برحيل سمير فريد يوم أول من أمس (الثلاثاء)، بعد أشهر طويلة من المعاناة، إثر إصابته بمرض السرطان، يغيب الموت أحد آخر الأحياء من الجيل الذي حمل شعلة النقد السينمائي باكراً.
إنها ستينات القرن الماضي: سمير فريد وفتحي فرج وسامي السلاموني وعلي أبو شادي ويوسف شريف رزق الله ومصطفى درويش وكمال رمزي ورفيق الصبّان وبضعة شبّان آخرون، أنعشوا الحركة النقدية السينمائية في القاهرة مباشرة بعد الجيل الأسبق الذي بزغ في الأربعينات والخمسينات. وأضحوا الخط الموازي لانتعاش مماثل في السينما المصرية في ذلك الحين ناتج عن توفير الدولة أسباب نهضة الفيلم المصري، ولاحقاً، عن تصدي عدد من المخرجين الجدد لمسيرة السينما المصرية ومدّها بدم جديد.
في كتاباته، حرص الناقد المعروف على مستوى العالم العربي، كما في الغرب، على اللجوء إلى أسلوب سهل وعميق. رسالته كانت تقديم الفيلم، سواء أكان معه أو عليه، مفندا الأسباب التي دعته إلى تبني رأيه فيه. ومع أنّه من النقاد الذين حرصوا كثيرا على شرح الموضوع وتوفيره بالبحث أكثر من الاهتمام بالجوانب الفنية الصرفة، إلا أنّه التزم أيضا بالثقافة الفنية ككل وأمّ الكتابات ذات المنهج التاريخي وبرع فيه.
ولد سمير فريد سنة 1943 في القاهرة، وتخرج في قسم النقد في المعهد العالي للفنون المسرحية سنة 1965، لكنه سريعا ما بدأ الكتابة في السينما عوض المسرح، ونجح في استقطاب الاهتمام منذ ذلك التاريخ أولا في جريدة «الجمهورية»، وبعد ذلك في جريدة «المصري اليوم»، حيث التزم بتقديم زاوية يومية. على الرغم من أنّ حجمه الثقافي الكبير في الكتابة السينمائية المتخصصة فإنّه نوّع في كتاباته خلال السنوات الأخيرة، متناولا شؤونا سياسية وتاريخية واجتماعية وفنية شتّى. لكنه كان لا يزال صاحب القلم اللامع والرأي الكاشف كلما تناول فيلما أو عملا سينمائيا بالنقد.
أحيط سمير فريد دوما باهتمام كبير أينما حل، وهو كان موضع ترحيب من مهرجانات ومؤسسات ثقافية عربية وعالمية. وفي فبراير (شباط) الماضي، تم إهداؤه تكريما خاصّا في مهرجان برلين السينمائي استحقه بلا ريب. وسبق له أن نال جوائز تقديرية في مهرجانات دمشق وقرطاجة ودبي، وله العدد الأوفر من الكتب السينمائية بين النقاد.
ابتسامته الملازمة ونبرته الهادئة، غالباً، وانفتاحه على الآخر، من بين المميزات الأخرى التي جعلته ناقدا موثوقا ومثيرا لإعجاب من جاء من بعده. وعلاوة على كل ذلك، امتلك الناقد الراحل أرشيفا كبيرا في منزله يحتوي على مئات الكتب المتخصصة، وما لا يحصى من المقالات النقدية لسواه. مكتبة يدرك من يطّلع عليها الباع الطويل لصاحبها في المضمار الذي اختار التعبير عنه في كل لحظة من حياته.
رحيل سمير فريد كبير نقاد السينما العرب
درس المسرح ومارس السينما وكتب في الفن والسياسة
رحيل سمير فريد كبير نقاد السينما العرب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة