أبحاث دولية حول «سيكولوجية الإرهابيين»

الأفكار المتشددة تحول قلة من حامليها إلى متطرفين

ريتشارد ريد صاحب الحذاء المفخخ أمضى جلسات الاستماع في المحكمة الفيدرالية الأميركية منصتاً وغير مكترث  («الشرق الأوسط»)
ريتشارد ريد صاحب الحذاء المفخخ أمضى جلسات الاستماع في المحكمة الفيدرالية الأميركية منصتاً وغير مكترث («الشرق الأوسط»)
TT

أبحاث دولية حول «سيكولوجية الإرهابيين»

ريتشارد ريد صاحب الحذاء المفخخ أمضى جلسات الاستماع في المحكمة الفيدرالية الأميركية منصتاً وغير مكترث  («الشرق الأوسط»)
ريتشارد ريد صاحب الحذاء المفخخ أمضى جلسات الاستماع في المحكمة الفيدرالية الأميركية منصتاً وغير مكترث («الشرق الأوسط»)

في سلسلة من الأبحاث الدولية التي شارك فيها باحثون في علم النفس من عدة دول في العالم، نشرت مجلة جمعية علم النفس الأميركية APA إصدارا خاصا حول سيكولوجية الإرهاب.
وتناولت الأبحاث المنشورة في العدد الخاص من مجلة «أميركان سيكولوجيست» مواضيع تبحث في دوافع تحول بعض الأفراد لتبني الأفكار المتشددة، وكيفية التنبؤ بتحولهم إلى إرهابيين، وعمليات الانتقال التدريجي من تبني التطرف السلمي نحو التطرف الإرهابي، ودور المجموعات السكانية في منع الشباب من الوقوع في فخ التطرف العنيف.
ويطرح علماء النفس دوما تساؤلات مثل: لماذا يتحول بعض الأشخاص من ذوي الأفكار المتشددة إلى إرهابيين بينما لا يتحول أغلب الآخرين من حملة تلك الأفكار؟ وما هي الأسباب التي تدفع البعض إلى القيام بأعمال عدوانية متطرفة؟ كما يطرحون أيضا تساؤلات حول العلاقة بين الأمراض العصبية وبين الانخراط في النشاط الإرهابي، وأخيرا يتساءلون عن دوافع المحققين لاستخدام طرق التهديد والتعذيب بينما تشير كثير من الدلائل إلى أن بناء علاقة مع المشتبه بهم، أو المناصحة، تقدم نتائج أفضل.
وقال الدكتور جون هورغان البروفسور في جامعة جورجيا للدولة، الذي استضافته المجلة بوصفه «رئيس تحرير - ضيف» لهذا العدد الخاص أن «الإرهاب يمثل أكثر المشاكل الاجتماعية تعقيدا في عصرنا الراهن». وأضاف أن «كثيرا من المناهج الأكاديمية تبذل الجهود لفهم الإرهاب، إلا أن كيفية التنبؤ بوقوع الحدث الإرهابي ودرئه، لا تزال غير معلومة. ولذا فإن الحاجة أصبحت ماسة لتدخل علم النفس بقوة في هذا المجال».

تفريق بين الفكر والإرهاب
من بين الأبحاث المنشورة بحث للدكتور كلارك ماكاوي والدكتورة صوفيا ماسكولينكو من كلية براين ماور الأميركية بعنوان «نموذج الهرمين» الذي يتناولان فيه مسألة التفريق بين «الرأي المتشدد» و«العمل المتطرف». ويقدم الباحثان استنتاجا مفاده أن التحول الجذري نحو «حمل الأفكار المتشددة» يمثل ظاهرة سيكولوجية تختلف عن ظاهرة التحول الجذري نحو «تنفيذ العمل المتطرف».
ولذا يصف الباحثان أولا «هرم الرأي» الذي يتألف من الأشخاص الذين يتشاركون بمستويات متسارعة من الأفكار المتشددة، ويصفون ثانيا «هرم الفعل المتطرف»، حيث تتدرج المستويات من مستوى السلبية إلى الانخراط في النشاط الحقوقي، إلى العمل السياسي العنفي، وإلى الإرهاب.
وقالت الدكتورة صوفيا ماسكولينكو في حديث هاتفي مع «الشرق الأوسط» لدى سؤالها عن مفهوم «الهرمين» والسبب الذي حدا بها إلى طرحه، أن «الدراسات السيكولوجية حول التشدد والإرهاب لم تبدأ إلا أخيرا، وأن كثيرا من الناس والاختصاصيين يخلطون بين الرأي المتشدد وبين الفعل الإرهابي». وأضافت أن «الفرق كبير جدا بين حمل رأي معين وبين تنفيذ أي فعل لتبرير هذا الرأي، فكثير من الناس يتحدثون عن آرائهم بضرورة تدوير النفايات، إلا أنهم لا ينفذونها بالضرورة». أما عن طرح مفهوم «الهرم» فأجابت ماسكولينكو أن الهرم يمثل شكلا هندسيا بقاعدة عريضة من الأشخاص الذين يحملون الآراء نفسها إلا أنهم خاملون، أما عند قمة الهرم فيوجد عدد صغير جدا من الأشخاص الذين دفعتهم تلك الآراء إلى تنفيذ فعل متطرف.
وأضافت الباحثة الأميركية أن «تبرير وجود نموذج الهرمين ينبع من الملاحظات المستقاة التي تشير إلى أن 99 في المائة من حاملي الفكر المتشدد لا ينفذون أي أفعال... ولذا فإن كثيرين يلتحقون بالعمليات الإرهابية من دون حملهم لأفكار متشددة».
واعتبرت أن البرامج المعدة لمكافحة الأفكار المتشددة التي لا تفرق بينها وبين التطرف العنفي أو الإرهاب، ستؤدي وبلا مبرر إلى مضاعفة التهديدات الإرهابية.

سيكولوجية الإذلال
وقدم الدكتور كلارك ماكولي أيضا ولشكل منفصل دراسة عن «سيكولوجية الإذلال والصراع غير المتكافئ» تناول فيه كيف يصبح الإذلال (وهو توليفة من الشعور بالعار والشعور بالغضب)، وفي أغلب الأحوال، العامل الرئيسي لتصاعد الأعمال الإرهابية.
وأضاف أن الدراسات حول سيكولوجية الإذلال لا تزال في بداياتها. وقال: «عندما يناقش المحللون دور الإذلال في وقوع الحروب، والإرهاب، والتطهير العرقي، فإنهم يتحدثون في الغالب وكأنهم يفهمون العواقب الناجمة عن الإذلال... إلا أن الحقيقة تقتضي أن نفهم الإذلال جيدا قبل أن نحاول فهم العنف الذي يجري بين المجموعات».
وتعتبر الأبحاث في مجال الإذلال حيوية لفهم ردود أفعال الحكومات على الإرهاب - وهو الأمر الذي يعتبره الكاتب غير مدروس بما فيه الكفاية من قبل الاختصاصيين في الإرهاب.
وقال: «ربما أن أكثر العواقب المفزعة لهذه التحليلات أن الإذلال لا يصيب الضعفاء فقط، إذ إن الأقوياء يمكن أيضا أن يتعرضوا له من قبل الضعفاء، إن لم تتمكن السلطات من ردع المجرمين مباشرة».

كشف الإرهابي المحتمل
وفي بحث آخر أعده الدكتور كيران سارما من الجامعة الوطنية بآيرلندا تحت عنوان «تقييم المخاطر ودرء التحول الراديكالي من اللاعنف إلى الإرهاب»، طرح التساؤل المحير حول ما إذا كان بالإمكان رصد وكشف الأشخاص الذين ينخرطون أو لا ينخرطون في الأعمال الإرهابية في المستقبل. ويظل هذا التساؤل محوريا لسلطات الأمن.
ويناقش الباحث تحديات تقييم المخاطر لدى الإرهابيين المحتملين، ويصف أساليب التحري الحالية للمشتبه بهم لرصد احتمالات تحولهم إلى عناصر إرهابية قائلا إنها لا تصمد أمام التحديات الأخلاقية والتجريبية. ولذا فإنه يؤكد على ضرورة اللجوء إلى ما يسميه «الحكم الهيكلي» أي التوصل إلى الحكم البشري لأصحاب القرار أو المحققين الذي عليهم القيام بجمع وتقييم وتركيب المعلومات قبل اتخاذ قراراتهم وإصدار أحكامهم.
وقدم الدكتور بول جيل والدكتورة إيميلي كورنر الباحثان بجامعة يونيفرسيتي كوليدج - لندن دراسة عن دور الأمراض العقلية في الانخراط بالأعمال الإرهابية.
وبعد تدقيقهما في الأبحاث التي أجريت على مدى 40 سنة في هذا المجال لم يتوصل الباحثان إلى استنتاج محدد لشخصية الإرهابي النفسية (البروفايل السيكولوجي). وقالا إن الدلائل المتوفرة تشير إلى وجود خصائص سيكولوجية تكون موجودة على الأكثر لدى الإرهابي تختلف عن خصائص أفراد الجمهور الآخرين، إذ إن لدى الإرهابيين معدلات عالية من الاضطرابات العقلية. وأضافا أنه لا يوجد اضطراب عقلي متميز منفرد يمكنه التنبؤ بتحول الشخص إلى إرهابي.

ممانعة المواطنين للإرهاب
وقدمت الدكتورة هيدي إيليس من كلية الطب في جامعة هارفارد ومستشفى الأطفال في بوسطن والدكتورة سعدية عبدي الطبيبة في المستشفة والباحثة في كلية الأعمال الاجتماعية بجامعة بوسطن تقريرهما الموسوم «بناء مجموعات سكانية مرنة وممانعة للتطرف العنفي عبر عملية التعاون الحقيقي الأصيل».
واعتبرت الباحثتان أن التواصل بين أفراد المجموعات يمثل أساس تحولها إلى كتل مرنة يمكنها منع الشباب من الانزلاق إلى تبني الأفكار المتشددة والعنف. وأشارتا إلى المبادرات الحالية التي تثير الجدل، وقالتا إن من الأفضل بناء علاقات صحية سليمة بين الهيئات الحكومية وبين أفراد المجموعات السكانية، وهو الأمر الذي سيتيح حصول السلطات على إشارات إنذار مبكر لمنع وقول الأعمال الإرهابية.
وفي تقريرهما الموسوم «الانتقام بدلا من الصلة» قال الدكتور لورنس أليسون والدكتورة إيميلي أليسون الباحثان في جامعة ليفربول، إن الفكرة القائلة بأن توليد الإحباط والفزع والخوف تشكل استراتيجية معتمدة للكشف عن المعلومات لدى المشتبه بهم، تناقض نتائج الأبحاث الجارية. وأضافا أن أساليب مثل الحرمان من النوم والتعريض للحرارة العالية والبرد الشديد وعملية حشر الجسم تؤدي بالفعل إلى اضطراب عملية التذكر وتقود إلى تشويه المعلومات المستقاة من المشتبه بهم.
وتجدر الإشارة إلى أن جمعية علم النفس الأميركية تضم نحو 116 ألفا من الباحثين والتربويين والأطباء والاستشاريين.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟