دورة جديدة لـ {مهرجان الطبول والفنون التراثية} في القاهرة

بمشاركة 20 فرقة تحت شعار «الطبول من أجل السلام»

من فعاليات المهرجان الدولي للطبول
من فعاليات المهرجان الدولي للطبول
TT

دورة جديدة لـ {مهرجان الطبول والفنون التراثية} في القاهرة

من فعاليات المهرجان الدولي للطبول
من فعاليات المهرجان الدولي للطبول

انطلقت أول من أمس من مسرح بئر يوسف بقلعة صلاح الدين الأيوبي التاريخية فعاليات المهرجان الدولي للطبول والفنون التراثية في دورته الخامسة «الطبول من أجل السلام».
شارك في الحفل 20 فرقة أوروبية وأفريقية وآسيوية وأميركية، حيث توحدت الإيقاعات والأنغام وترددت أصداؤها في أرجاء القلعة الأثرية، لتعكس تناغم الثقافات حول العالم.
وفي كلمته بمناسبة افتتاح المهرجان، قال الكاتب الصحافي حلمي النمنم وزير الثقافة «إن افتتاح المهرجان الدولي للطبول، هذه الليلة، يعكس إصرار المصريين والدولة المصرية، على مواصلة طريق الحياة الآمنة والسعيدة، ورغم أي شيء، لن نسمح لتجار الموت والحياة الظلامية أن يفسدوا علينا الحياة». وأضاف وزير الثقافة: «لدينا إصرار على مواجهة دعاة الموت، وأن نواجههم بكل شيء.. تواجههم قواتنا المسلحة في سيناء، وتواجههم وزارة الداخلية في خنادقهم، ونحن نواجههم بالفن والثقافة والإبداع».
حضر الافتتاح الدكتور هشام الشريف وزير التنمية المحلية، والدكتور أحمد عواض رئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية، وصبري سعيد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، وعدد كبير من سفراء وممثلي الدول العربية والأجنبية.
وتقام عروض المهرجان في قلعة صلاح الدين وقبة الغوري وشارع المعز وساحة الهناجر بالأوبرا وقصر ثقافة بنها ومتحف الطفل للحضارة، في الفترة من 20 إلى 26 أبريل (نيسان) الجاري، وتشارك في عروض المهرجان فرق من الإكوادور والصين وإندونيسيا وسريلانكا وكوريا الجنوبية واليونان والسودان والسنغال ونيجيريا وموريشيوس وساحل العاج وغينيا وتتارستان، إضافة للفرق المحلية المصرية من الإسكندرية وبورسعيد والشرقية وسوهاج والأقصر والعريش ومطروح والوادي الجديد وتوشكى. كما يقام على هامش المهرجان معرض لفنون الحلي التراثية التي يعود تاريخها إلى عصور الفراعنة.
وقد شهد شارع المعز، أمس الجمعة، الكرنفال السنوي للفرق المشاركة في مهرجان الطبول، حيث جابت الفرق مرتدية أزياء بلادها الفلكلورية في أرجاء الشارع العريق الممتد في قبل القاهرة الفاطمية.
وأطلق الفنان انتصار عبد الفتاح، رئيس المهرجان الدولي للطبول والفنون التراثية، مشروع إحياء فنون القاهرة التاريخية، قائلا إن «الفكرة والحلم للمشروع القومي بدأ منذ عام 2008، وفي عام 2011 تقدمت بالمشروع إلى وزارة الثقافة ثم وزارة التخطيط ثم وزارة السياحة، وتم تكوين مجموعات عمل من وزارة التخطيط والآثار لرصد الشارع الأعظم وعمل رؤية متكاملة مدعمة بالخرائط التوضيحية للمشروع القومي»، ويأتي ذلك في أعقاب تدهور حال الشارع وانتشار العشوائية والقمامة في أرجائه منذ قيام ثورة يناير 2011، وإغلاق الكثير من الورش التراثية بسبب تدهور أوضاع السياحة في مصر.
وأكد عبد الفتاح أن المشروع يهدف إلى تحويل شارع المعز (الشارع الأعظم) إلى سوق وملتقى دولي للتراث يقوم على إحياء فنون القاهرة التاريخية واستحضار مظاهر الاحتفالات والمواكب الشعبية التي كانت تمر فيه، مثل: موكب المحمل، موكب السلطان، موكب القاضي، موكب شجرة الدر، موكب الاحتفال بليلة الرؤية، ومواكب الاحتفالات برأس السنة الهجرية، والاحتفالات بالمناسبات القبطية، وغيرها، ويحمل المشروع رؤية فنية جديدة تبرز تفرد معمار وعبقرية الشارع الأعظم، والذي يتفاعل مع المخزون الثقافي والحضاري لوجدان شعب مصر، كما يهدف إلى ربط شارع المعز بالمدن التاريخية من مختلف ثقافات العالم (حوار الأمكنة) واحتضان شارع المعز تراث المدن القديمة في أنحاء العالم من خلال احتفالات دولية على مدار العام، وتشجيعا أيضا لبناء الفنادق التاريخية بمنظور جديد يجعل السائح يعيش حقبة زمنية فريدة من نوعها، مع وضع خطة لإعداد برامج ثقافية وسياحية لتسويق القاهرة التاريخية كمقصد متكامل للسياحة الثقافية والتاريخية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».