واشنطن تدرس خياراتها للرد على بيونغ يانغ وترسل حاملة طائرات

تتوقع تطوير كوريا الشمالية صاروخاً برأس نووي لضرب الأراضي الأميركية

حاملة الطائرات الأميركية «كارل فينسون» وأسطولها خلال تدريب مع القوات البحرية اليابانية في 28 مارس الماضي (إ.ب.أ)
حاملة الطائرات الأميركية «كارل فينسون» وأسطولها خلال تدريب مع القوات البحرية اليابانية في 28 مارس الماضي (إ.ب.أ)
TT

واشنطن تدرس خياراتها للرد على بيونغ يانغ وترسل حاملة طائرات

حاملة الطائرات الأميركية «كارل فينسون» وأسطولها خلال تدريب مع القوات البحرية اليابانية في 28 مارس الماضي (إ.ب.أ)
حاملة الطائرات الأميركية «كارل فينسون» وأسطولها خلال تدريب مع القوات البحرية اليابانية في 28 مارس الماضي (إ.ب.أ)

بعد أقل من 48 ساعة على توجيهها ضربة إلى قاعدة جوية سورية لمعاقبة نظام بشار الأسد على هجوم كيماوي أسقط عشرات القتلى، قررت الولايات المتحدة عرض عضلاتها في ملف آخر، هو البرنامج النووي الكوري الشمالي. وأعلنت القيادة الأميركية في المحيط الهادي، أن حاملة طائرات أميركية وأسطولها في طريقهما إلى شبه الجزيرة الكورية، مشيرة بشكل واضح إلى التهديد النووي الكوري الشمالي.
واعتبر مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي إتش. آر. ماكماستر، أن إرسال حاملة طائرات إلى قرب شبه الجزيرة الكورية هو تدبير «وقائي»، لافتاً إلى أن الرئيس الأميركي يريد درس «كل الخيارات للقضاء على التهديد» الكوري الشمالي. وسئل ماكماستر في مقابلة مع شبكة «فوكس» عن أسباب إرسال حاملة الطائرات، فقال: «إنه إجراء وقائي» في مواجهة نظام «منبوذ يملك القدرة النووية». وأضاف أن «الرئيس طلب منهم أن يكونوا مستعدين لمجموعة من الخيارات لإزالة هذا التهديد الذي يطال الشعب الأميركي وحلفاءنا وشركاءنا في المنطقة».
من جهته، رأى وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، أن على بيونغ يانغ أن تتنبه إلى الضربة الأميركية في سوريا. وقال لشبكة «إيه. بي. سي» إن «العبرة التي يمكن أن تستخلصها كل الدول مفادها أن انتهاك القانون الدولي وانتهاك الاتفاقات الدولية وعدم الوفاء بالالتزامات وإذا أصبحتم تهديدا للآخرين فإن (الولايات المتحدة) قد ترد في لحظة معينة». ورفض تيلرسون شائعات عن خطة أميركية لاغتيال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ - أون، وقال: «لست على علم بأي خطة مماثلة (...) ليس في نيتنا تغيير النظام في كوريا الشمالية. هذا ليس هدفنا، من هنا فإن الأسباب التي تبرر تطوير برنامج نووي في كوريا الشمالية لا تتصف بالصدقية».
وكان المتحدث باسم القيادة الأميركية في المحيط الهادئ ديف بينام قال إن «القيادة الأميركية في المحيط الهادي أمرت المجموعة الجوية البحرية المنتشرة حول حاملة الطائرات (كارل فنسون) القتالية بالاستعداد، والتواجد في غرب المحيط الهادي؛ وذلك كإجراء احتياطي». وأوضح أن «التهديد الأول في المنطقة لا يزال كوريا الشمالية بسبب برنامجها الصاروخي غير المسؤول والمزعزع للاستقرار والمتهوّر، ومواصلتها (الأبحاث) بغية امتلاك أسلحة نووية».
وتشمل هذه المجموعة حاملة الطائرات «كارل فنسون» من فئة «نيمتز»، مع سربها الجوي ومدمّرتين قاذفتين للصواريخ وطرادا قاذفا للصواريخ. وكان يفترض مبدئيا أن تتوقف في أستراليا، غير أنها سلكت الآن طريق غرب المحيط الهادي من سنغافورة.
وأجرت كوريا الشمالية خمس تجارب نووية، بينها اثنتان في عام 2016، بينما تشير صور الأقمار الصناعية إلى أن بيونغ يانغ قد تكون في طور الاستعداد لتجربة سادسة. وترى وكالات الاستخبارات الأميركية أن كوريا الشمالية يمكن أن تمتلك صاروخا برأس نووي، يستطيع ضرب الأراضي الأميركية، في أقل من عامين. وأجرى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخميس والجمعة، مباحثات مطولة مع نظيره الصيني شي جينبينغ في مارالاغو بولاية فلوريدا. وطلب الرئيس الأميركي من جينبينغ، على ما يبدو، الضغط على الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ - أون ليوقف البرنامج النووي. لكن ترمب هدّد قبل ذلك نظام بيونغ يانغ بالقيام بتحرك أحادي الجانب. وقد أصبح هذا التهديد أكثر مصداقية منذ الضربة التي أمر ترمب بشنّها مساء الخميس على قاعدة جوية سورية، انطلقت منها طائرات سوريا هاجمت الثلاثاء منطقة خان شيخون.
ووصفت كوريا الشمالية القصف الأميركي للقاعدة الجوية السورية بأنه «عمل عدواني غير مقبول». وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الكورية الشمالية في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية: إن «الواقع اليوم يثبت أن علينا مواجهة القوة بالقوة، ويؤكد للمرة المليون أن قرارنا بتعزيز قدرتنا على الردع النووي هو الخيار الصحيح». ويرى محللون أن هذه الضربات الأميركية لسوريا تشكل في الواقع رسالة واضحة إلى بيونغ يانغ.
من جهته، حذّر تيلرسون منذ الجمعة من أن بلاده مستعدة لـ«التحرك وحدها» ضد كوريا الشمالية، إذا لزم الأمر. وقال في مارالاغو بفلوريدا: «نحن مستعدون للتحرك وحدنا، إذا لم تكن الصين قادرة على التنسيق معنا لاحتواء طموحات بيونغ يانغ النووية التي تنتهك القانون الدولي». وأكد الجنرال لوري روبنسون، رئيس قيادة الدفاع الجوي لأميركا الشمالية التي تؤمّن عمليات رصد الصواريخ في المنطقة، الخميس إنه «واثق تماماً» من قدرات الولايات المتحدة على اعتراض صواريخ باليستية عابرة للقارات تطلق على الأرض الأميركية من كوريا الشمالية. إلا أنه عبّر عن قلقه فيما يتعلق بنوع الصواريخ التي تعمل محركاتها بالوقود السائل، وقالت بيونغ يانغ إنها اختبرتها بنجاح في فبراير (شباط) الماضي.
وقال روبنسون في إفادة مكتوبة قدمها إلى الكونغرس إنه «وسط عملية غير مسبوقة لإجراء تجارب على أسلحة استراتيجية من قبل كوريا الشمالية، تواصل قدرتنا على تأمين إنذار يسمح بالتحرك، تراجعها».
ويرى الخبراء أن توجيه ضربة إلى كوريا الشمالية يمكن أن يكون استراتيجية جيدة من وجهة النظر العسكرية، لكنهم يحذرون من أن ذلك يمكن أن يعرّض للخطر السكان المدنيين في كوريا الجنوبية.
بدوره، أشاد رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، أمس بالتزام الرئيس الأميركي القوي بأمن العالم والحلفاء، بعد ثاني اتصال مع الزعيم الأميركي في أربعة أيام. وقال آبي للصحافيين بمقر إقامته الرسمي: إن الزعيمين اتفقا على إبقاء الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية على اتصال وثيق بشأن كوريا الشمالية، واتفقا على مراقبة رد الصين عن كثب على تطوير بيونغ يانغ للبرامج الصاروخية والنووية. وخلال مكالمة يوم الخميس بعد يوم من أحدث تجارب كوريا الشمالية الصاروخية، قال آبي إنه وترمب اتفقا على أن التجربة الصاروخية تمثل «استفزازاً خطيراً وتهديداً خطيراً».
وأطلقت كوريا الشمالية الأربعاء صاروخاً باليستياً في بحر اليابان، عشية أول لقاء بين ترمب ونظيره الصيني شي جينبينغ. وكانت كوريا الشمالية قد أطلقت في فبراير الماضي أربعة صواريخ، سقطت ثلاثة منها بالقرب من اليابان. وقالت بيونغ يانغ إنه تدريب على هجوم ضد القواعد الأميركية في الأرخبيل. في نهاية أغسطس (آب) 2016، أطلقت كوريا الشمالية من غواصة صاروخاً قطع نحو 500 كيلومتر باتجاه اليابان؛ مما يشكل - حسب الخبراء - تقدماً واضحاً في برامج بيونغ يانغ.
ويرى الخبراء أن امتلاك بيونغ يانغ «صواريخ استراتيجية بحر - أرض» (إم إس بي إس) يمكن أن يؤدي إلى تصاعد كبير في الخطر النووي؛ لأن كوريا الشمالية يمكن أن تدفع بقوتها الردعية إلى خارج شبه الجزيرة، ويمكن أن تكون قادرة على توجيه «ضربة ثانية» في حال وقوع هجوم. وعلى الرغم من التقدم الذي يتحدثون عنه، يقول الخبراء إن كوريا الشمالية ما زالت بعيدة من امتلاك تقنية الصواريخ الاستراتيجية بحر - أرض.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».