«سوذبيز» تطلق موسم الفن الإسلامي في لندن

في المزاد: أسطرلاب أندلسي ومنسوجات عثمانية وجواهر إمبراطورية

مجموعة جعفر غازي من المصاحف والمخطوطات (سوذبيز)  -  جزء من القرآن الكريم كتب على أوراق الزهور وأغصانها
مجموعة جعفر غازي من المصاحف والمخطوطات (سوذبيز) - جزء من القرآن الكريم كتب على أوراق الزهور وأغصانها
TT

«سوذبيز» تطلق موسم الفن الإسلامي في لندن

مجموعة جعفر غازي من المصاحف والمخطوطات (سوذبيز)  -  جزء من القرآن الكريم كتب على أوراق الزهور وأغصانها
مجموعة جعفر غازي من المصاحف والمخطوطات (سوذبيز) - جزء من القرآن الكريم كتب على أوراق الزهور وأغصانها

في إحدى الغرف الخاصة بالباحثين والخبراء في قسم الشرق الأوسط، تصطف قطع ثمينة من وثائق ومصاحف نادرة وقطع من الحلي الشرقي وآنية وعيرها، وكل ما يخطر على بال أي محب للفنون الإسلامية.
من أين نبدأ الجولة؟ تبدو القطع المصفوفة بعناية مغرية جداً، وكل منها تحمل قصة من صانع قضى أياماً وشهوراً يحسّن ويجوِّد في صنعته وأيضاً قصصاً لناس اشتروا تلك القطع ثم باعوها. ولكي لا نتوه في متاهة «علي بابا»، أستعين بالخبراء الذين أشرفوا على جمع القطع وتصنيفها وإجراء البحوث المستقصية حول كل تفصيلة صغيرة وكبيرة بها، وتجمع فيما بينها ألف عام من تاريخ الفن الإسلامي.
البداية كانت مع عدد من المنسوجات الرائعة، التي يحيط بكل منها إطار خشبي ضخم، وهي من مجموعة آرغين بيناكي سالفاغو، وهي سليلة أسرة بيناكي التي عاشت بالإسكندرية في ثلاثينات القرن الماضي. أسرة بيناكي تبرعت بمجموعة كبيرة من مقتنياتها لإنشاء متحف باسمها في أثينا.
ومن خلال الحديث مع بينديكت كارتر مدير قسم الفن الإسلامي، والخبيرة كيارا دي نيكوليه، أتعرف عن قرب على أهمية تلك القطع بارعة الجمال، وأيضاً الدقة في تصميمها التي تلتقطها العين الخبيرة.
تشير الخبيرة إلى أن القطع الموزعة أمامنا لم تُعرَض في السوق من قبل، وتتمتع بحالة جيدة، وتقول إن الملكة كانت حريصة على أن تحمي تلك القطع النادرة من الضوء والحرارة، وإنها كانت تحتفظ بها في غرفة مظلمة.
القطعة الأولى مصنوعة من المخمل الأحمر الذي ما زال يحتفظ بألقه، تتخلله نقوش ذهبية تمثل تيمة معروفة في الفن العثماني، وهو ما يطلق عليه اسم «شينتماني»، ومعناه «حجر السعد». نرى الرمز نفسه يتكرر في عدد من القطع الأخرى في القاعة من المنسوجات والسيراميك وفي زخرفة المصاحف.
يمكننا رؤية الخيوط الفضية المستخدمة في تطريز المنسوجة، وهو أمر شبه نادر في المنسوجات، حسبما تذكر دي نيكوليه، وهو ما يدل على الحالة الجيدة والعناية التي عوملت بها القطعة، وتضيف: «في العادة لا نرى قطع المخمل في حالة جيدة، ولكن هنا يبدو لنا مدى العناية التي أحاطت بالمنسوجات».
من مجموعة بيناكي أيضاً تشير الخبيرة لمنسوجة أخرى تتميز بوجود إطار مربع ذهبي في وسطها، وكأنما وضع فوق الموتيفات الذهبية الملوَّنة، التي تستمر تحت الإطار الخشبي، الذي يشير له كارتر قائلاً: «احتفظنا بالإطارات الخشبية، إذ إنها جزء من تاريخ القطع».
* قصة قلادة الإسبينيل
من القطع النادرة في المزاد قلادة من الذهب تنتهي بحجر الإسبينيل 55 قيراطاً، القلادة كما يشير كارتر حديثة العهد، ولكن ما يمثل أهمية خاصة هو الحجر الأحمر المميز بنقوش محفورة عليه بالخط الفارسي (نستعليق) نقرأ فيها أسماء ثلاثة أباطرةِ مغولٍ، منهم شاه جاهان 1615م. ولقطعة الحجر قصة حديثة تناولتها الصحافة في عشرينات القرن الماضي. القطعة كانت ملكاً لسيدة إنجليزية، وفُقِدَت منها خلال رحلة بالقطار لشمال إنجلترا في عام 1927م، وعُثِر عليها بعد أسبوعين لدى موظف بالسكة الحديد الذي لم يحزر قيمتها، وتركها لأطفاله ليلعبوا بها. ويقدر الخبراء سعرها اليوم بمبلغ يتراوح ما بين 60 ألفاً إلى 80 ألف جنيه إسترليني.
* أسطرلاب أندلسي
تحمل الأدوات الفلكية والعلمية أهمية خاصة في مزادات الفنون الإسلامية؛ فهي تعكس جانباً مشرقاً من الحضارة الإسلامية، كما تلقي الضوء على الاكتشافات العلمية التي سبق العلماء المسلمون إلى اكتشافها في قرون الازدهار. من تلك القطع يعرض لنا كارتر «أسطرلاباً» يحمل كتابات باللغة العربية ويحتل أهمية خاصة بين القطع المشابهة له؛ فهو يعد من أوائل، إن لم يكن أول أسطرلاب، صُنِع في الأندلس ويعود تاريخه لـ1020م وهو من صنع محمد بن الصفار من قرطبة، كما نلاحظ من الكتابة على ظهر القطعة. يعقب كارتر بالقول: «هذه القطعة لم تُعرَض في السوق من قبل، وتأتي من مجموعة خاصة في فرنسا، هناك ثلاث فقط للصانع نفسه موزعة ما بين أدنبره وبرلين وباليرمو. الأسطرلاب مكتمل الأجزاء ويُتوَقَّع له سعر ما بين 300 ألف و500 ألف جنيه».
* مخطوطات ومصاحف
تتميز مزادات الفن الإسلامي دائماً بوجود المخطوطات المهمة والمصاحف النادرة، وهو ما نجده في هذا المزاد متمثلاً في عدد من المصاحف نادرة الجمال بالإضافة إلى البراعة في خطها وزخارفها، وأيضاً في عدد من اللفائف والمخطوطات المختلفة في مواضيعها.
من القطع اللافتة لفافة بطول ثمانية أمتار تمثل وثيقة حج، ربما صُنِعَت في الهند أو في مكة، وتعود للقرن الـ19. اللفافة ثرية في الرسومات والزخارف، تبرز في وسطها رسومات تمثل مشاهد من شعائر الحج، من الحرم والكعبة وجبل النور وجبل ثور والحرم النبوي. أتساءل عن الوقت الذي يستغرقه تنفيذ مثل هذه المخطوطة، يشير كارتر إلى أن ذلك يعتمد على الخطاط، وفي حالتنا هذه يبدو أن خطاطاً واحداً فقط كتبها، بينما يُمكِن أن تكون الرسوم نُفِّذَت من قبل فنان آخر، وربما كان هناك فنان ثالث للزخارف. اللافت هو التبطين بالحرير الأخضر من الخلف.
القطعة التالية كانت مفاجأة مذهلة لكل الحاضرين في القاعة، وكانت في هيئة مجموعة متلاصقة من الأوراق المقوية، على هيئة «الأكورديون»، كل ورقة تحمل جزءاً من القرآن مكتوباً على هيئة أزهار وأوراق شجر، يقول كارتر: «لم أرَ مثل هذا المصحف من قبل». الأوراق دقيقة التصميم والزخرفة، نحاول قراءة الكتابة... وينجح كارتر في قراءة بضعة أسطر، ولكن الأمر يبدو معقداً للغاية ربما لدقة الحروف أو لتوزيع الكتابة على الأزهار والأوراق حسب التصميم.
مصحف آخر على هيئة لفافة، بتوقيع عماد الدين سليم من غوجارات بالهند 1889م، بديع التصميم، والألوان محفوظة داخل صندوق من الفضة، وهو ما يرجِّح أن المخطوطة كُتِبَت للاستخدام المنزلي.
وتأتي المفاجأة الثانية عندما يحمل كارتر في كف يده قرآناً مصغراً على هيئة ثُمانِي الأضلاع، واجهته لوحة بديعة من الأزهار الملونة، وكتبه محمد هاشم اللؤلؤي الأصفهاني من فارس 1770م.
من المنمنمات، من القرن الـ16، مشهد لوليمة وأشخاص ينشغلون بالطبخ، وآخر يحمل الرق، في حفل أو رحلة برية، التفاصيل الدقيقة تشغل الحاضرين لمحاولة معرفة الأشخاص الذين انشغل كل منهم بوظيفة ما؛ من الرجل الذي يشمر عن ساعديه أمام قدر يتصاعد منه البخار، وآخر يضع المزيد من الحطب للنار، وثالث يحمل قارورة يسكب منها في صحن ويقلِّب المحتوى بمعلقة. المشهد بتفاصيله يعادل مشهداً سينمائياً جميلاً.
* جواهر السلاطين
ولا يخلو مزاد الفن الإسلامي من قطع الجواهر والحلي الملونة التي كانت تزين صدور سيدات الطبقة الحاكمة وقطع الجواهر الملونة التي كانت علامة على الجاه والسلطان عند تثبيتها على أعلى عمامة أو حزام لسلطان أو وزير.
منها يعرض كارتر عقداً مطعماً بالأحجار الكريمة من شمال الهند، يرجع إلى القرن الـ19، صُنِع بأمر أحد الأثرياء، صياغته دقيقة، الأحجار تبدو شفافة بفعل الورق المفضض الذي يبطنها على الطريقة الشائعة في القرن الـ19 بالهند. ويتمتع ظهر العقد بزخارف جميلة من المينا الملونة.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.