«غوغل» يحتفي بعبقري ناطحات السحاب البنغلاديشي

فضل الرحمن خان أحدث ثورة في العمارة العالمية

احتفال «غوغل» بالمصمم المعماري فضل الرحمن خان
احتفال «غوغل» بالمصمم المعماري فضل الرحمن خان
TT

«غوغل» يحتفي بعبقري ناطحات السحاب البنغلاديشي

احتفال «غوغل» بالمصمم المعماري فضل الرحمن خان
احتفال «غوغل» بالمصمم المعماري فضل الرحمن خان

احتفل موقع «غوغل»، أول من أمس (الاثنين)، بعيد ميلاد فضل الرحمن خان المعماري ومهندس الإنشاءات البنغلاديشي - الأميركي، الـ88، برسم يظهر فيه مركز جون هانكوك الشهير في شيكاغو، الذي كان واحداً من أشهر تصاميم خان.
تخصص خان في تصميم الأنظمة الهيكلية لناطحات السحاب. ويُعدّ «أبا التصاميم الأنبوبية» للأبنية العالية جداً، وكان خان أيضاً رائداً في مجال التصميم بمساعدة الحاسوب. وكان المهندس الإنشائي لـ«برج سيرز» أو «برج ويليس»، أطول مبنى في العالم منذ 1973 حتى 1998، ومركز جون هانكوك (100 طابق). كما صمم مطار الملك عبد العزيز في جدة الذي يعرف باسم {مطار الحج}.
أضحى مبنى «إمباير ستايت» بمدينة نيويورك في عام 1931، أطول مبنى في العالم، ووضع بالتالي الولايات المتحدة على الساحة العالمية بعد الحرب العالمية الثانية. وعلى الرغم من ذلك، لم يتوقع كثيرون أن هذا المبنى الذي يبلغ ارتفاعه 381 متراً (1250 قدماً)، سيظل أطول مبنى في العالم لأكثر من أربعة عقود.
بعد الانتهاء من تشييده، ضرب الكساد الكبير الولايات المتحدة والعالم، واندلعت عام 1939 الحرب العالمية الثانية، وما رافقها من تقشف طيلة سنوات الحرب.
كل هذه الأحداث حصلت قبل أن يظهر خان، المهندس الذي وُلِد في بنغلاديش، وانتقل للإقامة في الولايات المتحدة. فتح تصميم «النفق»، الذي ابتكره خان، الباب أمام جيل جديد من ناطحات السحاب التي يمكن بناؤها بأمان وبكفاءة وفعالية. فجاءت تصاميمه السبب وراء تشييد أطول مبانٍ في العالم منذ مبنى التجارة العالمي في عام 1972.
وُلِد فضل الرحمن خان عام 1929 في مدينة دكا بوسط بنغلاديش اليوم، لكنها آنذاك كانت الهند البريطانية. بعد دراسة الهندسة المدنية حصل عام 1952 على منحة دراسية في الولايات المتحدة، حيث درس في جامعة إلينوي بشيكاغو.
وفي الوقت الذي كان يعمل فيه بشركة معمارية في المدينة، تنامى قلق من المساحة المتاحة لسكن الناس في المناطق الحضرية، ومن الانفجار السكاني، لكن كان يُنظر إلى تصميمات ناطحات السحاب مثل مبنى «إمباير ستيت»، التي تطلبت تعزيزات هائلة من المعدن غير القابل للصدأ حتى تظل ثابتة ومستقرة، باعتبارها تفتقر إلى الكفاءة الاقتصادية.
لم يتمثّل إنجاز خان الأكبر بابتكار تصميم جديد يحافظ على صلابة المبنى واستقراره باستخدام دعامات مركزية من المعدن الذي لا يصدأ، بل باستخدام الإطار الخارجي للمبنى أيضا. سلسلة من الأنفاق الرأسية شكّلت الإطار الذي يوفر صلابة مذهلة تحمي من الرياح العاتية والزلازل. كما يوفر التصميم مساحة أكبر داخل المبنى. أول تصاميم خان كان مبنى «ديويت - تشيستنات» في شيكاغو، ثم مركز جون هانكوك الشهير في شيكاغو عام 1968. وقد شكّل في ذلك الوقت ثاني أطول مبنى في العالم بعد مبنى «إمباير ستيت»، وكان أكثر فعالية في بنائه. ظل مبنى مركز التجارة العالمي أطول مبنى في العالم لمدة عامين قبل أن يتفوق عليه برج «سيرز تاور» في شيكاغو وهو واحد من تصاميم خان. وبقي المبنى الذي يبلغ ارتفاعه 442 متر (1450 قدماً)، والمكون من 108 طوابق، أطول مبنى في العالم لمدة 24 عاماً.
في عام 1982 تُوفي خان، لكن لا يزال هيكل النفق مستخدماً في بناء ناطحات السحاب، ومن بينها تلك التي حلّت محل «سيرز تاور» باعتبارها الأكبر في العالم. ولا تزال تصاميم ناطحات السحاب الخاصة بخان، مستخدمة حتى يومنا هذا، تجعل منه واحداً من أهم المهندسين المعماريين المؤثرين في التاريخ. لقد كان رائداً في استخدام التصميم بمساعدة الكومبيوتر، وكذلك في تقديم مساعدات إنسانية أثناء حرب الاستقلال في بنغلاديش.
لدى الانتهاء من تشييد برج خليفة عام 2010، وصفته صحيفة «تلغراف» بـ«التعبير المطلق عن فلسفة تصميمه الجريء ذي الوزن الخفيف»، فيما أشار إليه باراك أوباما، الرئيس الأميركي السابق، في عام 2009، على أنّه مثال يؤكد مساهمات المسلمين التي يقدمونها إلى أميركا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».