النظام يخرّج ميليشيات نسائية باسم «خنساوات سوريا»

خبير: التجنيد مرتبط بالحديث عن انسحاب «حزب الله»

النظام يخرّج ميليشيات نسائية باسم «خنساوات سوريا»
TT

النظام يخرّج ميليشيات نسائية باسم «خنساوات سوريا»

النظام يخرّج ميليشيات نسائية باسم «خنساوات سوريا»

دفع النظام السوري بتشكيل عسكري جديد إلى الجبهات، يضم مئات الفتيات اللواتي أخضعن لدورة تدريبية على القتال، ليلتحقن بعشرات الميليشيات التي جنّدها لمؤازرة جيشه المنهك والمشتت على كل خطوط المواجهة، وأطلق قوات على التشكيل العسكري النسائي اسم «خنساوات سوريا»، اللواتي أقيم حفل تخرجهن برعاية مسؤول حزب البعث في القامشلي.
وأعلنت «شبكة شام» الإخبارية المعارضة، أنه «بعد تشكيل الفيلق الخامس ومكونات عدة من الميليشيات المحلية، أعلن حزب البعث، عن تخريج دورة تدريبية لميليشيات نسائية جديدة في قرية حاموا بريف القامشلي بالحسكة، عرفت باسم خنساوات سوريا». وقالت إن «حفل التخريج حضره هلال هلال، الأمين القطري المساعد لحزب البعث، وإن الأخير أطلق لقب (الخنساء) على بعض الفتيات ممن تطوعن للمشاركة ضمن قوات الأسد في تأدية مهام القتال إلى جانبها».
ويحاول نظام الأسد سدّ الجبهات المشتعلة في جميع المحافظات السورية، لتكون هذه الميليشيات الرافد الرئيسي لقواته، وهو اعتاد على الزج بهم في المعارك بعد إخضاعهم لدورات تدريبية أولية، كما اعتاد على استقطاب المنخرطين معه، بالمال عبر رواتب شهرية تقدر بـ200 دولار أميركي.
الخبير العسكري والاستراتيجي السوري، العميد أحمد رحال، رأى أن هذا الأمر «ليس جديداً على الأسد ونظامه، بل سبق هذه الدورة، دورات مماثلة كان في عدادها مئات الفتيات»، مذكراً بأن الحافلة التي تعرضت للتفجير قرب مطار المزّة، قبل سنة تقريباً، قتل فيه أكثر من 20 فتاة جنّدهن ليكونن ضمن كثير حراس لمقراته».
وأكد رحال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن النظام «يتقن سياسة استغلال الناس وحاجتهم إلى المال والطعام، ويرهن حياتهم مقابل 200 دولار شهرياُ، وربما أقل». وقال: «هذا النظام فقد الأخلاق، فهو يصرّ على إلباس هؤلاء الفتيات الحجاب، ليقول إن المكوّن السنّي ما زال معه». وسأل «أين أبناء المسؤولين في نظام الأسد، ولماذا لا يقاتلون دفاعاً عنه؟». وكشف عن أن «أولاد المسؤولين كلّهم أرسلوا إلى الخارج، إما في بعثات دراسية طويلة الأمد، وإما ببعثات دبلوماسية، وإما بمهام علاجية، في حين يبقى الفقراء وأبناؤهم الذين يزجّ بهم الأسد على جبهات القتال».
وسبق للنظام الأسد، أن شكّل عدداً كبيراً من الميليشيات المحلية التي باتت رافداً أساسيا لقوات جيشه، منها «صقور الصحراء»، و«الفيلق الخامس»، و«درع القلمون»، و«درع الجولان»، و«صقور الساحل» وأسماء متنوعة تجمعها مهمة رئيسية، أبرزها عمليات التضييق على المدنيين وممتلكاتهم في المناطق التي تسيطر عليها قوات الأسد.
ويبدو أن تجنيد أعداد كبيرة للقتال، بما فيها الفتيات، مرتبط بأهداف أبعد؛ إذ يرى العميد أحمد رحال أن «الإعلان عن تخرج دورات لشباب وفتيات، يتزامن مع الحديث عن إمكانية انسحاب (حزب الله) والميليشيات الشيعية العراقية والإيرانية والأفغانية من سوريا بضغط دولي».
وسبق للنظام السوري أن لجأ إلى أسلوب تجنيد الفتيات. فمنذ الأشهر الأولى لانطلاقة الانتفاضة الشعبية في سوريا، أجبر الموظفات في الدوائر الرسمية على الخروج في مسيرات تأييد له، ومن ثم تطور الأمر لاستخدامهن في العمليات العسكرية، قبل أن يعلن عن تشكيل كتيبة «اللبوات» وكتيبة «المغاوير» الأولى التي تتبع الحرس الجمهوري. كما أن وسائل إعلام النظام بثّت مقطعاً لإحدى المجندات وتدعى «ريم بخفر»، تعلن فيه أنها تقتل في اليوم الواحد 4 أشخاص كمعدل وسطي، بينما قنصت في أحد الأيام 11 شخصا، وأن قائدها كافأها بمنحها شهادة امتياز.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم