تكثيف عمليات الجيش اللبناني «الاستباقية» ضد «المتطرفين» بموازاة وصول مساعدات أميركية

تكثيف عمليات الجيش اللبناني «الاستباقية»  ضد «المتطرفين» بموازاة وصول مساعدات أميركية
TT

تكثيف عمليات الجيش اللبناني «الاستباقية» ضد «المتطرفين» بموازاة وصول مساعدات أميركية

تكثيف عمليات الجيش اللبناني «الاستباقية»  ضد «المتطرفين» بموازاة وصول مساعدات أميركية

أعلن الجيش اللبناني أمس تكثيفه ضرباته «الاستباقية» لمراكز وقواعد التنظيمات المتطرفة في جرود بلدة عرسال الحدودية مع سوريا في شرق لبنان، وذلك بموازاة وصول دفعة ثانية من مساعدات عسكرية أميركية للجيش عبر طائرة أميركية أفرغت حمولتها في مطار رياق العسكري بشرق البلاد.
وفي حين تحمل هذه العمليات المتسارعة منذ أسبوع، مؤشرات على أن الجيش اتخذ قراراً بالحسم في جرود عرسال، حيث تتخذ تنظيمات مثل «داعش» و«جبهة النصرة» من المنطقة الجبلية الحدودية ملاذاتٍ آمنةً لها، وضعت مصادر سياسية لبنانية مطلعة على عمليات الجيش هذا التصعيد في إطار «العمليات الاستباقية» و«العمليات النوعية» التي «تستهدف تحصينات الإرهابيين منعاً لتمددهم ولإعاقة قدرات عناصرها على التحرك».
المصادر قالت لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس الجمهورية ميشال عون، أعاد التأكيد الأسبوع الماضي خلال لقائه بقائد الجيش العماد جوزيف عون وأعضاء المجلس العسكري، على أهمية العمليات الاستباقية، والتشديد على استباق المواجهة مع هذه التنظيمات، بهدف الحؤول دون وقوع عمليات إرهابية داخل لبنان.
وأشارت إلى أن «العمليات التي نفذها الجيش اللبناني يوم السبت الماضي، وفجر أمس، تندرج ضمن إطار العمليات الاستباقية لتعطيل قدرات التنظيمات المتطرفة في مواقع وجودها على التحرك».
وحسب التقارير نفّذ الجيش اللبناني، فجر أمس، عملية عسكرية واسعة استهدفت مقرات لتنظيم داعش في السلسلة الشرقية، استخدم فيها سلاح الجو. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بمقتل وجرح أكثر من 20 شخصاً من قيادات وعناصر «داعش» في غارات الجيش اللبناني على جرود رأس بعلبك.
وقالت الوكالة إن الجيش «نفَّذ عمليات عسكرية واسعة في جرود القاع ورأس بعلبك، حيث قصف بالمدفعية الثقيلة والراجمات مواقع المسلحين بعد رصد تحركات مشبوهة، فيما سجلت مشاركة واسعة لطيران مروحي في الأجواء». كذلك أوضح مصدر مطلع أن الجيش استهل العملية بغارات جوية استهدفت مواقع للتنظيمات المتطرفة في المنطقة الحدودية مع سوريا، بعد تسيير طائرات دون طيار وثَّقَت المعلومات، لافتاً إلى أن القصف المدفعي «تلا الغارات الجوية، حيث كان التنظيم يعمل على جمع الجرحى في موقع الاستهداف». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الغارات استهدفت «موقعاً كانت تجتمع فيه قيادات تنظيم داعش، قبل أن تُستتبع الغارات بالقصف المدفعي، وجاءت بعد رصد تقني حول أماكن وجود التنظيمات». ثم أردف أن الرصد «متواصل على مدار الساعة لملاحقة التنظيمات المتطرفة داخل عرسال وخارجها»، مشدداً على أن العمليات العسكرية «ستستمر في إطار الأمن الاستباقي الذي ينفذه الجيش في المنطقة الشرقية». وللعلم، كان الجيش اللبناني نجح يوم السبت الماضي في تنفيذ عملية «معقدة»، أسفرت عن اعتقال عشرة إرهابيين، ومقتل القاضي الشرعي لتنظيم داعش في القلمون، كما قصفت مروحيّاته مواقع لـ«داعش» و«النصرة» في جرود رأس بعلبك الحدودية مع سوريا. وجاءت عمليات الجيش بموازاة وصول دفعة جديدة من الأسلحة والذخائر الأميركية التي تقدمها الولايات المتحدة للجيش، في إطار تعزيز قدراته العسكرية.
ولقد وصلت، أمس، الدفعة الثانية من المساعدات خلال أسبوع، بطائرة نقل عسكرية أميركية حطت في مطار رياق العسكري، القريب من مواقع مواجهات الجيش ضد الجماعات المتشددة.
من ناحية ثانية، تواصل التوتر، أمس، في المنطقة الحدودية، حيث قتل المسؤول عن التفخيخ في جبهة «فتح الشام» (النصرة سابقاً) أبو قاسم التلة، وأصيب معاونه أحمد أبو داود، إثر تعرضهما لانفجار عبوة ناسفة أمام مقر التلة الكائن في خربة يونين بجرود عرسال. وقالت «الوكالة الوطنية» إن معاونه أحمد أبو داود المعروف بـ«أبو دجانة اللبناني» فقد ساقيه وحالته حرجة.
كذلك أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي - شعبة العلاقات العامة، أن شعبة المعلومات أوقفت، الشهر الماضي، لبنانيَيْن على أثر توفر معلومات مؤكدة عن تشكيلهما خلية مرتبطة بتنظيم داعش الإرهابي، مشيرة إلى أنه بالتحقيق معهما، اعترفا بالانتماء للتنظيم، والتواصل مع قيادييه في لبنان وسوريا، فيما اعترف أحدهما بأنه يحمل فكر «داعش»، ويعمل بشكل أمني للغاية لإبعاد الشبهات عنه، بسبب طبيعة عمله القائمة على التسهيل اللوجيستي لعناصر التنظيم اللبنانيين الموجودين في سوريا لجهة تلبية احتياجاتهم، كما سهل انتقال عائلة قيادي في داعش إلى الرقة السورية. وأكدت أنها أحالتهما إلى القضاء العسكري اللبناني.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.