«فيسبوك» يقتحم عوالم الواقع الافتراضي المعزز بتقنيات مبهرة

تجول فوري حول العالم بصحبة الآخرين... وكتابة الرسائل بمجرد التفكير فيها و«سماع» المحادثات عبر الجلد

«فيسبوك» يقتحم عوالم الواقع الافتراضي المعزز بتقنيات مبهرة
TT

«فيسبوك» يقتحم عوالم الواقع الافتراضي المعزز بتقنيات مبهرة

«فيسبوك» يقتحم عوالم الواقع الافتراضي المعزز بتقنيات مبهرة

سيبدأ الناس حول العالم باستخدام الشبكات الاجتماعية الافتراضية قريبا، والتي ستأخذ المستخدم من أمام شاشات كومبيوتراتهم وهواتفهم الجوالة إلى عوالم وأماكن مختلفة حول العالم، وتسمح لهم بالتفاعل مع الآخرين وكأنهم موجودون في تلك المنطقة، وسيصبح بإمكان أي شخص زيارة أي مكان فوق أو تحت سطح الأرض، أو أي كوكب آخر، من راحة منزله.
سبل تواصل جديدة
وكشفت شركة «فيسبوك» عن إضافة وظائف الواقع المعزز (إضافية عناصر رقمية إلى الواقع من حول المستخدم عبر شاشة جهازه) إلى الكثير من تطبيقاتها، بالإضافة إلى سبل جديدة للتواصل بين المستخدمين بمجرد التفكير بالكلمات، وسماعها من خلال جلده. وتأتي هذه التقنيات من مؤتمر «فيسبوك» للمطورين المسمى «إف8» F8 في مدينة «سان هوزيه» الأميركية الذي انتهت فعالياته يوم الخميس.
وسيستطيع مستخدمو تطبيقات الكاميرا الخاصة بشركة «فيسبوك» إضافة الكثير من المؤثرات الرقمية إلى عروض الفيديو من حولهم، مثل إضافة المطر في الغرفة أو عرض معلومات عن المتاجر من حولهم أو إضافة الأنوار البراقة والطيور، وحتى إضافة الأسود في غرف الاجتماعات أو الحفلات. ولن يحتاج المستخدم لارتداء نظارات رقمية خاصة لذلك، بل يكفي رفع شاشة الهاتف أمامه وتحريكها حوله لمشاهدة هذه العناصر تتفاعل مع البيئة فورا. هذه المزايا متوافرة لبعض المستخدمين حاليا، نظرا لأنها في طور التجربة وليست نهائية، بعد.
أما إن كنت ترغب في السفر حول العالم في ثوان قليلة، فتتيح لك «أماكن فيسبوك» Facebook Spaces القيام بذلك بعد ارتداء نظارات الواقع الافتراضي، حيث طورت الشركة نسخة خاصة من شبكة «فيسبوك» تدعم تقنيات الواقع الافتراضي في عالم ينغمس فيه المستخدم بمجريات الأحداث من حوله. ويمكن البدء باستخدام هذه الميزة بتشغيل التطبيق الخاص بها في نظارات «أوكيوليس ريفت» Oculus Rift (استحوذت عليها «فيسبوك» في عام 2014 لقاء ملياري دولار أميركي). وتهدف هذه الميزة إلى جعل المستخدم يقضي المزيد من الوقت مع بعضهم البعض، عوضا عن التفاعل عبر صور ورسائل نصية جامدة. وسيعرض التطبيق شخصيات رقمية للمستخدم Avatar وأصدقائه في مطعم أو متحف أو متنزه أو مدينة ما، أو السفر معهم إلى أعماق الفضاء.
أما إن نسيت كلمة سر في تطبيق ما، فسيسمح لك «فيسبوك» بالدخول إليه ليس من خلال الإجابة على مجموعة من الأسئلة الشخصية أو النقر على رابط يصل إلى بريدك الإلكتروني، بل بمجرد استخدام ميزة موجودة في التطبيق المرغوب تسمح له بالتعرف عليك من خلال ملفك في «فيسبوك»، في خطوة تهدف إلى التخلص من كلمات السر إلى الأبد (على حساب اختراق حسابك في «فيسبوك» وتعريض جميع تطبيقاتك إلى الاختراق بعد ذلك!).
رسائل من المخ
وتعمل الشركة حاليا على تطوير تقنية خاصة تسمح للمستخدم كتابة الرسائل بمجرد التفكير بها، على شكل قبعة خاصة يرتديها تتصل بالهاتف الجوال أو الكومبيوتر الشخصي، الأمر المفيد لمن يقود السيارة ويرغب في التواصل مع الآخرين، مثلا، أو لمن لديهم إعاقات جسدية تمنعهم من الكتابة على شاشة الهاتف أو الكومبيوتر بسهولة. كما تعمل الشركة على تطوير قطاع الملبوسات التقنية لتسمح للمستخدمين «سماع» الكلمات من خلال اهتزازات مدروسة على جلده، الأمر الذي يفسح المجال للكثير من التطبيقات المثيرة للاهتمام، وخصوصا لمن لديهم إعاقات سمعية. وتستطيع هذه الآلية تحويل الكلمات إلى نبضات تقوم بتحريك الجلد بطريقة خاصة يستطيع المستخدم من خلالها فهم معانيها، مع استهداف الشركة لتطوير آلية لنقل نحو 100 كلمة. ولكن هذين المشروعين ما يزالان في مراحلهما الأولية، وستتخذ «فيسبوك» قرارا في غضون عامين لتحديد ما إذا كانت ستطلق هذه التقنيات أم تلغيها.
وكشفت الشركة كذلك عن إطلاق حلقات خاصة للمبرمجين تسمح لهم التواصل والدردشة حول أفضل سبل البرمجة على منصة «فيسبوك» لتقديم تجارب أفضل للمستخدمين، اسمها Facebook Circles، مع تقديم أدوات تحليل برمجية جديدة تستطيع تقديم المزيد من المعلومات وفقا للموقع الجغرافي لمستخدمي التطبيق.
وبالنظر إلى تقدم «فيسبوك» من مجرد شبكة للتواصل واللعب ببعض الألعاب الإلكترونية البسيطة إلى منصة مهولة تضم تطبيقات مختلفة بعد الاستحواذ على شركات مثل «إنستغرام» و«واتساب» و«أوكيوليس»، فإن توجهها نحو الواقع الافتراضي والواقع المعزز الآن ليس بالأمر الغريب، وقد تستطيع تحويله إلى واقع يومي لمليارات المستخدمين يوميا. وتأتي هذه المحاولات في ظل تنامي شعبية تطبيق «سنابشات» الذي يضيف الكثير من المؤثرات البصرية وتقنيات الواقع المعزز إلى صور وعروض المستخدمين ومشاركتها بعد ذلك مع الآخرين، الأمر الذي جعل «فيسبوك» تعترف بأنها تأخرت بإضافة هذه الوظائف إلى تطبيقاتها التي تستخدم كاميرا الهاتف، ولكنها واثقة الآن أنها تستطيع تطوير هذا القطاع.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».