فضيحة تلاعب تطارد بنك إنجلترا في وقت عصيب

«المركزي» يدعو لـ«خطة طوارئ» ويبحث الانفتاح على المصرفية الإسلامية

فضيحة تلاعب تطارد بنك إنجلترا في وقت عصيب
TT

فضيحة تلاعب تطارد بنك إنجلترا في وقت عصيب

فضيحة تلاعب تطارد بنك إنجلترا في وقت عصيب

في وقت عصيب للغاية على بريطانيا على وجه العموم، وبنك إنجلترا (المركزي البريطاني) على وجه الخصوص، كشفت شبكة «بي بي سي» البريطانية أمس عن تسجيل يشير إلى ضلوع بنك إنجلترا في عمليات تزوير بشأن معدلات فوائد القروض المعمول بها بين البنوك في لندن، والمعروفة اختصاراً باسم «ليبور» Libor، يعود إلى عام 2008، وذلك في وقت يجاهد فيه «المركزي البريطاني» لملاحقة ومحاصرة الآثار السلبية المتوقعة جراء المباحثات الشاقة مع الاتحاد الأوروبي والشركاء في القارة خلال عملية الانفصال.
وبحسب التسجيل، فإن ثمة دلائل على أن البنك المركزي ضغط - أكثر من مرة - على البنوك التجارية خلال فترة الأزمة المالية لدفعها إلى خفض معدل تلك الفوائد. و«ليبور» هو معدل الفوائد الذي تتعامل به البنوك عند إقراض بعضها بعضاً، محددة معياراً للقروض العقارية، والقروض الأخرى للعملاء العاديين... لكن البنك المركزي قال إن الـ«ليبور» لم يكن معمولاً به في بريطانيا في ذلك الوقت.
ويثير تسجيل المكالمة الهاتفية الذي بثته شبكة «الإذاعة البريطانية» التساؤل بشأن الدليل الذي قدمه مدير بنك باركليز السابق، بوب دياموند، وبول تاكر، الرجل الذي أصبح فيما بعد نائب محافظ البنك المركزي، إلى لجنة الخزانة في البرلمان.
ونظراً لأنه يمكن معرفة تكاليف اقتراض البنوك من بعضها بعضاً بواسطة الـ«ليبور»، فإن له تأثيرا كبيرا على تكاليف القروض العقارية، والقروض الأخرى. ويعرف معدل الـ«ليبور» غير الواقعي المنخفض الذي تحدده البنوك، باسم «لوبولينغ» lowballing. وفي التسجيل يعطي مارك ديرلوف، وهو مدير رفيع المستوى في بنك باركليز، تعليمات إلى الموظف المسؤول عن الـ«ليبور»، بيتر جونسون، بخفض معدل الـ«ليبور»، مؤكداً أن «هناك ضغطا كبيرا علينا من الحكومة البريطانية ومن البنك المركزي لدفع معدلات الـ(ليبور) إلى الأدنى».
ورغم اعتراض جونسون، في المكالمة التي تمت في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2008، على ذلك قائلاً إن «هذا قد يعني خرق القواعد المعمول بها في تحديد الـ(ليبور)، والتي تعني وضع المعدلات بحسب تكاليف النقود السائلة المقترضة فقط». إلا أنه قال: «إذن سأدفع بالمعدلات إلى ما هو أدنى من المستوى الواقعي».
ويرد رئيسه ديرلوف: «حقيقة الأمر أن بنك إنجلترا، وأناسا آخرين ضالعون في المسألة... إنني متردد مثلك تماماً... لكن هؤلاء الأشخاص ظهروا أمامنا وطلبوا منا عمل ذلك».
وبحسب «بي بي سي»، فإن الأمر المعمول به حتى وقت قريب هو أن الموظف المسؤول عن الـ«ليبور» في كل بنك من البنوك الكبيرة هو من يحدد معدل الفائدة الذي يعتقد أن بنكه قد يدفعه للاقتراض من البنوك الأخرى. ثم يؤخذ متوسط ما يحدده الجميع، ليكون هو معدل الـ«ليبور».
وقد غرمت بعض البنوك أكثر من 6 مليارات جنيه إسترليني بسبب سماحها لموظفي الـ«ليبور» فيها بالتأثر بطلبات المتاجرين، أو المديرين، وأخذ مصالح البنك التجارية، كوضعه التجاري مثلا، في الاعتبار. وحكم بالسجن الصيف الماضي على جونسون الموظف المسؤول عن الـ«ليبور» في بنك باركليز بعد إقراره بأنه قبل بتحكم طلبات المتاجرين في تحديد معدلات الـ«ليبور».

محاولات حصار «بريكست»

وفيما يتوقع أن تسفر تلك الفضيحة عن اضطراب مالي واسع في بريطانيا، يواصل المركزي البريطاني مساعيه من أجل محاصرة المخاطر الناجمة عن «البريكست». وحث بنك إنجلترا المؤسسات المالية الكبرى في بريطانيا على وضع خططها «لكل الاحتمالات» الناجمة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقال محافظ البنك، مارك كارني، في تصريحات له أول من أمس، إن الغالبية العظمى من شركات لندن المالية، وضعت بالفعل خططاً طارئة قيد التنفيذ. ومع ذلك، أضاف أن بعض المؤسسات المالية، لا تزال في حاجة إلى الاستعداد في حال ظهور نتائج «أكثر تأزماً».
كما حث كارني المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، على الاعتراف بقوانين بنوكهما بعد إتمام عملية الخروج. موضحا أن «نتائج مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يمكن أن تكون مؤثرة تأثيرا كبيرا في تحديد المسار الذي يسلكه النظام المالي العالمي».
وفعّلت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، المادة 50 من اتفاقية لشبونة في نهاية الشهر الماضي، لتبدأ مفاوضات رسمية على مدار عامين، بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وأعلنت بنوك من بينها «غولدمان ساكس» و«إتش إس بي سي» و«يو بي إس» أنها ستنقل بعض وظائفها خارج لندن كنتيجة للخروج من الاتحاد الأوروبي.
وأرسل المركزي البريطاني خطابات إلى جميع البنوك وشركات التأمين وغيرها من المؤسسات المالية التي تعمل في الاتحاد الأوروبي، ولها أفرع في المملكة المتحدة، من أجل وضع خططها. ومنح البنك الشركات مهلة 3 أشهر تنتهي في 14 يوليو (تموز) لتقديم خطط الطوارئ التي أعدتها.
وفي خطابه، قال البنك إن بعض الشركات ربما ليست مستعدة لـ«أسوأ النتائج المحتملة». وأضاف أن هذا قد يحدث إذا ألغيت اتفاقية التجارة أو الترتيبات المؤقتة عند خروج بريطانيا من الاتحاد. وعما إذا كان يتعين على الشركات التحرك الآن، قال كارني: «لا، ليس هذا الخيار الأمثل، لكن من الحكمة أن نكون مستعدين لمواصلة العمل بعد خروج بريطانيا»، بحسب «بي بي سي».
وأشار البنك إلى أنه راضٍ بدرجة كبيرة عن تخطيط البنوك الكبرى، لكنه قال إن مستوى التخطيط للطوارئ في كل قطاع «غير متساوٍ».
وتقدم كثير من البنوك الأميركية والأوروبية الموجودة في لندن خدماتها في أنحاء دول الاتحاد الأوروبي من خلال عملية تعرف باسم «باسبورتنغ». وفي خطاب مهم بشأن آثار خروج بريطانيا على مدينة لندن، حث كارني بريطانيا والاتحاد الأوروبي على التوصل إلى اتفاق بشأن البنوك الموجودة في المملكة المتحدة، التي تقدم خدماتها إلى دول الاتحاد الأوروبي والعكس.
وقال كارني إن الجانبين في «وضع مثالي» يتيح لهما التوصل إلى اتفاق، لأنهما يمتلكان الآن القوانين المصرفية نفسها. وشدد على أهمية مدينة لندن بالنسبة للاتحاد الأوروبي، قائلا إنها «المسؤول المصرفي للاستثمار الأوروبي» و«مصلحة عامة عالمية».
وقال محافظ البنك المركزي البريطاني إن مدينة لندن ومراكز مالية أخرى باتت في «مفترق طرق» أمام محادثات خروج بريطانيا من الاتحاد. كما أوضح في خطاب ألقاه في مؤسسة «طومسون رويترز» في مجمع كاناري وارف بلندن أن «نتائج مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يمكن أن تكون مؤثرة تأثيرا كبيرا في تحديد المسار الذي يسلكه النظام المالي العالمي»، محذرا من سلوك بعض الدول «الطريق البطيئة» وعدم التعاون مع هيئات الرقابة الأخرى، قائلا إن «هذا قد يؤدي إلى تقليص الوظائف وخفض النمو وزيادة المخاطر الداخلية»، وأن «الطريق السريعة في محادثات الخروج من الاتحاد الأوروبي يمكن قطعها بسهولة ومرغوب فيها للغاية».

انفتاح على المصرفية الإسلامية

من جانبه، قال رئيس إدارة تنظيم إجراءات المصارف بالبنك المركزي البريطاني سام وودز، إن البنوك الاستثمارية العالمية المتمركزة في العاصمة المالية لندن تخشى احتمال فقدان جزء من عمليات تسوية صفقاتها المالية في أوروبا.
وأكد وودز قبل يومين أن بنك إنجلترا يعمل بدأب على دعم القطاع المصرفي البريطاني عن طريق تطوير أداة سيولة جديدة تتفق مع الخدمات التي تقدمها المصارف الإسلامية، لجذب أنشطة الأعمال الرئيسية للتمويل الإسلامي في الشرق الأوسط.
وتسعى بريطانيا لتنويع أنشطتها المالية، وتعمل الحكومة على جذب رؤوس الأموال الخليجية إلى سوق المال البريطانية لمواجهة هزات السوق المحتملة خلال فترة الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ويوم الخميس الماضي، بدأ بنك إنجلترا مشاورات مع البنوك الإسلامية في المملكة المتحدة بشأن تقديم تسهيلات إيداع متوافقة مع الشريعة الإسلامية لمقرضي التجزئة في البلاد.
وقال البنك في بيان إننا «ندرك أن المصارف الإسلامية غير قادرة حالياً على استخدام التسهيلات القائمة، لأنها تخضع لنظام فوائد غير متوافق مع الشريعة الإسلامية»، مشيرا إلى أن «إعطاء الأولوية لتسهيلات الإيداع المتوافقة مع الشريعة يأتي من كونها تشكل أكبر مجالات الطلب في الوقت الحالي».
وبدأ البنك المركزي في استكشاف طرق لتقديم تسهيلات متوافقة مع الشريعة الإسلامية خلال عام 2015، كجزء من محاولته لفتح أدوات السيولة على نطاق أوسع لشركاء السوق، ويأتي ذلك تزامناً مع بحثه الدؤوب لتوسيع أدوات التأمين المتسقة مع مبادئ الشريعة.

مؤشرات على تأجيل رفع الفائدة

في غضون ذلك، أفاد عضو لجنة السياسات ببنك إنجلترا جيرتجان فليغي، في نهاية الأسبوع الماضي، إنه يفضل تأخير رفع أسعار الفائدة في المملكة المتحدة بدلاً من التبكير بذلك. مضيفا أنه «مع انخفاض معدل الفائدة الرئيسي إلى مستوى قياسي يبلغ 0.25 في المائة، وكون مشتريات الأصول لا تمثل بديلاً كاملاً، فإن بنك إنجلترا سيكون لديه مجال أقل لتخفيف السياسات بدلاً من تشديدها».
وحذر فليغي من أن الإنفاق الاستهلاكي - الذي يشكل قوة دافعة للنمو في الوقت الراهن - بدأ في التباطؤ، كما أن رد فعل الشركات تجاه عدم اليقين حيال «بريكست» ربما يكون أقوى من المتوقع.
وأشار فليغي إلى أن رفع سعر الفائدة الذي تبين أنه إجراء سابق لأوانه يشكل خطورة أكبر مما يشكل التأخر في اتخاذ هذه الخطوة.
ويتوافق رأي فليغي إلى حد كبير مع بيانات ومسوحات تشير إلى أن الاقتصاد البريطاني يتباطأ على الأرجح بعد نمو قوي في نهاية العام الماضي، وأن فتور سوق العمل والزيادة الضخمة في الأسعار سيزدادان وضوحاً مع المضي قدماً في إجراءات الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وبالأمس، أظهر مسح لمؤسسة «فيزا» لبطاقات الدفع، نمو إنفاق المستهلكين البريطانيين بأبطأ وتيرة سنوية له في أكثر من 3 سنوات على مدى الأشهر الثلاثة الأولى من 2017، في مؤشر جديد على أن أحد المحركات الرئيسية للاقتصاد يفقد قوة الدفع مع بدء استعدادات الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وقالت «فيزا» إن الإنفاق زاد 0.9 في المائة على أساس سنوي في الأشهر الثلاثة حتى مارس (آذار) الماضي، وهو أضعف أداء ربع سنوي منذ أواخر 2013، وهناك انخفاض من 2.7 في المائة في الربع الأخير من 2016. وفي مارس وحده تراجع الإنفاق 0.7 في المائة مقارنة مع الشهر السابق، بعد أن استقر دون تغير في فبراير (شباط) الماضي.
ويضاف المسح إلى قائمة متنامية من المؤشرات التي تظهر أن ارتفاع التضخم، الناتج جزئيا عن تراجع الجنيه الإسترليني بعد استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي، يكبح إنفاق المستهلكين في الوقت الذي بدأت فيه إجراءات انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
كما رفعت شركات الخدمات خلال الفترة الماضية أسعار البيع بأسرع وتيرة منذ عام 2008، في إشارة إلى أن التضخم قد يتجاوز الثلاثة في المائة التي توقعها الكثير من الخبراء هذا العام. وتباطأت وتيرة التوظيف في الشركات إلى أدنى معدل في 7 شهور.
وقالت مؤسسة «آي إتش إس ماركت» الأسبوع الماضي إن مؤشرات مديري المشتريات لقطاعات الصناعات التحويلية والبناء والخدمات أظهرت أن النمو الاقتصادي سيتباطأ إلى نحو 0.4 في المائة في الربع الأول من العام، مقارنة مع 0.7 في المائة في الربع الأخير من العام الماضي. وإذا بلغ النمو 0.4 في المائة فإنه سيتماشى مع تقديرات معظم خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم لكن يقل عن معدل النمو البالغ 0.6 في المائة الذي توقعه بنك إنجلترا المركزي.
ومن المتوقع على نطاق واسع أن يبقي بنك إنجلترا أسعار الفائدة عند مستواها المتدني القياسي خلال العام الحالي، وربما حتى عام 2019، في ظل مرور الاقتصاد البريطاني بمرحلة ضبابية متعلقة بالخروج من الاتحاد الأوروبي.



الليرة السورية ترتفع بشكل ملحوظ بعد تراجع حاد

الليرة السورية (رويترز)
الليرة السورية (رويترز)
TT

الليرة السورية ترتفع بشكل ملحوظ بعد تراجع حاد

الليرة السورية (رويترز)
الليرة السورية (رويترز)

شهدت الليرة السورية تحسناً ملحوظاً في قيمتها أمام الدولار، حيث أفاد عاملون في سوق الصرافة بدمشق يوم السبت، بأن العملة الوطنية ارتفعت إلى ما بين 11500 و12500 ليرة مقابل الدولار، وفقاً لما ذكرته «رويترز».

ويأتي هذا التحسن بعد أن بلغ سعر صرف الدولار نحو 27 ألف ليرة سورية، وذلك بعد يومين فقط من انطلاق عملية «ردع العدوان» التي شنتها فصائل المعارضة في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ويوم الأربعاء، قال رئيس الحكومة الانتقالية المؤقتة في سوريا، محمد البشير، لصحيفة «إيل كورييري ديلا سيرا» الإيطالية: «في الخزائن لا يوجد سوى الليرة السورية التي لا تساوي شيئاً أو تكاد، حيث يمكن للدولار الأميركي الواحد شراء 35 ألف ليرة سورية». وأضاف: «نحن لا نملك عملات أجنبية، وبالنسبة للقروض والسندات، نحن في مرحلة جمع البيانات. نعم، من الناحية المالية، نحن في وضع سيئ للغاية».

وفي عام 2023، شهدت الليرة السورية انخفاضاً تاريخياً أمام الدولار الأميركي، حيث تراجعت قيمتها بنسبة بلغت 113.5 في المائة على أساس سنوي. وكانت الأشهر الستة الأخيرة من العام قد شهدت الجزء الأكبر من هذه التغيرات، لتسجل بذلك أكبر انخفاض في تاريخ العملة السورية.