جمال خط اليد... أحدث هوس في مواقع التواصل الاجتماعي في تايوان

متجر صغير لأقلام الحبر يعلمك الإمساك بقلمك بالشكل الصحيح

إتقان مهارة خط اليد يعيد الثقة بالنفس
إتقان مهارة خط اليد يعيد الثقة بالنفس
TT

جمال خط اليد... أحدث هوس في مواقع التواصل الاجتماعي في تايوان

إتقان مهارة خط اليد يعيد الثقة بالنفس
إتقان مهارة خط اليد يعيد الثقة بالنفس

في أحد أيام الأسبوع الأخيرة، لا يندفع المتسوقون التايوانيون نحو تطبيق «آبل ستور» لتحميل البرامج، ولا العلامات التجارية للملابس العصرية، لكن نحو متجر صغير لأقلام الحبر في قلب العاصمة تايبيه.
ويقدم لهم المتجر شيئا أكثر قيمة بكثير من الأقلام الجديدة، ويعاهدهم بأنه سوف يساعد في تحسين مهاراتهم في خط اليد.
ومنذ بدء النشاط قبل تسع سنوات، يقول صاحب المتجر (تي واي لي) إنه ساعد عددا لا يحصى من الزبائن في إتقان مهاراتهم في خط اليد واستعادة الثقة بالنفس، حسب وكالة الأنباء الألمانية.
وأضاف صاحب المتجر 66 عاما «قبل الحديث عن خط اليد، تحتاج أولا إلى معرفة كيفية الإمساك بقلمك بالشكل الصحيح».
وفي تايوان، فإن التباهي بخط اليد الجميل هو أحد الاتجاهات الأكثر رواجا على مواقع التواصل الاجتماعي. ويعتقد البعض أنه عندما يتمتع المرء بجمال خط اليد، فإن ذلك يظهر جانبا أكثر جاذبية في شخصيته.
وفي متجره، يحتفظ لي بعينات من خط يد سابق، أقل جمالا لزبائنه، والتي أحيانا ما تبدو فيها كلمات صينية تقليدية، مثل الخيوط الشاردة لشبكة عنكبوتية أو مثل الديدان التي تتلوى.
لكن يقول لي إنه بعد تعلم بعض الخدع و30 دقيقة فقط من الممارسة، يمكن للزبائن أن يحسنوا بشكل ملحوظ من جماليات خط اليد. ويضيف «كل شخص لديه إمكانية للتغير».
وهذه هي الحال، إذا كنت تفكر إنك غير جذاب، نظرا لأنك لم تعرف طريقة ارتداء الملابس بشكل جيد. بعد أن تحصل على بعض النصائح، يمكن أن تتغير.
وأثار هذا الاتجاه ازدهارا في المبيعات للأدوات المكتبية وأقلام الحبر وخراطيش الحبر ومنتجات الحبر المعبأة في زجاجات، حيث سجلت المتاجر في جميع أنحاء تايوان نموا ضخما في المبيعات على أساس سنوي.
ويقول لي إنه في متجره، تضاعفت المبيعات ثلاث مرات في السنوات الثلاث الماضية، حيث يشتري الزبائن منتجات جديدة، بينما يعودون مرة أخرى لتلقي دروس في المدارس الابتدائية بشأن الأوامر المتعلقة بالكتابة بالقلم وتحسين تركيب الحروف الصينية المعقدة.
ويوضح لي «إننا نستخدم قلم حبر لرسم كلمات وقلم جاف لنقش حروف». ويتوق الناس للعودة إلى الكتابة قديمة الطراز، بالقلم على الورقة، لأسباب مختلفة كثيرة.
ويقول جاسون شينج: «بالنسبة لي، استخدام قلم الحبر لنسخ قصائد جميلة أو مقتبسات أو الأقوال المأثورة البوذية المكتوبة على شكل نص هو طريقة ليس فقط لشحذ مهارتي في خط اليد، لكن أيضا ممارسة تركيز كامل للذهن والتأمل».
ويضيف شينج أنه يمكن أن تثير الخطابات أو البطاقات بخط اليد مشاعر أكثر دفئا، في العصر الرقمي البارد اليوم، حيث إن وتيرة التواصل، أحيانا ما تكون سريعة للغاية. ويعتقد شينج أن الكتابة ببطء تتيح فوائد شفاء علاجية.
وجاءت ليفيا يانج وهي طالبة وخريجة جامعية 25 عاما إلى متجر لي لشراء قلم حبر جديد، كهدية لصديقة، حصلت لتوها على أول وظيفة لها.
وتقول يانج: «أجد أنه من الممتع حقا أن يرغب أصدقاء من جيلي في نشر صور لكتابة جميلة بأيديهم على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)». وأصبح الاتجاه يحظى بشعبية واسعة، إلى حد أنه كان هناك حتى تقارير إعلامية محلية تفيد بأن أشخاصا سرقوا خط اليد لآخرين وزعموا أنه خاص بهم.
وفي الوقت نفسه يقول لي - يي لو وهو موظف بشركة «سان مين بوك» ومقرها تايبيه إنه تم نشر كثير من الكتب الجديدة الخاصة بخط اليد في تايوان وارتفعت بشكل سريع مبيعات عناوين الكتب الأكثر شعبية.
واشترى تسونج - هان يو 29 عاما مؤخرا بعض الكتب لتحسين مهاراته لخط اليد، قائلا إنه كان يرغب في بساطة في أن «يفهم بشكل أفضل تركيب الحروف». ويقول لي، صاحب المتجر، إنه لاحظ أولا في أوائل الألفية الجديدة، في الوقت نفسه تقريبا الذي بدأت فيه مدونات الإنترنت في الازدهار، بدأت أجهزة الكومبيوتر تسرق المهارات الأساسية للناس في خط اليد. وشعر بالأسف بشكل خاص لكون أن مسؤولين كبارا، لا يتقون الكتابة باليد، عندما كانوا يرسمون بالفرشاة، بصورة علنية مقاطع شعرية في مهرجان الربيع، خلال الاحتفالات بالعام القمري الجديد.
ويضيف «بالنسبة للتواصل الأساسي، نحتاج إلى نحو ثلاثة آلاف حرف صيني تقليدي، من الأنواع البسيطة أو المعقدة على حد سواء. إذا لم تكتبوها اليد، ستنسونها تماما».
ويشير لي إلى أنه في الوقت الحاضر، كثير من المواطنين في تايوان ينسون طريقة كتابة الأحرف الصينية التقليدية المعقدة أو المستخدمة نادرا وحتى أحيانا يترددون قبل كتابة كلمات بسيطة.
وفي إشارة إلى الاعتماد على الاقتراحات التلقائية للكومبيوتر للمساعدة في إيجاد الكلمات، غالبا ما يسأل لي الناس «من دون كومبيوتر، هل يمكن أن تكتبوا حقا؟» لكن يصر صاحب المتجر على أنه ليست لديه حلول لمشكلة خط اليد في العصر الرقمي.
ويقول لي: «خبرتي تعلمني فقط أن مهارات الناس يمكن شحذها قطعا بالممارسة. لهذا السبب أقدم حصصا مجانية في متجري لتعليم زبائني». وغالبا ما يعود الزبائن، طالبين مزيدا من النصائح حول طريقة تحسين مهاراتهم في خط اليد.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».