اختتام الدورة الأولى لملتقى فنون ذوي الاحتياجات الخاصة في القاهرة

مشاركات من 27 دولة وفعاليات تنوعت لتنمية المواهب

رضا فضل صاحب الجائزة الأولى في الفنون التشكيلية
رضا فضل صاحب الجائزة الأولى في الفنون التشكيلية
TT

اختتام الدورة الأولى لملتقى فنون ذوي الاحتياجات الخاصة في القاهرة

رضا فضل صاحب الجائزة الأولى في الفنون التشكيلية
رضا فضل صاحب الجائزة الأولى في الفنون التشكيلية

أسدل الستار، مساء أول من أمس، على فعاليات الدورة الأولى للملتقى الدولي الأول لفنون ذوي الاحتياجات الخاصة «أولادنا»، والذي احتضنته العاصمة المصرية القاهرة على مدار أسبوع كامل، بمشاركة 27 دولة عربية وأجنبية، وبرعاية وتنظيم من جانب عدة وزارات مصرية.
وهدف الملتقى إلى إبراز إبداعات ومواهب المشاركين من ذوي الاحتياجات الخاصة، وإتاحة الفرصة أمامهم لتنمية ودعم مواهبهم، كما أنه حاول خلق فرص للتفاعل الإيجابي بينهم وبين أقرانهم الأصحاء، من خلال حفلات وورش الفنون المختلفة التي تم إقامتها في الأماكن السياحية الشهيرة بمصر، مثل شارع المعز وقصر الأمير طاز وقلعة صلاح الدين وحديقة الأزهر وجامع عمرو بن العاص والمتحف القبطي وغيرها. كما شملت فعاليات الملتقى تكريم عدد من الشخصيات المصرية والعربية والأجنبية الذين لهم إنجازات لصالح ذوي الإعاقة وقدموا أعمالا للتوعية بقضاياهم، كان أبرزهم الفنانة المصرية نبيلة عبيد، لتقديمها دور معاقة ذهنيا في فيلم «توت توت»، إنتاج عام 1993، وتكريم خاص لاسم الفنان الراحل نور الشريف عن دور الأصم في فيلم «الصرخة»، إنتاج عام 1991.
وبحسب سهير عبد القادر، مؤسس المهرجان، فإن العمل على انطلاق هذا الملتقى بدأ قبل نحو 8 أشهر، لافتة إلى أن هناك توصية خرجت بها لجان المهرجان بتنظيمه كل عام في التوقيت نفسه.
تضمن الملتقى مجموعة من مسابقات في مجالات السينما والغناء والاستعراض والفنون التشكيلة. وفي إطار ذلك عرض المهرجان 22 فيلما من 13 دولة تدور جميعها حول قضايا متحدي الإعاقة، وشاركت فيه فرق استعراضية لمتحدي الإعاقة من دول العالم المختلفة، إضافة لمعارض للفنون التشكيلية، وعلى هامش المهرجان أقيمت سوق لمنتجات متحدي الإعاقة تشارك فيها 166 مؤسسة مصرية.
وأقيم حفل ختام الملتقى في جامعة القاهرة، بحضور عدد كبير من الوزراء والفنانين المصريين والعرب، حيث تم الإعلان عن الجوائز. وتوج فريق لتيزيا درامز من إيطاليا بجائزة عمار الشريعي (الملحن المصري الراحل) للموسيقى، وفاز بجائزة سيد مكاوي (المطرب والملحن الراحل) للغناء الطفل محمد قنديل من فريق عزيمتنا الأردني.
وفازت بجائزة دكتورة رتيبة الحفني (أول رئيس لدار الأوبرا المصرية) للاستعراض كل من فرقة شنغهاي من الصين، وفرقة الصامتين من مصر، وفرقة أصدقاء الغد المشرق من مصر، ونالت فرقة مؤسسة وسيلة الخير وفرقة الدبكة الأردنية وفرقة مركز الفاروق السوداني وفرقة مدارس مصر للغات شهادات شكر خاص للاستعراضات.

وفي فئة السينما؛ فاز فيلم «وقت الحب» من بنما بجائزة طه حسين لأفضل فيلم قصير، وفاز الفيلم الفلسطيني حصاد الضوء، بجائزة طه حسين لأفضل فيلم وثائقي، وفاز الفيلم اللبناني «ربيع» بجائزة طه حسين لأفضل فيلم روائي طويل، ومنحت لجنة التحكيم جائزة خاصة لفيلم «قصة ماري» من فرنسا، ومنح الفيلم الفرنسي «اليوم الثامن» شهادة شكر.
أما في فئة الفنون التشكيلية، ففاز بجائزة ماجدة موسى (صانعة الأولمبياد الخاص المصري) للفنون التشكيلية رضا فضل من مصر بالجائزة الأولى، وبالجائزة الثانية خالد عمار، وبالجائزة الثالثة أحمد ناجي من مصر أيضاً.
وقال الفنان رضا فضل بالجائزة الأولى، وهو رسام فاقد للكفين والساعد الأيمن، لـ«الشرق الأوسط»: «بحمد لله توجت بشهادة ودرع الملتقى عن أعمالي المُشارك بها، وهي تحبير بالأبيض والأسود بقلم الرابيدو الأسود على خلفية بيضاء، وهنا تكمن صعوبتها، كما أنني أيضاً أرسم بالزيت والإكريلك».
وتابع: «الجائزة تدعمني للاستمرار، فالرسم حلم فكرت فيه من فتره بعيدة رغم ظروفي، وأتمنى أن تنال فنون الفئات الخاصة الاهتمام والتشجيع لأنهم ينتجون أعمالاً فنية جيدة للغاية ينافسون بها الأسوياء».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».