ممثلو أفلام القوّة على مشارف النهاية

ستالون وشوارتزنيغر وسيغال وآخرون

ستالون وشوارتزنيغر وسنايبس وآخرون في «المستهلكون 3»  -  ستيفن سيغال الذي رفض المشاركة بهذا الفيلم
ستالون وشوارتزنيغر وسنايبس وآخرون في «المستهلكون 3» - ستيفن سيغال الذي رفض المشاركة بهذا الفيلم
TT

ممثلو أفلام القوّة على مشارف النهاية

ستالون وشوارتزنيغر وسنايبس وآخرون في «المستهلكون 3»  -  ستيفن سيغال الذي رفض المشاركة بهذا الفيلم
ستالون وشوارتزنيغر وسنايبس وآخرون في «المستهلكون 3» - ستيفن سيغال الذي رفض المشاركة بهذا الفيلم

الدور الذي يؤديه سلفستر ستالون في «حراس المجرة 2» (Guardians of the Galaxy 2) ليس رئيسياً بأي حال وينضوي على خطوة محددة إلى الوراء بحثاً عن خطوة أخرى إلى الأمام.
يأتي دوره في أعقاب قراره بإيقاف العمل على «المستهلكون 4» الذي كان يجري الإعداد له منذ بضعة أشهر. وأخباره الأخرى ليست جيدة أيضاً: رفع دعوى قضائية ضد شركة «وورنر» مطالباً باسترداد 125 مليون دولار من أرباح فيلم «رجل الإبادة» Demolistion Man الذي كان مثّله سنة 1993. بالإضافة إلى ذلك، فإن إعادة صنع فيلم «دم أول» (أحد الأفلام المبكرة التي قادت سلفستر ستالون إلى القمّة) ستتم من دونه. وإذا كان ذلك كله لا يكفي، فإن إشاعة انتشرت قبل نحو أسبوع تفيد بأنه مات. اقتضى الأمر نفيها سريعاً واعتبارها مفبركة.
* خطّة مبرمجة
هي بالتأكيد أعراض الممثلين فوق الستين. وستالون يبلغ السبعين حالياً. ومن هذه الأعراض فقدان فرص الأدوار الأولى ودخول أفلام في آخر لحظة (كما هو حال «حراس المجرة 2») وصبغ الشعر بالطبع. منها أيضاً أنه إذا ما أدركت أن السوق ما عادت تتحمل ممثلاً يلعب الدور نفسه منذ عقود، التنحي لممثل جديد والرضا بدور مساند كما حدث في «كريد» قبل سنتين عندما لعب ستالون دوره المحبب كروكي بلباو في الخلفية كمدرب ملاكمة لشاب أسود جديد (مايكل ب. جوردان).
لكن حظ ستالون أفضل من سواه. على الأقل بقي في خانة أفلام روكي عبر دوره في «كريد»، الفيلم الذي نال نجاحاً بين النقاد والجمهور على حد سواء. وهو عرف كيف يحافظ على جمهوره عندما قرر قبل ست سنوات جمع كل من مثل أدوار قوّة في أفلام أكشن في الثمانينات ضمن باقة واحدة من الممثلين في الجزء الأول من «المستهلكون» الذي أدّى نجاحه إلى جزأين لاحقين.
وإذا تمت إضافة هذه الإنجازات الأخيرة إلى سوابقه من الأفلام التي أداها بنجاح منذ منتصف السبعينات وحتى الآن، فإن حصيلته نسبة كبيرة من الأعمال التي مكّنته، وهو الممثل الذي لديه موهبة محدودة لا تساعده على تمثيل كل الأدوار، في التحوّل إلى أحد نجوم السينما الكبار خلال أكثر من مرحلة.
ليس الجميع ممن انطلق في أواخر السبعينات ومطلع الثمانينات بمثل حظّه. في الحقيقة، نجد أقرب منافسيه يفتقر اليوم إلى الخطّة المبرمجة التي وضعها ستالون لنفسه التي انتهت بتجديد نجاحاته عبر «كريد» وثلاثية «المستهلكون».
هذا المنافس هو أرنولد شوارتزنيغر الذي نراه اليوم في بطولة فيلم يمر عابراً في ساعات الليل الأخيرة عنوانه «العاقبة» Aftermath. الفيلم من إنتاج شركة صغيرة وبميزانية أصغر (10 ملايين دولار) ما يعني أن الممثل (الذي شارك في الإنتاج) ارتضى بقبض حصّة مقابل التمثيل زائد الأتعاب.
قارن بين هذا الوضع وبين عام 1991 عندما قام ببطولة «ترميناتور 2: يوم الحساب» عندما كانت ميزانية الفيلم تتجاوز 100 مليون دولار من بينها 10 ملايين دولار أجراً للممثل الأول.
مثل ستالون، شهدت مهنة شوارتزنيغر نجاحاً قل مثيله. من اسم لا يعرفه أحد في مطلع السبعينات إلى اسم قوي الحضور مع مطلع الثمانينات بدءاً من فيلم «كونان البربري» وامتداداً لسلسلة «ترميناتور» ومروراً بنجاحات تمثلت في أفلام أكشن معتنى بها ومصروفاً عليها مثل «كوماندو» و«صفقة خام» (Raw Deal) و«خطر أحمر» و«توتال ريكول».
هنا علينا أن نلاحظ أن ستالون وشوارتزنيغر كانا متنافسين قويين على سوق أفلام القوّة والعضلات من ناحية وأنهما حاولا فتح ثغرة في جدار مواضيع مختلفة عن أفلام القوّة هذه فمال كل منهما إلى الكوميديا. ستالون وجدها في «قف وإلا سأطلق النار» و«راينستون» وشوارتزنيغر عاينها في «توأم» و«شرطي الحضانة» وأفلام أخرى قليلة.
النتيجة هنا كانت متساوية: كل من ستالون وشوارتزنيغر أدرك أن الناس لن تضحك في أفلامهما الكوميدية لهما، بل عليهما. بعض هذه الأفلام سقطت مثل حجر يقذف به في أنبوب مستقيم فيصل إلى الأرض سريعاً.
لكن إذا ما فشلا في الكوميديا فإنهما حافظا على حضورهما كنجمي أفلام قوّة ناجحين لفترة طويلة، هذا على الرغم من أن أسلوب كل منهما في الأداء يختلف عن الآخر. ستالون يعتمد كثيراً على فهمه للشخصية وتعبيرات الملامح حين يمثّل أدواره. شوارتزنيغر لديه تعبير واحد لا يتغير وإن فعل (كما في فيلمه الدرامي قبل سنتين «ماجي») فبحد أدنى. الأول يدمج ما لديه من رغبة في إزكاء الشخصية المقاتلة بالمتاح من عمق، ولو ضئيل، والثاني ليس لديه ما يبديه من خصوصيات لكن الكثير مما يستطيع توفيره من حضور بدني. بكلمة، لا شوارتزنيغر يصلح للعب دور «روكي» أو «رامبو»، ولا ستالون يصلح لتأدية «ترميناتور» أو «توتال ريكول».
* سيغال الأمس واليوم
الفترة ذاتها حفلت بعدد آخر من ممثلي القوّة، لكن معظمهم كان قويّاً لا باللكمات ورفع الحديد بل بألعاب فنون القتال المستوردة من أفلام بروس لي ومدرسته الشرقية.
في مقدّمة هؤلاء، من حيث تواردها على البال أساساً، ستيفن سيغال الذي دلف إلى السينما بنجاح يستحقه عندما مثل «فوق القانون» لأندرو ديفيز. فيلم رائع كسينما أكشن، وجيد كتقديم لممثل يمارس طقوس رياضة أكيدو دوجو بمعرفة ودراية كونه حائز على الحزام الأسود في هذه اللعبة، ولو من الدرجة السابعة.
في الواقع، بدأ سيغال السينما كمدرب سنة 1981 بكسر رسغ الممثل شون كونيري خلال تمثيل «أبداً لا تقل أبداً». كان يدرّبه على بعض الحركات عندما صرخ كونيري من الألم ليتبين أن سيغال فاته أن كونيري أكبر منه سناً بنحو عقدين من السنين.
«فوق القانون» تلاه عدد ناجح من الأفلام المعتمدة على إجادة سيغال لرياضته المفضلة وجمهور أفلامه كانوا سعداء وهم يراقبونه وهو يدافع عن نفسه بمهارة ثم يقضي على مهاجمه بضربة غير متوقعة. لا أحد فعل الشيء نفسه وبالطريقة ذاتها لا قبله ولا بعده.
أيامها، وحتى نحو خمس عشرة سنة، كان خفيف الحركة ورشيق القوام. بعد ذلك، انحسر الجمهور عنه كما فعل مع سواه ووجد أن عليه أن يتكل على نفسه وحدها لكي يستمر بعدما كان من نجوم شركة وورنر الأول. اليوم (في سن الخامسة والستين) هو بدين، ثقيل الحركة ولا يتحرك سريعاً حين يقاتل كما اعتاد أن يفعل. هذا الناقد وجده يقوم بحركاته وهو جالس على كرسيه في فيلم أنتجه وقام ببطولته في العام الماضي عنوانه «عقد للقتل» Contract to Kill.
لكنه لا يزال مستمراً في سوق الأسطوانات ولديه من الآن وحتى آخر السنة أربعة أفلام في أنابيب العمل المختلفة أحدها «فوق القانون 2»، ولو أن المرء لا يعرف كيف سيؤدي حركاته الرشيقة السابقة في استعادة حالية.
سيغال لم يقبل دعوة ستالون للانضمام إلى مجموعة ممثلي «المستهلكون» (The Expendables) لكن تشاك نوريس (77 سنة) عاد من تقاعده سنة 2012 لكي يلعب دوراً صغيراً في الجزء الثاني من «المستهلكون». مثل سواه، هو من نتاج تلك الفترة لكن ميدانه هو الكاراتيه الذي تدرّب عليه وربما نال عنه حزاماً أو اثنين.
نوريس انطلق صوب نجاح كبير في أواخر السبعينات في أفلام تفتقد الفن (حتى فن الأكشن) من بينها «قوة واحد» و«العين بالعين» و«مفقود في المعركة». لكن أسوأ ما مثله هو تلك السلسلة التي بدأت به وانتهت من دونه بعنوان «دلتا فورس»، ليس فقط أن صورة العربي في الجزء الأول على الأخص كانت مزرية إلى حد يتجاوز الإهانة، بل إن الفيلم حاول تسديد أهداف سياسية تماثل الخطب الفاشية.
في كل الأحوال، وفي هذه السلسلة وسواها، تشاك نوريس لم يمتلك الموهبة الأدائية الكافية للبقاء نجماً ناجحاً لفترة طويلة. تمثيله مبدأي تماماً والكاراتيه عنده يعتمد على الرفس أكثر من حركات الأيدي السريعة التي اعتمدها سيغال أو سواه.
* القطار يبتعد
في الساحة ذاتها وُلد جان - كلود فان دام (56 سنة). وإذا كان شوارتزنيغر ورد من النمسا فإن فان دام من صادرات بلجيكا. باشر التمثيل في أدوار صغيرة هذه واكبته حتى وجد الفرصة المتاحة في «بلودسبورت» سنة 1988. بعدها هو على سدة النجاحات طوال التسعينات في أفلام منها «سيبورغ» و«جندي دولي» و«تأثير مزدوج».
فان دام كان أقرب إلى إثارة الإعجاب بملامحه من تشاك نوريس، لكن نهايته كانت مماثلة في سرعتها خصوصاً وأنه سقط في الإدمان وأثر ذلك على عمله التي انتقلت من إنتاجات مهمّة إلى أخرى مساقة للتوزيع على الفيديو والأسطوانات.
وهناك آخرون كثيرون من بينهم جف سبيكمان وغاري دانيال ودون ولسون ودولف لندغرن ووسلي سنايبس وواحد باسم لطيف كراودر لجانب المجموعة الكبيرة التي أمّت النوع من الصين ومنهم دوني ين وجاكي تشان وتوني جا وجت لي وكل هؤلاء لم ينجزوا ذلك الحضور المبهر الذي حققه بروس ويليس في مطلع السبعينات بفيلمين أو ثلاثة قبل موته المفاجئ.
وبينما يخطط ستالون للبقاء للسنوات الخمس المقبلة عبر سلسلة جديدة - قديمة هي استمرار لفيلم مثله بعنوان «خطة هروب» (2013) فإن شوارتزنيغر لديه خطة للعودة إلى حكايات المقاتل النورماندي كونان في فيلم عنوانه «أسطورة كانون». سيغال لديه «فوق القانون 2» وفان دام انتهى من تصوير «كيكبوكسر» (الرابع في السلسلة). لكن في الواقع، فإن إنجاز النجاحات ذاتها لن يكون سهلاً، ولا حتى بالقبول بأنصاف ما حققه كل واحد من هؤلاء خلال مراحلهم المبكرة.
هذه قد تبدو نهاية حزينة لكنها طبيعية. ما هو أكثر حزنا وأقل طبيعية أن الجمهور لم يعد لديه بديل فعلي لأي من هؤلاء، ليس تقاعساً من بعض الممثلين الحاضرين (أبرزهم جاسون ستاثام ووسلي سنايبس ودولف لندرغن) لأداء مثل هذه الأدوار إذا ما سنحت الفرصة، بل لأن هوليوود الحالية شجعتهم اليوم على تحبيذ الممثل الذي يرتدي أدوار سوبرمان وآيرون مان وكابتن أميركا وووندر وومان وبلاك ويدو، على الاهتمام بالممثل الذي لديه قدرة أكثر واقعية وانتماء إلى المعقول. العضلات أصبحت غير ذات أهمية والقدرات القتالية أصبحت تتماثل وطائرات الدرون من حيث إنها تقاتل من بعيد لبعيد. أما البطولة التي تحمل مفهوماً إنسانياً أو وطنياً فمرت من هنا… هل تراها؟



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».