البنك المركزي الإيراني يحاول استرداد 16 مليار دولار ديوناً مستحقة

الديون المتأخرة لصالح 23 شخصا ممتنعين عن التسديد وبعضهم رهن الاعتقال

البنك المركزي الإيراني يحاول استرداد 16 مليار دولار ديوناً مستحقة
TT

البنك المركزي الإيراني يحاول استرداد 16 مليار دولار ديوناً مستحقة

البنك المركزي الإيراني يحاول استرداد 16 مليار دولار ديوناً مستحقة

أفاد تقرير صادر عن البنك المركزي الإيراني أن حجم الديون المستحقة على 23 شخصا تجاوزت 16 مليار دولار، في حين أنهم يمتنعون عن سدادها. وأضاف التقرير أن المركزي الإيراني لم يتسلم الديون التي تعد من المصادر المالية للبلاد. ولم يقدم البنك المركزي تفاصيل أخرى بشأن هذه الأرقام، ولكنه قال بأن معظم أصحاب الديون المتأخرة هي المؤسسات، والمنظمات، والمصانع الحكومية. وأضاف تقرير البنك المركزي الإيراني أنه وبغض النظر عن 23 شخصا من أصحاب الديون، هناك 61 آخرون لديهم ديون متراكمة تتجاوز 34 مليار دولار.
وأصدر رئيس السلطة القضائية في إيران آية الله آملي لاريجاني أوامر بضرورة مواجهة المتورطين في قضايا الفساد الاقتصادي، وأصحاب الريع، ومتابعة الديون المتراكمة للبنوك. وإثر إصدار هذه الأوامر، قال الناطق باسم السلطة القضائية حجة الإسلام محسني إجئي خلال مؤتمره الصحافي الستين منذ أسبوع إن «السلطة القضائية اتخذت إجراءات مؤثرة بشأن قضية سداد الديون للمصارف خلال العامين الماضيين. ورغم أن السلطة التنفيذية والبنك المركزي هما الجهات المسؤولة لمتابعة الأمر، غير أن الادعاء العام تدخل لمتابعته».
وأشار إجئي إلى اعتقال عدد من الأشخاص العاملين في المصارف ولا يزال البعض منهم خاضعا للاعتقال في بعض المحافظات، وقال: «قمنا بإعداد قائمة من الديون التي يتجاوز حجمها 34 مليار دولار لتحديد أصحاب الديون الذين لديهم ديون مستحقة عليهم».
وصرح مندوب مرشد الجمهورية الإسلامية في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد جليلي منذ فترة أن «حجم الديون المستحقة على 23 شخصا تجاوز 16 مليار دولار. يعادل هذا المبلغ إجمالي المبالغ النقدية التي تدفعها الحكومة لكافة المواطنين الإيرانيين خلال ثلاثة أشهر».
وتواجه البنوك، والمؤسسات المالية، وشركات الائتمان في إيران مشاكل كثيرة أهمها قضية الديون المتأخرة، وعدم تحصيلها.
وقال عضو المعهد المالي والمصرفي للأبحاث في إيران علي حسن زادة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إذا لم تتمتع المصارف بآليات منظمة وشفافة تتولى الإشراف عليها، فإن عملية دفع الأموال، وتحصيلها تواجه مشاكل أساسية. ولا تعد الضمانات المالیة شرطا كافيا لتقديم التسهيلات المصرفية».
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو من الذين تمكنوا من أخذ هذه المبالغ الطائلة من البنوك وعدم استردادها؟ قال الخبير المالي الإيراني الدكتور محمد طيبي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لم يقم النظام المصرفي في إيران بتصنيف زبائن المصارف. يؤدي غياب آلية لتصنيف الزبائن إلى توزيع المصادر المالية والائتمانية بشكل عشوائي بين الأشخاص من جهة والمؤسسات والشركات من جهة أخرى».
وتابع طيبي «إن الأشخاص الذين يرغبون في الحصول على ديون تفوق مليار دولار من المصارف يصنفون في عدة خانات. يقدم بعضهم معامل كضمانة مالية لهم. وإذا حصلت مشاكل في عملية الدفع، أو لم تجر مثلا عملية شراء الأجهزة التي يرغبون في شرائها فإنهم يحصلون على مبالغ مالية كبيرة من خلال تزوير الوثائق. من جهة أخرى فهناك أفراد يقدمون عقارا كضمانة مالية للمصرف، في حين أن الخبير المصرفي يتسلم رشاوى ويزيد من سعر العقار أي أكثر من سعره الحقيقي. وسيواجه المصرف مشكلة جدية عند حصول الدين، لأن سعر العقار الحقيقي الذي تم تقديمه كضمانة مالية أقل بكثير من السعر المعلن عنه.
وأضاف طيبي «يستخدم الأفراد أساليب عدة للحصول على قرض كبير من البنوك، منها ممارسة الضغوط على المصارف، أو المحسوبية من قبل بعض الجهات المشرفة أو السياسية التي تصدر أوامر للمصرف بدفع مبالغ طائلة تتجاوز ملايين الدولارات إلى بعض الأشخاص بشرط تقديم ضمانة مالية معتبرة كالعقارات. يحصل بعض الأفراد على القروض البنكية بهذه الطرق ولكنهم يمتنعون عن سداد ديونهم بسبب الدعم الذي يتلقونه من جهات حكومية. وإذا قام هؤلاء بسداد ديونهم یوما فإن الضمانة المالية قد فقدت جزءا كبيرا من قيمتها المالية».
يعتقد بعض الخبراء بأن المصارف غير الحكومية من الأسباب الأخرى التي تساهم في تأخير أو عدم تحصيل الديون البنكية. وأصدر البنك المركزي إحصائيات عن حجم الديون المتأخرة في مطلع فصل الربيع، وأظهرت الإحصائيات أن حجم الديون المتأخرة شكل نحو 15 في المائة من إجمالي الخدمات المصرفية والائتمانية. وبلغ حجم الديون المتأخرة في مارس (آذار) 2013 نحو 19 مليار دولار، فيما ارتفع هذا الرقم بنحو ملياري دولار في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الإيراني الجاري (بدأ في 21 مارس/ آذار).
وأشار النائب الإيراني مصطفى أفضلي فرد إلى أحدث الملفات التي يجري تداولها في لجنة التسعين البرلمانية وقال: «تشكل المؤسسات غير الحكومية أصحاب الديون المتأخرة التي تتجاوز 34 مليار دولار، ومعظمها شركات الإنتاج، أو شركات تجارية غير حكومية. وسيعقد المصارف جلسات مشتركة مع هؤلاء لمناقشة الديون المستحقة عليهم، وسبل استردادها للبنوك».
وأضاف عضو المعهد المالي والمصرفي للأبحاث في إيران علي حسن زادة أن «تشكل الشركات الحكومية أو الجهات التي حصلوا على قروض بضمانات حكومية الجزء الأكبر من أصحاب الديون المتأخرة. وأصدرت دائرة التفتيش في إيران مؤخرا تقريرا يفيد بأن الحكومة هي صاحبة أكبر ديون في النظام المصرفي في إيران، إذ تبلغ نسبة الديون المستحقة عليها للبنوك نحو 66 في المائة من إجمالي الديون المتأخرة للمصارف. ولكن لا يمكن تجاهل هذا الأمر بأن بعض الشركات الحكومية يتبعون إجراءات حكومية، ولا يستطيعون العمل وفقا لحسابات الربح والخسارة».
وتعد تدخلات الأشخاص التابعين للحكومة في النظام المصرفي، والريعية من العناصر المؤثرة في قضية الديون المتأخرة للبنوك، مما تؤدي إلى تسلم مبالغ طائلة من الديون من المصارف التي تجد نفسها عاجزة عن اتخاذ إجراءات صارمة تجبر هؤلاء على سداد الديون أو إعطاء ضمانات مالية معدة. وتظل المصارف والمؤسسات المالية عاجزة عن تحقيق الأرباح الكافية جراء هذه المعضلة.



الشركات البريطانية تخفض التوظيف بأكبر وتيرة منذ الجائحة بسبب الضرائب

حي كناري وارف المالي في لندن (رويترز)
حي كناري وارف المالي في لندن (رويترز)
TT

الشركات البريطانية تخفض التوظيف بأكبر وتيرة منذ الجائحة بسبب الضرائب

حي كناري وارف المالي في لندن (رويترز)
حي كناري وارف المالي في لندن (رويترز)

خفضت الشركات البريطانية أعداد موظفيها بأكبر وتيرة منذ جائحة «كوفيد - 19»، وسجلت أدنى مستوى من الثقة منذ فترات الإغلاق، وفقاً لنتائج مسحين ألقيا باللوم بشكل رئيس على الزيادات الضريبية التي فرضتها الحكومة الجديدة.

وأظهرت البيانات الصادرة عن مؤشر مديري المشتريات العالمي الأولي لشهر ديسمبر (كانون الأول)، إلى جانب استطلاع ربع سنوي أجرته هيئة التصنيع «ميك يو كيه»، مزيداً من الإشارات على تباطؤ الاقتصاد المرتبط بموازنة وزيرة المالية، راشيل ريفز، التي أُعلنت في 30 أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

وبالإضافة إلى الامتناع عن استبدال الموظفين الذين غادروا، قامت بعض الشركات بتقليص ساعات العمل، واستكمال عمليات إعادة الهيكلة المخطط لها مسبقاً. وباستثناء الوباء، يعد هذا أكبر انخفاض في التوظيف منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2009.

ورغم تراجع التوظيف، ارتفع مقياس مؤشر مديري المشتريات للأسعار التي تفرضها الشركات، مما قد يثير قلق لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا، التي تراقب تأثير زيادات مساهمات الضمان الاجتماعي على أرباب العمل. وعقب نشر البيانات، شهد الجنيه الإسترليني زيادة مؤقتة، حيث ركز المستثمرون على الضغوط السعرية التي وردت في التقرير.

وقال توماس بوغ، الخبير الاقتصادي في شركة المحاسبة «آر إس إم يو كيه»: «تواجه لجنة السياسة النقدية الآن معادلة صعبة بين النمو البطيء وارتفاع التضخم، مما سيضطرها إلى خفض أسعار الفائدة بشكل تدريجي العام المقبل». وأضاف: «من غير المرجح أن يقدم بنك إنجلترا هدية عيد الميلاد المبكرة هذا الأسبوع»، في إشارة إلى قرار البنك بشأن أسعار الفائدة لشهر ديسمبر، الذي يُتوقع أن يبقي تكاليف الاقتراض ثابتة.

واستقر مؤشر مديري المشتريات الرئيس عند 50.5 متجاوزاً بقليل مستوى الـ50 الذي يشير إلى الاستقرار، لكنه جاء أقل من توقعات الخبراء التي كانت تشير إلى ارتفاعه إلى 50.7.

وفيما يتعلق بالقطاعات، انخفض نشاط التصنيع إلى أدنى مستوى له في 11 شهراً، رغم تحسن قطاع الخدمات. ومع ذلك، تراجعت معدلات التوظيف في كلا القطاعين بأكبر قدر منذ يناير (كانون الثاني) 2021، وفي المقابل، شهدت الأسعار التي تفرضها الشركات أكبر زيادة خلال تسعة أشهر، مدفوعة بارتفاع تكاليف المدخلات، بما في ذلك الأجور.

وقال كريس ويليامسون، كبير الخبراء الاقتصاديين في «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركتس إنتليجنس»: «لقد فقد الاقتصاد الزخم الذي شهده في وقت سابق من العام، حيث استجابت الشركات والأسر بشكل سلبي لسياسات حكومة حزب (العمال) المتشائمة».

من جانب آخر، أظهرت مسوحات «ميك يو كيه» انخفاضاً أشد في الثقة بين الشركات المصنعة منذ بداية الجائحة، حيث قال فاهين خان، كبير خبراء الاقتصاد في «ميك يو كيه»: «بعد مواجهة الارتفاع المستمر في التكاليف طوال العام، يواجه المصنعون الآن أزمة حقيقية في التكاليف».

بالإضافة إلى زيادة قدرها 25 مليار جنيه إسترليني (32 مليار دولار) في مساهمات الضمان الاجتماعي التي فرضها أصحاب العمل وفقاً لموازنة ريفز، من المقرر أن يرتفع الحد الأدنى للأجور في بريطانيا بحلول أبريل (نيسان) بنسبة 7 في المائة.

وأظهرت استطلاعات حديثة أيضاً انخفاضاً في نيات التوظيف من قبل أصحاب العمل، في حين أظهرت البيانات الرسمية الأسبوع الماضي انكماش الاقتصاد البريطاني في شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ عام 2020.