السعوديون يحتفظون بإمارة الشعر

إياد الحكمي أميراً للشعراء... وطارق الصميلي وصيفاً

إياد الحكمي المركز الأول
إياد الحكمي المركز الأول
TT

السعوديون يحتفظون بإمارة الشعر

إياد الحكمي المركز الأول
إياد الحكمي المركز الأول

تُوّج الشاعر السعودي إياد الحكمي أميرا للشعراء في الموسم السابع من برنامج «أمير الشعراء»، محققا نصرا آخر للسعودية التي حاز منها الشاعر حيدر العبد الله على إمارة الشعر في الموسم السابق.
وقدم الشيخ نهيان بن زايد آل نهيان، رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، خاتم الشعر وبردته للشاعر إياد الحكمي، إثر حصوله على 61 درجة.
المنافس الأقرب لإياد الحكمي كان شاعرا سعوديا آخر هو الشاعر طارق الصميلي الذي حصل على 60 درجة، حائزا بذلك على لقب الوصيف، فيما جاء ثالثا الشاعر المصري حسن عامر بحصوله على 53 درجة، أما المركز الرابع فقد احتله الشاعر الموريتاني شيخنا عمر بحصوله على 49 درجة، وحلت خامسة الشاعرة العراقية أفياء أمين بعد حصولها على 46 درجة، أما الشاعر العُماني ناصر الغساني فقد خرج في بداية الحلقة بعد حصوله على أقل الدرجات، وذلك قبل أن تبدأ المنافسة بين الشعراء الخمسة.
وضمت لجنة التحكيم في عضويتها كلا من الدكتور علي بن تميم من الإمارات، والدكتور صلاح فضل من مصر، والدكتور عبد الملك مرتاض من الجزائر. وأعدّ البرنامج الإعلامي والشاعر الإماراتي المعروف عارف عمر، وقدّمه كل من الإعلامية والشاعرة اللبنانية الدكتورة نادين الأسعد، والمذيع الإماراتي محمد الجنيبي.
وتبلغ قيمة الجوائز للفائزين بالمراكز الخمسة الأولى 2.1 مليون درهم إماراتي (نحو 600 ألف دولار أميركي)، وبالإضافة إلى بردة الشعر التي تمثل الإرث التاريخي للعرب، والخاتم الذي يرمز للقب الإمارة، تبلغ القيمة المادية لجائزة الفائز المركز الأول وبلقب «أمير الشعراء» مليون درهم إماراتي. فيما يحصل صاحب المركز الثاني على 500 ألف درهم إماراتي، ولصاحب المركز الثالث 300 ألف درهم إماراتي، أما جائزة صاحب المركز الرابع فهي 200 ألف درهم إماراتي، وتبلغ جائزة صاحب المركز الخامس 100 ألف درهم إماراتي... هذا إضافة إلى تكفل إدارة المسابقة بإصدار دواوين شعرية مقروءة ومسموعة للفائزين، واستمرار التواصل معهم والتعاون في تنظيم الأمسيات الشعرية لهم.
خلال الحلقة قدم الشاعر السعودي حيدر العبد الله، الفائز بلقب «أمير الشعراء» الموسم السادس، والشاعر الكويتي راجح الحميداني الحائز على لقب «شاعر المليون» في الموسم السابع، مجاراة بين الشعرين النبطي والفصيح في موضوع الخير وعام الخير الذي أطلقه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بداية هذا العام، فقدّما مجاراة أمتعا من خلالها جمهور الشعر.
يبلغ الحكمي، واسمه إياد أبو شملة محمد حكمي، 29 عاما، وقد ولد في مدينة جازان في سبتمبر (أيلول) 1988، وأنهى مراحل تعليمه في مدارسها، وتخرج العام الماضي في قسم نظم المعلومات بكلية الحاسب الآلي ونظم المعلومات بجامعة جازان.
إياد، هو الابن التاسع لأب قروي مخلص للأرض، تتهادى على هامته أعذاق الدخن وتفوح من ساعده رائحة المطر، لكنه مخلص للعلم، يركض وراءه من مكان لآخر حتى حاز شهادته الجامعية، وانخرط في العمل الحكومي فسكن المدينة، وظلت روحه معلقة بالقرية حتى شطر وقته بينهما، ولأم من بيت علم، ولعائلته اهتمام بالأدب.
لا يرى إياد، أن ثمة عاملا اجتماعيا شديد الإيقاع في تأثيره على نشأته شاعرا، هو يقول: «منذ المهد، أحاول أن أرى الأشياء وأعبر عنها من زاوية تخصني وحدي».
ورغم حداثة سنه وتجربته، فقد بدأ من القمة، فلم يعرفه الأدباء والمثقفون خارج مدينته إلا في اليوم الذي قلد فيه بردة «شاعر شباب عكاظ»، في سبتمبر 2012، بعد أن فازت قصيدته بالمركز الأول من بين عشرات المتسابقين من الشباب، وقبلها حازت مجموعته الشعرية الأولى «على إيقاع الماء» (2013) على جائزة الشارقة للإبداع العربي، وبالإضافة إلى هذه المجموعة أصدر الحكمي مجموعتان هما: ديوان (ظل للقصيدة صدى للجسد)، و(مائة قصيدة لأمي).
في حديث سابق له مع «الشرق الأوسط» عن نشأته في جازان، المنطقة التي عرفت بإنبات الشعراء والأدباء، يلاحظ إياد الحكمي بقوله: «رغم أن الحياة لدينا هنا تقليدية جدا»، لكن «من حسن حظ جيلي أنه فتح عينه مبكرا على بدايات ثورة الشبكة العنكبوتية. فاتصالي بالعالم الافتراضي كان كبيرا جدا، ولا يمكن لي أن أغفل هذا الشيء في الجانب الثقافي».
وفي سؤال هل يمكن للشعر أن يستوعب كل هذا الحراك الذي يستعر في الساحات؟ يجيب: «الشعر ليس بحاجة لأن يستوعب أشياء طارئة على عصب الحياة، ليس مطالبا بأن يكون موجها بشكل آيديولوجي أو بأي شكل آخر لخدمة فكرة محددة أو منهج معين... الشعر ليس عصا نضرب بها ما نريد، وإنما سماء تؤدي إلى سماء أخرى وأفق يتكشف عن أفق، هذا هو الشعر في وعيي».
وكان الحكمي قدم نصا بعنوان «العائدون من مراياهم»، توجه بعده الناقد الدكتور عبد الملك مرتاض، إلى إياد الحكمي قائلاً إن «قدرتك على المشاكلة بين نسوج اللغة عجيبة، حيث تبني صورك البديعة، فتشاكل الدم مع الجرح، والسماوي مع السماء، ولا تبرح تحلق في الآفاق، فشعرك يعبق عطراً، وحين تتعلق بالأسباب تدهش وتسحر، وكأنك الشاعر الفحل».
وقال الحكمي في الأبيات الأولى من النص الذي استرعى اهتمام جميع النقاد وأغلبية الجمهور:
سلام على الحبّ حين تجلّى
وألقى على الطيبين السلاما
على فتية أورثوني هواهم
وعن شجر القلب طاروا حماما
سلام على امرأة ودّعتني
على ليلها في الغياب،
على ما...
ستعرفني قرية في جنوب الزمان
ونخل يحيي الغماما
ونور الله يحمي نشيده وبكاءه



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».