وزير مالية بريطاني سابق يقود صالة تحرير «إيفنينغ ستاندارد»

جورج أوزبورن يعد بكشف الحقائق وانتقاد لاذع لماي في عدده الأول

أوزبورن في يومه الأول من عمله الجديد في «إيفنينغ ستاندارد» (أ.ف.ب)
أوزبورن في يومه الأول من عمله الجديد في «إيفنينغ ستاندارد» (أ.ف.ب)
TT

وزير مالية بريطاني سابق يقود صالة تحرير «إيفنينغ ستاندارد»

أوزبورن في يومه الأول من عمله الجديد في «إيفنينغ ستاندارد» (أ.ف.ب)
أوزبورن في يومه الأول من عمله الجديد في «إيفنينغ ستاندارد» (أ.ف.ب)

أول يوم عمل في أي وظيفة جديدة مليء بالتوتر والتحديات. فما بالك بأن يُقحَم سياسي في صالة تحرير عريقة، بعدما كانت يومياته جلسات برلمانية وموازنات للخزانة البريطانية.
فبعد الإعلان المفاجئ الشهر الماضي عن توليه منصب رئاسة تحرير صحيفة «إيفنينغ ستاندارد» اليومية الرئيسية في العاصمة لندن، باشر جورج أوزبورن وزير المالية البريطاني السابق، أمس، العمل في مجال الصحافة. وبعد أن كان قد وعد طاقمه بمزاولة مهامه من الساعة السابعة صباحا، أخره حشد من المصورين والصحافيين خارج مقر الصحيفة في حي كنسنغتون غرب العاصمة اللندنية.
وكان أوزبورن قد خرج من الحكومة العام الماضي، بعدما ساهم في قيادة الحملة الفاشلة لبقاء البلاد في الاتحاد الأوروبي، ولن يخوض الانتخابات العامة المقررة في 8 يونيو (حزيران).
ويعارض أوزبورن، الذي كان يعتبر يوما ما الزعيم المستقبلي لحزب المحافظين الحاكم، بعض سياسات رئيسة الوزراء تيريزا ماي، وقال إنه يود أن تصبح «إيفنينغ ستاندارد» صحيفة «جسورة». حيث غرد على «تويتر» صباح أمس بقوله: «متحمس لأول يوم عمل لي في صحيفة (إيفنينغ ستاندارد) ونعدكم بنشر الحقائق والتحليلات من دون خوف، بنكهة ترفيهية دوما».
وتعليقا على المنصب الجديد، سخر صحافيون مخضرمون من افتقار أوزبورن للخبرة التحريرية، واحتمالات تضارب المصالح. إذ تساءلت صحيفة «ذا صن»: «هل أوزبورن مخول لقيادة المطبوعة؟»، مضيفة: «علما بأن مسيرته في الصحافة متواضعة وأن (التايمز) و(الإيكونوميست) رفضاه بعد أن تقدم للعمل فيهما، وانتقل للعمل كمتعاون مع (التلغراف)».
وفي مقال نشرته «الغارديان» أمس تحت عنوان «هناك شرطي جديد في المدينة» تخيلت النهج الذي ستتبعه الصحيفة تحت رئاسة تحرير أوزبورن المنتمي لحزب المحافظين، وتوقعت أن تميل تحليلاتها السياسية إلى اليمين.
لكن أوزبورن فاجئ الجميع أمس في عدد الصحيفة الأول بعد تسلمه رئاسة التحرير، بتحليل ناقد لسياسات رئيسة الوزراء تيريزا ماي، وقرارها إجراء انتخابات مبكرة في البلاد. وحذرت الصحيفة ماي من الفشل في مفاوضاتها مع بروكسل للخروج من الاتحاد الأوروبي، وقالت: «عندما يقدم المرء شيكا من دون رصيد، فليس من المفاجئ ألا تسير العملية المصرفية».
وانتقدت الصحيفة غلاء الأسعار جراء مفاوضات «بريكست»، وأكدت أن الشعب البريطاني لا يريد أن تحجم البلاد جراء «قوانين هجرة خرقاء». ودعت حزب المحافظين الحاكم إلى الالتزام بإرادة الشعب في مفاوضات الخروج، في حال فوزهم بالانتخابات المقبلة.
يذكر أن أوزبورن كان يؤدي وظيفة مؤقتة بالفعل براتب 650 ألف جنيه إسترليني (836810 دولارات) سنويا، نظير العمل لمدة 48 يوما بشركة «بلاكروك» لإدارة الأصول، كما كسب مئات الآلاف من الجنيهات الإسترلينية مقابل إلقاء كلمات.
ومارس أوزبورن الصحافة الطلابية عندما كان يدرس في جامعة «أكسفورد»، وكان فخورا بعمله الصحافي لدرجة أنّه علق عددين من مجلة تولى رئاسة تحريرها في شقته بـ«داونينغ ستريت»، عندما كان وزيرا للمالية. ويبدو أن منصبه كرئيس تحرير سيكون محوريا سياسيا في البلاد، والأيام المقبلة ستكشف ذلك.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».