«مهرجان طرابلس للأفلام»... تحية إلى جورج نصر «أبي السينما اللبنانية»

في دورته الرابعة يعرض «إلى أين؟» بعد 60 سنة من وصوله إلى «مهرجان كان»

ملصق المهرجان تتوسطه صورة المخرج المكرم جورج نصر
ملصق المهرجان تتوسطه صورة المخرج المكرم جورج نصر
TT

«مهرجان طرابلس للأفلام»... تحية إلى جورج نصر «أبي السينما اللبنانية»

ملصق المهرجان تتوسطه صورة المخرج المكرم جورج نصر
ملصق المهرجان تتوسطه صورة المخرج المكرم جورج نصر

العاصمة اللبنانية الثانية على موعد للسنة الرابعة على التوالي، مع «مهرجان طرابلس للأفلام» الذي ينمو باطراد لافت، وبات يجتذب نجومًا عربًا، ويستضيف فنانين عالميين، ويسجل كل سنة خطوات إضافية إلى الأمام.
يوم الخميس المقبل، 27 من أبريل (نيسان) يقام في «مركز الرابطة الثقافية» في طرابلس، حفل الافتتاح، الذي يحرص المنظمون على أن يكون باستمرار على مستوى يجعلهم مشتهى فناني السينما، حيث سيعرض بالمناسبة الفيلم اللبناني القصير «بالأبيض» لدانيا بدير. وبما أن الدورة هي «تحية إلى أبي السينما اللبنانية» جورج نصر بمناسبة مرور 60 سنة على وصول فيلمه «إلى أين» إلى «كان»، سيتم في الافتتاح عرض فيلم قصير عنه باعتباره أيضًا الرئيس الفخري لمهرجان طرابلس للأفلام منذ تأسيسه. يتبع ذلك عرض فيلم جورج نصر «الغريب الصغير»، وهو فيلم ناطق بالفرنسية.
تمتد فعاليات المهرجان على مدى 8 أيام، وتنتهي في الرابع من مايو (أيار) 2017، حيث سيتم عرض 45 فيلمًا تشارك في المسابقة الرسمية وجرى اختيارها من أصل 400 فيلم.
تتنوع الأفلام المتنافسة بين وثائقية وأفلام روائية وأفلام قصيرة، آتية من بلدان مختلفة. إذ تشارك في المهرجان أعمال من أوروبا وبريطانيا والولايات المتحدة وكندا وأميركا الجنوبية واليابان وكوريا الجنوبية وروسيا وإيران وأفغانستان وكردستان وتركيا، إضافة إلى مصر وتونس والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات والأردن وسوريا ولبنان. ولمحبي السينما الفرنكوفونية، فإن هذه السنة تتميز بعدد من الأفلام الناطقة بالفرنسية وهي من بلدان متعددة.
يترأس لجنة تحكيم المسابقة لهذا العام المخرج اللبناني فيليب عرقتنجي، وإلى جانبه في عضوية اللجنة كل من الممثلة اللبنانية جوليا قصار، والمخرج اللبناني هادي زكاك، والناقد السينمائي المصري أحمد شوقي والمنتج والمبرمج اللبناني سام لحود. كما يشارك في فعاليات المهرجان نجوم عالميون وعرب ولبنانيون.
يتخلل المهرجان تكريم فيلم «فيلم كتير كبير» للمخرج اللبناني مير جان بو شعيا، في حضور فريق العمل والمخرج، في تحية للتألق الذي ناله محلياً وعالمياً. جدير بالذكر أن هذا الفيلم نال نجاحًا كبيرًا خارج لبنان، خصوصاً عندما مثل بلده في جائزة الأوسكار، غير أن كثيرين من اللبنانيين لم يشاهدوه بعد، بسبب أن فترة عرضه في بعض المناطق كانت قصيرة، وهي فرصة لأهل مدينة طرابلس الذين لم يروا هذا الفيلم الجميل.
ومن ضمن فعاليات «مهرجان طرابلس للأفلام»، ينظم للسنة الثانية على التوالي «المنتدى المتخصص» الذي يستمر يومين، وتتناول محاوره إشكالية الإنتاج السينمائي في لبنان وفرص التمويل المتاحة. ويشارك حصراً في حلقاته سينمائيون واختصاصيون من آفاق متعددة محلياً وعالمياً، ويرافقه عدد من ورش العمل.
عروض الأفلام المشاركة في المسابقة ستجرى في مقر «الرابطة الثقافية» وفي «مركز العزم الثقافي» - بيت الفن الميناء، حيث سيقام أيضًا الحفل الختامي. هذا إضافة إلى عروض في الهواء الطلق، أصبحت من كلاسيكيات المهرجان، حيث ستكون العروض هذه السنة على خطوط التماس الحربية القديمة، في منطقتي القبة وجبل محسن. وهناك يوم مخصص لعرض الوثائقيات بعنوان «لاجئون ونزاعات» في غرفة الصناعة والتجارة في طرابلس، مع مناقشة حول الأفلام بوجود نقاد وسينمائيين ومخرجين.
خصصت فئة مستقلة للأفلام اللبنانية، حيث يقوم الحضور بالتصويت لفيلمه المفضل ويفوز أفضل فيلم بـ«جائزة الجمهور» للمرة الأولى في المهرجان.
نحو 18 فيلمًا عربياً مشاركاً بينها «ذكرى» لفاطمة رشا شحادة، والفيلم السعودي «بركة يقابل بركة» لمحمود صباغ، و«قبل زحمة صيف» آخر أفلام الراحل محمد خان، و«نافذتي» لبهاء الجمل، و«جسد غريب» لرجاء عماري، و«بلاستيك» لمحمود حامد من مصر.
وفي إطار تكريم ابن طرابلس المخرج العالمي جورج نصر في هذه الدورة، يعرض الأربعاء 3 مايو في «الرابطة الثقافية» فيلمه «إلى أين» (1957) الذي كان أول فيلم يمثل لبنان في مهرجان «كان» السينمائي وذلك عام 1957.
ويوقع يوم 29 أبريل في فندق «فيا مينا» كتاب بالفرنسية لمؤلفه غسان قطيط حول جورج نصر ونهجه السينمائي، مع مداخلة في ندوة التوقيع لكل من الدكتور خالد زيادة وغسان قطيط.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».