«آبل» تدشن متاجرها في مجمع «دبي مول»

تقدم تجربة «اليوم في آبل»

«آبل» تدشن متاجرها في «دبي مول»
«آبل» تدشن متاجرها في «دبي مول»
TT

«آبل» تدشن متاجرها في مجمع «دبي مول»

«آبل» تدشن متاجرها في «دبي مول»
«آبل» تدشن متاجرها في «دبي مول»

دشنت شركة «آبل» الأميركية أحدث متاجرها العالمية، الذي اختارت أن يكون في مجمع دبي مول التجاري، حيث يطل المتجر الجديد على برج خليفة الذي يعد أطول برج في العالم، وهو المتجر الثاني للشركة الأميركية في إمارة دبي.
وقالت أنجيلا أهريندتس، النائبة الأولى لرئيس شركة «آبل» إدارة البيع بالتجزئة: «نعتبر متاجرنا وكأنها ساحة مدينة عصرية، حيث يأتي إليها الزوار للتسوق أو البحث عن الإلهام أو التعلم أو التواصل مع الآخرين في مجتمعهم»، مشيرة إلى أن المتجر يعد من الموقع المميزة في مدينة دبي؛ حيث يطل على نافورة دبي مع برج خليفة ودبي مول، وقالت: «نحن نفتخر بأن نفتتح متجرنا في أحد أكثر المواقع الحيوية في العالم».
وأضافت أهريندتس لـ«الشرق الأوسط» على هامش الافتتاح: «إنه أحدث فرع نفتتحه وأحدث تصميم لمتاجر (آبل) حول العالم الذي نقدم من خلاله تجربة مبتكرة وفريدة من نوعها في التسوق، ولكني أعتقد أن الشيء الأكثر أهمية وإثارة هو (الموقع)؛ فالمتجر يقع في مدخل المركز التجاري الأول والأشهر في العالم، حيث يطل على (برج خليفة)، و(نافورة دبي) التي تعتبر أكبر نافورة موسيقية في العالم، و(آبل) تشعر بفخر كبير لقدرتها على الحصول على موقع كهذا».
وزادت: «أما بخصوص التصميم فيعود جزء من نجاح (آبل) إلى تصاميم متاجرها المميزة، التي يتميز كل منها بطابع منفرد عن الآخر. في تصميم فرعنا الجديد في دبي مول حرصنا على أن يكون مناسباً لجميع أفراد المجتمع، فأجنحته المفتوحة تسمح للرواد بالخروج وكأنه شرفة خاصة ليس بها سلع للبيع. إنها هدية لزبائننا، حيث يوجد بها أشجار ونباتات، ويستطيع الرواد أن يرتاحوا ويستخدموا (واي فاي)، ويستمتعون بعروض النافورات المسائية المذهلة».
وأكدت أن المتجر يتجاوز مفهومه محلاً لبيع التجزئة، وقالت: «يمثل هذا الموقع فكر وفلسفة كيان مؤسسة (آبل) وليس متجر (آبل)، بل أفضل ما في (آبل) من برمجيات ومعدات وكل أنواع الخدمات التي يمكن أن يتم تقديمها معا، كذلك ما يمكن أن يقدمه لأجل 11 مليون سائح يزورون دبي سنويا؛ لذلك نعتبر متاجرنا وكأنها ساحة مدينة عصرية، حيث يأتي إليها الزوار للتسوق أو البحث عن الإلهام أو التعلم أو التواصل مع الآخرين في مجتمعهم».
وأشارت إلى أن تجربة «اليوم في (آبل)» تطرح للمرة الرابعة عالميا في دبي مول، وذلك بعد فروع في سان فرانسيسكو «ميدان الاتحاد»، ونيويورك، ولندن، والذي تم افتتاحه من 6 أشهر تقريباً، مشيرة إلى أن الفكرة ستعمم على كل الفروع في العالم بحلول نهاية مايو (أيار) المقبل.
وتابعت: «نسعى لفتح المجال لرواد الأعمال الصغيرة والمستثمرين والمعلمين والمستهلكين لتدريبهم. على سبيل المثال لدينا يوم يسمى (ثلاثاء المعلمين)؛ حيث يأتي المعلمون ويجلسون مع فريق العمل لدينا ليتعلموا تقنيات وأساليب جديدة حول كيفية تدريس التقنيات أو التكنولوجيا الجديدة داخل الصفوف، هذا هو مفهوم متجر (اليوم في «آبل»)؛ حيث أفضل ما يمكن أن تقدمه (آبل) في كل المجالات في مكان واحد».
وشددت النائبة الأولى لرئيس شركة «آبل» إدارة البيع بالتجزئة على أن القيمة المضافة للشركة من افتتاح فرع ثانٍ في دبي، تأتي أيضاً في مساعدة مستخدمي أجهزة الشركة المختلفة، وقالت: «أثبتت الإحصائيات أن عددا قليلا من المستخدمين يعرف كيفية استخدام الإمكانيات الضخمة لأداة مثل الكاميرا، هنا سوف يقوم 148 موظفاً بتدريب الرواد على مهارات التصوير والتصميم، وتحرير الفيديو، وتطوير التطبيقات، والرسم الإلكتروني لتحرير طاقاتهم الإبداعية باستخدام أجهزة وبرامج الشركة».
ويتضمن المتجر شرفة متحركة مصممة من 18 «جناحاً شمسياً» يبلغ ارتفاعها 37.5 قدم، وتتحرك بمحركات لتستجيب للظروف البيئية المتغيرة باستمرار، حيث تعمل على تبريد المتجر عند زيادة حدة حرارة الشمس، وتُفتح في المساء للترحيب بجميع زوار الشرفة العامة.
وجاء التصميم تيمناً بالمشربية العربية التقليدية، حيث تمت صناعة كل جناح للطاقة الشمسية من 340 قضيب بوليمر معززاً بألياف الكربون بعرض 180 قدماً، وتمثل الألواح الـ18 واحدة من أكبر المنشآت الفنية الحركية في العالم.
استقبل متجرا «آبل» في الإمارات أكثر من 4 ملايين زائر منذ افتتاحهما في دبي وأبوظبي قبل 18 شهراً.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)