مؤتمر «مستقبل سوريا» يعد بـ11 مليار دولار وقروض

موغيريني: أي استثمار أوروبي في إعادة البناء لن يبدأ قبل اتفاق سلام بين السوريين

دقيقة حداد على أرواح ضحايا القصف الكيماوي على بلدة خان شيخون في افتتاح المؤتمر الدولي لدعم سوريا أمس. ويبدو من اليسار وزير الخارجية الكويتي ورئيس الحكومة اللبنانية وأمين عام الأمم المتحدة، والممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي (أ.ف.ب)
دقيقة حداد على أرواح ضحايا القصف الكيماوي على بلدة خان شيخون في افتتاح المؤتمر الدولي لدعم سوريا أمس. ويبدو من اليسار وزير الخارجية الكويتي ورئيس الحكومة اللبنانية وأمين عام الأمم المتحدة، والممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي (أ.ف.ب)
TT

مؤتمر «مستقبل سوريا» يعد بـ11 مليار دولار وقروض

دقيقة حداد على أرواح ضحايا القصف الكيماوي على بلدة خان شيخون في افتتاح المؤتمر الدولي لدعم سوريا أمس. ويبدو من اليسار وزير الخارجية الكويتي ورئيس الحكومة اللبنانية وأمين عام الأمم المتحدة، والممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي (أ.ف.ب)
دقيقة حداد على أرواح ضحايا القصف الكيماوي على بلدة خان شيخون في افتتاح المؤتمر الدولي لدعم سوريا أمس. ويبدو من اليسار وزير الخارجية الكويتي ورئيس الحكومة اللبنانية وأمين عام الأمم المتحدة، والممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي (أ.ف.ب)

اختتمت في بروكسل، أمس، أعمال المؤتمر الدولي حول «مستقبل سوريا والمنطقة»، برعاية الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وأطراف أخرى وبمشاركة وفود من 70 دولة ومنظمة دولية وإقليمية معنية بمساعدة اللاجئين السوريين، فيما تعهدت دول وجهات دولية عن محاولة الوفاء بتوقعات بأن تصل المساهمات المالية إلى أكثر من 11 مليار دولار، إلى جانب مبالغ أخرى كبيرة في شكل قروض.
وكشف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن أن الجزء الأكبر من التعهدات المالية للمتبرعين لدعم اللاجئين السوريين في الداخل والمجتمعات المضيفة، قد سددت بالفعل، ولكن المشكلة أنها ليست كافية لأن التحديات والظروف الدرامية التي يواجهها اللاجئون والمنظمات الدولية كثيرة. واعتبر غوتيريش أن هذا المؤتمر يعبر عن رغبة المجتمع الدولي ممارسة ضغط على الأطراف المنخرطة في الصراع السوري لتضع خلافاتها جانباً وتتوجه نحو حل سياسي، مؤكداً أنه «يجب أن تؤدي المشاورات في آستانة إلى وقف إطلاق نار حقيقي، ومفاوضات جنيف إلى إطلاق عملية سياسية ورحلة انتقالية وإلا فستستمر معاناة السوريين».
من جهته، قال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري لدى وصوله إلى مقر انعقاد المؤتمر، إنه جاء لكي يخبر المجتمع الدولي أن لبنان لم يعد قادراً بأي شكل من الأشكال على تحمل أعباء مليون ونصف المليون من النازحين السوريين.
وشدد على ضرورة أن يتحرك المجتمع الدولي لوقف الصراع في سوريا، منوهاً بالاعتداء بالغاز السام، أول من أمس، بقوله: «الجميع يأتي إلى بروكسل لتلاوة كلمات، وقد قال النظام السوري كلمته... ولسوء الحظ، لا أحد لديه الشجاعة للقيام بأي شيء ضد هذا النظام».
على الصعيد الإنساني، أعلنت عدة دول وجهات دولية عن مساهماتها المالية بمستويات متفاوتة، في محاولة للوفاء بتوقعات بأن تصل المساهمات إلى أكثر من 11 مليار دولار، إلى جانب مبالغ أخرى كبيرة في شكل قروض. وجاء ذلك فيما أعربت المنظمات الناشطة في العمل الإنساني، أن حجم المعاناة أكبر من حجم المساعدات، ولا بد من زيادة المساهمات الدولية كما اشتكت دول الجوار من الأعباء التي تتحملها بسبب النازحين.
وأعلن وزير الخارجية الألماني زيجمار غابريل خلال المؤتمر أن بلاده ستخصص لضحايا الحرب الأهلية في سوريا المزيد من المساعدات بقيمة 169.‏1 مليار يورو.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية، عنه قوله، أن تلك المساعدات سيتم ضخها بصورة إضافية على المساعدات التي تعهدت ألمانيا بتقديمها خلال مؤتمر المانحين بلندن بقيمة 3.‏2 مليار يورو بحلول نهاية 2018. وفي المقابل، أكد غابريل أنه طالما لا يوجد تغيير في السلطة في سوريا، فإنه لا ينبغي استخدام تلك الأموال في إعادة إعمار البلاد. ولم يتضح بعد متى سيجري الإفراج عن إجمالي المساعدات التي تم التعهد بها.
وحرصت الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني، على التأكيد على أن الهدف من المؤتمر الذي عقد على مدى يومين، هو إظهار مدى دعم المجتمع الدولي للسوريين، وخصوصاً المفاوضين الذين يتعين عليهم بذل مزيد من الجهد من أجل التوصل إلى حل. وأوضحت أن اللقاءات التي تمت مع أطراف متعددة ومختلفة من منظمات وهيئات مجتمع مدني سورية، من نساء ورجال، أظهرت مدى تصميم السوريين على العمل لبناء مستقبلهم على أساس التنوع والوحدة.
وشددت المسؤولة الأوروبية على أن هدف مؤتمر بروكسل هو التأكيد على استمرار العمل والمساعدات الإنسانية وبدء التحضير لمرحلة ما بعد الصراع في سوريا، مؤكدة أن أي استثمار أوروبي في مجال إعادة البناء داخل سوريا، لن يبدأ ما لم يتم توقيع اتفاق سلام بين السوريين وإطلاق الحل السياسي. وأقرت موغيريني بأن الاتحاد الأوروبي تعلم من دروس الماضي، ولن يسمح لأي طرف بتدمير ما يقوم هو بتشييده، وحذرت من أنه «لن نتحمل وحدنا المسؤولية عن إعادة الإعمار، فنحن لسنا طرفاً في الصراع ولم نقم بالتدمير، ولكننا جاهزون لتقديم ما علينا».
وحرصت موغيريني، قبل أن تختتم كلامها، على الثناء على «العمل الهام» الذي يقوم به المبعوث الدولي دي ميستورا من أجل جمع الأطراف المتفاوضة السورية وتشجيعها على البحث عن اتفاق سلام.
وحول ما يجري في جنيف، بدا المسؤول الأممي متفائلاً رغم كل ما حدث خلال الجولة الأخيرة، مؤكداً أن الأطراف السورية أفادت بأنها ستحضر جولة جديدة وأنها بدأت بمناقشة الأمور «بجدية وعمق». وأكد دي ميستورا، أن عليه، بوصفه وسيطاً دولياً، واجب الحفاظ على سرية المفاوضات، ملمحاً إلى حدوث بعض التقدم حول قضايا هامة في الجولة الأخيرة من محادثات جنيف، وقال: «علينا التمسك بالأمل حتى عندما تبدو الأمور مستحيلة».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.