النظام يستعيد «صوران» في حماة والمعارضة تهاجم خطوط دفاعه قرب سلمية

«البنيان المرصوص» تستهدف موقع قيادة استراتيجياً بحي المنشية في درعا

راكبان يعبران مباني مدمرة بفعل قصف طيران النظام للمناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في درعا الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
راكبان يعبران مباني مدمرة بفعل قصف طيران النظام للمناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في درعا الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

النظام يستعيد «صوران» في حماة والمعارضة تهاجم خطوط دفاعه قرب سلمية

راكبان يعبران مباني مدمرة بفعل قصف طيران النظام للمناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في درعا الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
راكبان يعبران مباني مدمرة بفعل قصف طيران النظام للمناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في درعا الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

استعادت قوات النظام بلدة صوران قرب مدينة حماة في هجوم مدعوم بضربات جوية روسية مكثفة في وقت شنّ مقاتلو المعارضة هجوماً واسعاً على خطوط الدفاع الأولى للنظام السوري عن مدينة سلمية بريف حماة الشرقي، وتمكنوا من السيطرة على ستة حواجز لقوات الأسد، وقتل جنود النظام داخلها.
وأظهر تسجيل فيديو نشره الإعلام الحربي دبابات ومدفعية وقاذفات صواريخ وهي تطلق نيرانها على ما قيل إنها مناطق في حماة مع وقوع انفجارات وسط أبنية وصعود سحب ضخمة من الدخان. وانسحب معظم مقاتلي المعارضة من البلدة بعد أن اقتحمتها قوات النظام بعد عشرات الضربات التي شنتها طائرات يُعتقد أنها روسية.
واستهدفت الضربات أيضا بلدات أخرى بالمنطقة شملت اللطامنة وكفر زيتا. وصوران هي البوابة الشمالية للجيش إلى مدينة حماة عاصمة المحافظة. وكان النظام استعادها العام الماضي ثم فقدها في هجوم للمعارضة.
وأوضح الناشط المعارض لؤي الحموي، أن مقاتلي المعارضة «انسحبوا من صوران، بعد مواجهات عنيفة مع القوات النظامية والميليشيات الأجنبية المساندة لها، بعد استهداف المدينة بأكثر من 130 غارة بالصواريخ الارتجاجية والفراغية والمحملة بمادتي الفوسفور والنابالم الحارقتين»، مؤكداً أن الطيران المروحي «ألقى أكثر من 50 برميلا متفجرا على صوران، كما أن قوات النظام المتمركزة في جبل زين العابدين وفي مطار المدينة العسكري، استهدفوا المدينة بأكثر من 500 قذيفة صاروخية ومدفعية، ما أجبر مقاتلي المعارضة على التراجع إلى الخطوط الدفاعية الخلفية خارج صوران».
وأعلن «مكتب أخبار سوريا» المعارض، أن «الثوار هاجموا الحواجز التي تقع في منطقتي المزيرعة والدلاك على بعد سبعة كيلومترات غرب مدينة سلمية بريف حماة الشرقي، والتي يوجد بداخلها عناصر إيرانية، تتولى تدريب ميليشيات قوات الدفاع الوطني»، مشيراً إلى أن هذه الحواجز «لم تخرج عن سيطرة النظام منذ اندلاع الثورة السورية، وهي تعد خط الدفاع الأول عن مدينة سلمية». وقال الناشط الإعلامي في ريف حماة الشرقي أحمد الخلف، إن «الثوار تمكنوا من قتل وجرح جميع العناصر المتمركزين في حواجز المزيرعة والدلاك، واستولوا على كميات من الأسلحة والذخائر، ثم فجروا أبنيتها بالكامل قبل أن ينسحبوا منها، لمنع النظام من إعادة التمركز فيها».
وشهد محيط مدينة طيبة الإمام وفي ريف حماة الشمالي، اشتباكات عنيفة بين فصائل المعارضة وقوات النظام، خلال محاولة الأخيرة السيطرة على المدينة، وذلك غداة سيطرته على مدينة صوران المجاورة ليل الأحد. وترافقت الاشتباكات مع عشرات الغارات للطائرات وطائرات النظام على طيبة الإمام.
وإلى جانب القصف الذي طاول طيبة الإمام، نفذ الطيران الحربي أكثر من 150 غارة جوية على مدن حلفايا، مورك، كفر زيتا، اللطامنة ومنطقة الزوار وقرى المصاصنة ولحايا ومعركبة، الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف حماة الشمالي. وقال الحموي إن القصف «أدى إلى مقتل طفلين في كفر زيتا وآخر في اللطامنة، فضلا عن دمار عشرات المنازل في جميع المناطق المستهدفة».
سخونة الميدان في وسط وشمال سوريا، انسحبت على الجبهة الجنوبية، حيث أعلنت غرفة عمليات «البنيان المرصوص» عن «استهداف موقع قيادة استراتيجي، ومستودعات أسلحة تابعة لقوات النظام بحي المنشية في درعا البلد، بواسطة صاروخ محلي الصنع». وأشارت «شبكة شام» الإخبارية، إلى أن الهجوم «حقق إصابة مباشرة، وأدى إلى تدمير الموقع بالكامل، حيث شوهدت سيارات الإسعاف تنقل القتلى والجرحى». وأشارت إلى أن الهجوم «تزامن مع تكثيف عشر غارات جوية نفذها الطيران الحربي التابع لقوات بشار على المنطقة، بالإضافة للقصف المدفعي والصاروخي العنيف».
وتمكنت غرفة عمليات البنيان المرصوص في اليومين الماضيين من السيطرة على 90 كتلة سكنية وأربعة حواجز للنظام في حي المنشية بدرعا البلد، ضمن معركة «الموت ولا المذلة»، إضافة إلى سيطرتها على حاجز مدرسة معاوية وحاجز مسجد عقبة بن نافع الاستراتيجيين، بسبب قربهما من مبنى الإرشادية وحديقة المنشية التي تعتبر نقطة ارتكاز لقوات الأسد داخل الحي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم