دبي تطلق خطاً يحمل اسمها لكتابة النصوص الرقمية بـ23 لغة

بالتعاون مع «مايكروسوفت» ومجاناً للمستخدمين

خط دبي يتوفر لأكثر من 100 مليون مستخدم («الشرق الأوسط»)
خط دبي يتوفر لأكثر من 100 مليون مستخدم («الشرق الأوسط»)
TT

دبي تطلق خطاً يحمل اسمها لكتابة النصوص الرقمية بـ23 لغة

خط دبي يتوفر لأكثر من 100 مليون مستخدم («الشرق الأوسط»)
خط دبي يتوفر لأكثر من 100 مليون مستخدم («الشرق الأوسط»)

أطلقت دبي أمس خطا لكتابة النصوص إلكترونياً بـ23 لغة، والذي يعتبر أول خط في العالم يتم تطويره من قبل مدينة يحمل اسمها، وذلك بالتعاون مع شركة مايكروسوفت العالمية، وتسعى دبي للإسهام في وضع بصمة للإمارة الخليجية في العالم الرقمي من خلال كتابة النصوص.
وجاء الإعلان عن «خط دبي» من خلال إطلاق الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي لهذه الخطوة، والذي وجه الجهات الحكومية في الإمارة باعتماد الخط في المراسلات الحكومية، وقال: «إن إطلاق (خط دبي) إلى العالم خطوة مهمّة ضمن جهودنا المستمرة في ترسيخ مكانة دبي في العالم الرقمي، وإبراز شخصيتها التي اقترنت بمفاهيم الإبداع والابتكار في شتى المجالات وهذا الإنجاز الجديد وبما يملكه الخط من مواصفات خاصة تمنحه التفرد في مجال الخطوط الرقمية المستخدمة عالميا».
وأضاف الشيخ حمدان: «وجهنا الجهات الحكومية في الإمارة بالبدء في استخدام (خط دبي) في المراسلات الحكومية الرسمية باعتباره نقطة تحول جديدة لدبي في تعزيز تنافسية دولة الإمارات في عالم التكنولوجيا الرقمية، وليكون ذلك بمثابة التزام حكومي يضمن نشر ونجاح هذه المبادرة محليا وعالميا».
من جهته، قال عبد الله الشيباني، الأمين العام للمجلس التنفيذي لإمارة دبي في مؤتمر عقد أمس في دبي: «نشهد مساهمة جديدة من دبي لخدمة المنطقة والعالم، تبني من خلالها دبي جسرا معرفيا يصل بين الشرق والغرب من خلال إطلاق (خط دبي) البصمة المميزة للإمارة في العالم الرقمي».
وأضاف: «يتميّز (خط دبي) عن غيره من الخطوط الرقمية بأنه يحمل في جوهره المقومات التي جعلت من إمارة دبي رمزا وأيقونة للنجاح والتسامح، حيث تمّ تصميمه باللغتين العربية والإنجليزية في آن واحد لتحقيق التناغم المنشود بينهما، بالإضافة إلى 21 لغة أخرى ضمن نطاق المشروع».
إلى ذلك، قال المهندس أحمد المهري، مساعد الأمين العام لقطاع شؤون المجلس التنفيذي والأمانة العامة لإمارة دبي ومدير مشروع «خط دبي»: «يعكس (خط دبي) التزامنا بتطويع أفضل التقنيات وأدواتها ووسائلها بأسلوب مبتكر وفعّال، وهو يدعم قطاع التكنولوجيا بشكل عام من خلال إتاحة خط رقمي عالي المستوى وبمواصفات متميزة لجميع المستخدمين في مختلف دول العالم دون أي تكاليف تذكر، إضافة إلى احتواء الخط على خصائص فنية تسهل عملية القراءة وتدعم خاصية الطباعة والعرض على الشاشة الإلكترونية».
وأضاف المهري أن «الجودة الفنية العالية التي يتمتع بها خط دبي جاءت لتلبي الحاجة الماسة إلى خطوط عربيّة عالية المستوى لتكون متاحة من خلال تطبيقات أوفيس 365 من مايكروسوفت».
وأكد الشيخ حمدان بن محمد بن راشد ولي عهد دبي لـ«الشرق الأوسط» أنه اختار التصميم الحالي من ثلاث رسومات وصلت للمراحل النهائية للاختيار، مشيرا إلى أن البحوث والدراسات التي عمل عليها في مجال الخطوط الرقمية اتضح أن الخطوط العربية ليست في المستوى المطلوب مقارنة بالخطوط الأخرى، وأن الشراكة مع «مايكروسوفت» تعطي بعدا عالميا للخط.
وقال سامر أبو لطيف رئيس منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لدى مايكروسوفت: «سيكون اسم (خط دبي) متوفرا عالميا ولأكثر من 100 مليون مستخدِم حول العالم من خلال تطبيقات (أوفيس365)، ويُعتبر إطلاق هذا الخط خير مثال على التعاون بين مدينة دبي وشركة مايكروسوفت بهدف تشجيع روح الابتكار ودفع عجلة تنمية المجتمعات وتطويرها».
يذكر أن «خط دبي» من تصميم الدكتورة نادين شاهين بالتعاون مع فريق عالمي مختص من شركة «مونوتايب» العالمية، وهو خط متطور وذو خواص مختلفة يهدف إلى التشجيع على القراءة والتعبير عن الذات.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».