوريا بـ«حلقة دامية» مستمرة منذ 6 سنوات، وقال إن بلاده لا يمكنها التغاضي عن تلك المأساة وعن قتل الأطفال والشيوخ والنساء بكل أنواع الأسلحة بما في ذلك بالسلاح الكيماوي، في إشارة منه إلى جرائم النظام السوري.
وعلى الرغم من تراكم ملفات مهمة عدة في العلاقات الثنائية بين البلدين، فإن محادثات أمس، كما معظم محادثات الرئيسين الروسي والتركي في الآونة الأخيرة، ركزت بصورة خاصة على تطورات الأزمة السورية.
وفي هذا السياق، أكد إردوغان وجود رغبة مشتركة بإنهاء النزاع السوري، وقال إن اقتراح «مناطق الحد من التصعيد»، أي «مناطق التهدئة»، رئيسي على جدول أعمال المفاوضات في العاصمة الكازاخية، وتوقع أن «يتم إقرار مناطق الحد من التصعيد في (آستانة – 4)».
من جانبه، قال الرئيس الروسي إنه «من الضروري تقديم آليات تضمن وقف إطلاق النار في سوريا، وفي هذا السياق، فإن موقف روسيا يتطابق مع الموقف التركي»، وأعرب عن قناعته بأن «مصير سوريا سيتوقف على قرارات الأطراف السورية في آستانة».
وفي محاولة للتأكيد على الطابع الإيجابي للعلاقات بين البلدين، على الرغم من بقاء نقاط خلافية في الملف السوري، أشاد إردوغان بالجهود التي يبذلها الرئيس بوتين لتسوية الأزمة السورية، كما ثمن العمل الذي تقوم به الدول الضامنة، لا سيما التوصل لاتفاق وقف الأعمال القتالية في سوريا وإطلاق مفاوضات آستانة. واتهم الرئيس التركي «بعض الدوائر باستخدام قدراتها لتقويض عملية آستانة، وقتل بذور الأمل لدى السوريين»، ومثالا على ذلك، أشار إلى الهجوم على خان شيخون، مؤكداً أنه اتفق مع بوتين على ضرورة إنزال العقاب بالمسؤول عن تلك الجريمة، محذرا من أن «أي انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار لا يؤدي إلى تدهور الوضع فحسب، بل ويقوض جهود الدول الضامنة».
وتوقف إردوغان عند نقطة خلافية أخرى مع موسكو، تتعلق بالموقف من «سوريا الديمقراطية» التي يشكل الأكراد غالبية قواتها. وبعد أن حذر من «استغلال كل الجماعات الإرهابية للوضع في سوريا إذا لم يتم حل الأزمة هناك»، قال إردوغان إن بلاده لا تفرق بين الإرهابيين إن كانوا من «بي بي كي» أو «داعش» أو «جبهة النصرة»، مؤكداً أنه لن يسمح بتشكيل كيانات عدوانية على الحدود السورية مع تركيا، محذرا بأنه سيتخذ كل التدابير الضرورية لضمان أمن المواطنين الأتراك. وفي حديثه عن الاقتراح حول إنشاء 4 مناطق تهدئة في سوريا، أشار الرئيس التركي إلى أنه كان يطلق على تلك المناطق منذ البداية «مناطق آمنة»، مؤكداً تمسكه باستخدام هذا المصطلح، وأوضح أنه بحث مع بوتين هذا المسألة، وقال إنها «من أهم المسائل المطروحة على النقاش في (آستانة)، وأعتقد أنه سيتم إقرار منطقة (الحد من التصعيد) للمضي قدما في حل القضايا القائمة».
من جانبه، قال الرئيس الروسي إنه «لا أهمية لكيفية تسمية تلك المناطق، فالمضي في العملية السياسية يتطلب منا تأمين وقف الأعمال القتالية». وأعرب عن قناعته بأن «إنشاء المناطق الآمنة في سوريا يجب أن يؤدي إلى تعزيز نظام وقف الأعمال القتالية»، مشددا على أن «أهم شيء هو وقف إراقة الدماء في سوريا». ورفض الرئيس الروسي تعامل البعض مع اقتراح إنشاء تلك المناطق على أنه بداية لتقسيم سوريا، وقال إن «العملية السياسية يجب أن تؤدي في نهاية المطاف إلى الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، ويجب على الأطراف السورية أن تتوحد على الرغم من رغباتها». وأضاف أن «هذه الفكرة ولدت خلال المشاورات بشأن تلك القضايا الحساسة خلال الحوار مع الزملاء في تركيا وإيران» حول تعزيز اتفاق وقف إطلاق النار، لافتاً إلى أنه جرى التشاور بهذا الخصوص مع الولايات المتحدة، وأنه لمس تأييدا أميركياً للاقتراح حول تلك المناطق خلال محادثاته الهاتفية مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وأكد أن القوات الجوية الروسية لن تقصف تلك المناطق لكن بشرط «عدم التصعيد وعدم وجود نشاط عسكري فيها»، لافتاً إلى أن «هذه قضايا حساسة يجري التشاور حولها بين وزارتي دفاع البلدين».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.