أمير تاج السر: الشعر أكثر سطوة من الرواية في {اعتقال لحظات الربيع العربي}

مغامرة «اشتهاء» تفتح شهية الروائي السوداني لإعادة كتابة أعماله الأولى

أمير تاج السر
أمير تاج السر
TT

أمير تاج السر: الشعر أكثر سطوة من الرواية في {اعتقال لحظات الربيع العربي}

أمير تاج السر
أمير تاج السر

أمير تاج السر طبيب وروائي وشاعر سوداني بدا مشواره بـ«أحزان كبيرة» وهو عنوان أول دواوينه الشعرية ثم خاض غمار الكتابة الروائية فكتب الكثير من الأعمال كان أشهرها «صائد اليرقات» التي وصلت للقائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية لعام 2011 والتي ترجمت لكثير من اللغات.
وقد تميزت كتاباته بخصوصية المكان الجغرافي وتأثره بنشأته السودانية التي تجمع بين العروبة والطابع الأفريقي. وقد خاض مؤخرا مغامرة جديدة بإصدار رواية «اشتهاء» التي أعاد فيها كتابة أحد أعماله الأدبية الأولى التي كانت تحمل عنوان «صيد الحضرمية». وبهذه المناسبة، أجرينا الحوار التالي معه:

* بداية ما سر العلاقة بين الطب والأدب التي نراها متكررة في كثير من حالات الإبداع العربي؟
- بالتأكيد لا توجد علاقة مباشرة. ودائما ما أقول ردا على هذا السؤال، إن كثيرا من أصحاب المهن يكتبون مثل المهندسين والمحامين والمعلمين، لكن دائما التساؤل يحيط بالأطباء وحدهم، وأكيد لأن الطبيب يحتك بالإنسان أكثر، ويوصف دائما بالوقار. عموما مهنة الطب جيدة للكاتب رغم مشاقها، فهي تزوده بالتجارب اليومية، التي لا بد أن يجد فيها خامات لحكايات قد يكتبها، كما أنها تعلم الصبر، وهو شيء مطلوب بشدة لمن ابتلي بمسألة الكتابة هذه. وشخصيا استفدت كثيرا من مهنتي في اختراع عالمي الذي أكتبه، هناك سير روائية كتبتها من تجارب المهنة، وروايات استوحيت شخصياتها من شخصيات التقيتها في الواقع. تنقل الطبيب من مكان لمكان، أكسبني شيئا من التنوع، في البيئة التي أكتبها.
* بدأت بالشعر قبل أن تنتقل لدراسة الطب لتدخل بعد ذلك إلى عالم الرواية.. ما السبب وراء ذلك؟ هل الرواية هي نهاية المطاف؟
- بدأت بكتابة الشعر بالعامية منذ كنت طفلا، كتبت الأغاني لمطربين في السودان وأنا طالب في الإعدادي والثانوي، ثم تحولت للشعر بالفصحى في منتصف الثمانينات وأنا طالب بمصر. وفي عام 1988 وأنا بالسنة النهائية بالطب في مصر كتبت روايتي الأولى بعنوان: «كرمكول»، ونشرتها عند الراحل الشاعر كمال عبد الحليم، الذي كان يدير دار نشر «الغد»، وكانت دار نشر صغيرة لكنها مميزة، وقد انتشرت الرواية بسرعة وأصبح لها أصداء طيبة، وأظن أنها كانت الحافز لأن أحاول الكتابة فيما بعد، على الرغم من أنني انقطعت زمنا طويلا بسبب عودتي للسودان وانشغالي في العمل الطبي. وحين عدت للكتابة بعد ذلك، عدت برواية جديدة اسمها «سماء بلون الياقوت» وكان ذلك عام 1996، بعد أن استقر بي المقام في الدوحة، ونشرتها في دار «أزمنة» بالأردن. ثم انطلقت التجربة بعد ذلك لإتمام مشروعي المعروف الذي عملت فيه سنين طويلة، أما بخصوص أن الرواية هي نهاية المطاف بالنسبة لي أم لا، فهي بكل تأكيد نهاية المطاف، فلا يوجد مجال لمغامرة جديدة في أي إبداع، أنا عملت على الرواية وأصبح لي صوتي الخاص فيها، كما أصبح لي قراء كثيرون وبلغات كثيرة، لكني ما زلت أكتب الشعر داخل النصوص الروائية، وحين تقتضي الضرورة أن أفعل ذلك.
* هل يمكن أن نقول إن البعد المكاني لعب دورا في كتاباتك وفى تميزها وانتشارها؟
- تقصدين خصوصية المكان الجغرافي؟، نعم بكل تأكيد، فأنا رغم تنقلي لبلاد كثيرة، وحياتي في منطقة الخليج العربي لسنوات طويلة، هي سنوات النضج العمري والمعرفي، ما زلت أكتب عن البيئة السودانية، أي بيئتي التي ولدت فيها ونشأت فيها، وخبرتها جيدا. أعتقد أن السودان بتنوعه من ناحية الأعراق واللهجات، وكونه أفريقيا وعربيا في نفس الوقت، يمنح خامات جيدة للكتابة، كما أن المخزون الذي يلتقطه الكاتب من بيئته ويحتفظ به لاستدعائه عند الكتابة، في العادة يكون مخزونا كبيرا، ولا ينضب سريعا. بالتأكيد أستطيع أن أكتب عن مصر، وعن البيئة الخليجية، فقط لم يحن الوقت أو لم تأت فكرة جامحة تدفعني للكتابة دفعا، وأتمنى فعلا أن أكتب شيئا من ذلك.
* بمعنى آخر، هل يمكن القول إن الوضع السياسي المتأزم بالسودان قد أكسب أعمالك طابعا خاصا؟
- السياسة ليست هما كبيرا بالنسبة لي، أنا أكتب عن الإنسان في شتى حالاته، والمعاناة جزء من تلك الحالات، سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية. وإن كان ثمة نقد سياسي فلا أكتبه مباشرة، بحيث يكون جارحا وإنما أوحي إليه، السودان بلد متأزم منذ عرفناه وطنا واعتدنا على أزماته، لكننا نتفاعل مع تلك الأحزان التي نراها أحزانا كبرى مثل مسألة الانفصال إلى سودانين، وغيرها، وهكذا تأتي الرواية عندي حاملة لهم الإنسان وهم البيئة التي يعيش فيها. وأنا حقيقة أنحاز في كتاباتي بشدة للإنسان الطرفي والهامشي، ولذلك تجدين أحداث رواياتي دائما ما تدور في الأحياء الخلفية الشعبية، حاملا تطلعات وأحلاما معظمها مجهضة، ويتضح ذلك كثيرا في روايات مثل: «تعاطف»، و«العطر الفرنسي»، و«صائد اليرقات»، وغيرها، وحتى الروايات التاريخية التي كتبتها، كانت تهتم بمثل هذا الإنسان الهامشي، مثل: «مهر الصياح» و«رعشات الجنوب».
* إلى أي حد ألهم الربيع العربي الكتاب؟ هل هناك برأيك أعمال شعرية أو أدبية ارتقت فنيا لمستوى هذا الحدث؟
- الربيع العربي بلا شك، وبما أحدثه من انقلاب في موازين العمل السياسي، يعد من الأحداث الكبرى، أو التغيرات الكبرى التي لا بد أن تأتي بمبدعيها الذين يولدون بعدها، وهؤلاء أقدر على الكتابة من الأجيال التي عاشت تحت ظل الديكتاتوريات. هذا الموضوع سيستغرق زمنا طويلا، لكن قطعا سيكون ناضجا.
إنه حتما سيلقي بظلاله على الإبداع. لكني أرى أن ثمة تعجلا حدث، فما زالت نتائج الثورات غير واضحة، لذلك أعتقد أن التأني في كتابتها أفضل، كما أن الاعتقاد بأن كل من شارك في المظاهرات أو الإطاحة بتلك الأنظمة الديكتاتورية، قادر على الكتابة، خطأ كبير، وقد يؤدي لكتابة لا ترقى لمستوى الإبداع. حقيقة قرأت القليل من نتاج ما بعد الربيع العربي، خصوصا في الشعر، وكان جيدا إلى حد ما في معظمه، لكن بالنسبة للرواية، ليس كثيرا وربما بسبب أن الشعر أكثر سطوة في اعتقال اللحظات السريعة.
* فيم تختلف «صائد اليرقات» عن شقيقاتها؟ لماذا كانت الأوفر حظا منهن، فترجمت للغات كثيرة؟
- «صائد اليرقات» لا تختلف عن باقي الأعمال من ناحية الأسلوب لأن الكاتب واحد، هي فكرة مختلفة عن أي عمل آخر لي، وكل عمل يحمل فكرته، فقط كانت محظوظة لأنها دخلت في جائزة لها اهتمام إعلامي. وحقيقة لدي أعمال كثيرة أكثر أهمية مثل «مهر الصياح» وتوترات القبطي»، و«366»، و«رعشات الجنوب». لكن القارئ يحب الأعمال التي تسلط عليها الأضواء. عموما كانت فكرة «صائد اليرقات» جيدة، وكتابتها مرضية بالنسبة لي، وأذكر أنني كنت مستمتعا بكتابتها، أما ترجمة أي كتاب للغات عدة فيعتمد على رأي المترجم ودار النشر التي ستتولى إصداره وليس شرطا أن يكون كتابا مثيرا للاهتمام، كما أن هناك دائما طرقا خلفية تسلك من أجل ترجمة الكتب للغات أخرى.
* وماذا عن الجوائز.. عربيا على الأقل؟
- وجود الجوائز ظاهرة حميدة، وليست سيئة، ولو جرى العمل عليها بإخلاص ونزاهة بحيث تمنح لمن يستحق، سترتقي الكتابة قطعا وسيصل الأدب العربي إلى مستوى الاحترام مثل الآداب الأخرى، أنا من المشجعين على تعدد هذه الجوائز مع ضرورة أن تكون ذات مصداقية، وعملت محكما في بعضها وكانت تجربة جيدة، أما اختلاف مناخ الإبداع في بلادنا عن الغرب، فهذا طبيعي لأن الغرب يفوقنا في كل شيء منذ عهد، الآن لا بأس بمناخ الإبداع عندنا وأعتقد أن المستقبل أفضل للكتاب الجدد.
* لجوؤك لكتابة القصائد داخل بعض كتاباتك.. هل يكشف حنينا مستترا للشعر؟
- أبدا، ولكن لأن النص يقتضي ذلك، فلا يمكن أن أكتب عن مغن مثل أحمد ذهب في رواية «زحف النمل» ولا أكتب أغنياته، كما أن بعض اللقطات التراثية، كان يجب ترسيخها بالشعر، في روايات مثل «مهر الصياح» و« توترات القبطي» و«اشتهاء».
* من واقع إقامتك بمنطقة الخليج ما تقييمك لحركة الإبداع الروائي والشعري في بلدانها؟
- جيدة ومتقدمة ولا تقل عن مثيلاتها في البلاد العربية الأخرى. الآن يوجد مبدعون خليجيون معروفون ومتميزون، والأسماء كثيرة بلا شك.
* هل توافق على تصنيفك أدبيا ضمن الواقعية السحرية أم أنك تضع أعمالك في تصنيف آخر مختلف؟
- لا أعرف، أنا أكتب واقعا يأخذ من الأسطورة، ويبني واقعا موازيا، ولذلك يصنفونني من كتاب الواقعية السحرية، لكن قطعا تختلف عن الواقعية السحرية اللاتينية لأن لي طريقتي الخاصة في الكتابة.
* ما جديدك؟
- نشرت مؤخرا رواية هي «اشتهاء» عن دار «الساقي»، وهي مغامرة إعادة كتابة لرواية من بداياتي اسمها «صيد الحضرمية»، وأعتقد أن التجربة نجحت إلى حد ما، وربما أعيد كتابة عمل آخر من البدايات.



ماجان القديمة ...أسرارٌ ورجلٌ عظيم

قطعتان ذهبيتان وقطعة نحاسية مصدرها موقع تل أبرق في الإمارات العربية
قطعتان ذهبيتان وقطعة نحاسية مصدرها موقع تل أبرق في الإمارات العربية
TT

ماجان القديمة ...أسرارٌ ورجلٌ عظيم

قطعتان ذهبيتان وقطعة نحاسية مصدرها موقع تل أبرق في الإمارات العربية
قطعتان ذهبيتان وقطعة نحاسية مصدرها موقع تل أبرق في الإمارات العربية

كشفت أعمال المسح المتواصلة في الإمارات العربية المتحدة عن مواقع أثرية موغلة في القدم، منها موقع تل أبرق التابع لإمارة أم القيوين. يحوي هذا التل حصناً يضمّ سلسلة مبانٍ ذات غرف متعددة الأحجام، يجاوره مدفن دائري جماعي كبير. وتُظهر الدراسات أن هذه المنشآت تعود إلى فترة تمتد من الألف الثالث إلى منتصف الألف الثاني قبل الميلاد، وترتبط بمملكة عُرفت في تراث بلاد الرافدين باسم ماجان. خرجت من هذا التل مجموعة من اللقى تشهد لتعدّدية كبيرة في الأساليب، وضمَّت هذه المجموعة بضع قطع ذهبية، منها قطعة منمنمة على شكل كبش، وقطعة مشابهة على شكل وعلَين متجاورين.

يقع تل أبرق عند الخط الحدودي الفاصل بين إمارة أم القيوين وإمارة الشارقة، حيث يجاور الطريق الرئيسي المؤدي إلى إمارة رأس الخيمة. شرعت بعثة عراقية باستكشاف هذا الموقع في عام 1973، وبعد سنوات، عُهد إلى بعثة دنماركية تابعة لجامعة كوبنهاغن بإجراء أعمال المسح والتنقيب فيه، فأجرت تحت إدارة العالِم دانيال بوتس خمس حملات بين عامَي 1989 و1998. خرج تل أبرق من الظلمة إلى النور إثر هذه الحملات، وعمد فريق من الباحثين التابعين لكلية برين ماور الأميركية وجامعة توبنغن الألمانية على دراسة مكتشفاتها في 2007. تواصلت أعمال التنقيب في السنوات التالية، وأشرفت عليها بشكل خاص بعثة إيطالية تعمل في إمارة أم القيوين منذ مطلع 2019.

استعاد دانيال بوتس فصول استكشاف هذا الموقع في كتاب صدر عام 1999 تحت عنوان «ماجان القديمة... أسرار تل أبرق». زار الباحث تل أبرق للمرة الأولى في 1986، يوم كان يقود أعمال التنقيب في مواقع مجاورة، وزاره ثانية بعد عامين، بحثاً عن مؤشرات أثرية خاصة تتعلّق بالأبحاث التي كان يقودها، وكان يومها يعتقد أن تاريخ هذا التل يعود إلى مطلع الألف الأول قبل الميلاد، ثم عهد إلى العالِمة الدنماركية آن ماري مورتنسن بمشاركته في استكشاف هذا الموقع، وتبيّن له سريعاً أن الأواني التي كشفت عنها أعمال المسح الأولى تعود إلى القرون الثلاثة الأولى قبل الميلاد بشكل مؤكّد. إثر هذا الاكتشاف، تحوّل موقع تل أبرق إلى موقع رئيسي في خريطة المواقع الأثرية التي ظهرت تباعاً في الأراضي التابعة للإمارات العربية المتحدة، وتوّلت البعثة الدنماركية مهمة إجراء أعمال المسح المعمّق فيه خلال خمسة مواسم متتالية.

حمل عنوان كتاب دانيال بوتس اسم «ماجان القديمة»، وهو اسم تردّد في تراث بلاد الرافدين، ويمثّل جزءاً من شبه جزيرة عُمان كما تُجمع الدراسات المعاصرة. يذكر قصي منصور التركي هذا الاسم في كتابه «الصلات الحضارية بين العراق والخليج العربي»، ويقول في تعريفه به: «تعدّدت الإشارات النصية المسمارية عن المنطقة التي عُرفت باسم ماجان، وهي أرض لها ملكها وحاكمها الخاص، أي إنها تمثّل تنظيماً سياسياً، جعل ملوك أكد يتفاخرون بالانتصار عليها واحداً تلو الآخر». عُرف ملك ماجان بأقدم لقب عند السومريين وهو «إين» أي «السيد»، كما عُرف بلقب «لوجال»، ومعناه «الرجل العظيم». واشتهرت ماجان بالمعادن والأحجار، وشكّلت «مملكة ذات شأن كبير، لها ملكها واقتصادها القوي»، ودلَّت الأبحاث الحديثة على أن مستوطنات هذه المملكة، «بما فيها الإمارات العربية وشبه جزيرة عُمان الحالية، كانت لها قاعدة زراعية، ولكي تجري حماية استثماراتهم هذه شعر المستوطنون بضرورة بناء التحصينات الدفاعية الممكنة لقراهم، حيث احتوت كل قرية أو مدينة صغيرة على أبراج مرتفعة، بمنزلة حصن مغلق واسع، يتفاوت ارتفاعاً ومساحةً بين مدينة وأخرى». يُمثّل تل أبرق حصناً من هذه الحصون، ويُشابه في تكوينه قلعة نزوى في سلطنة عُمان، وموقع هيلي في إمارة أبو ظبي.

يتوقّف دانيال بوتس أمام اكتشافه قطعةً ذهبيةً منمنمةً على شكل كبش في مدفن تل أبرق، ويعبّر عن سعادته البالغة بهذا الاكتشاف الذي تلاه اكتشاف آخر هو كناية عن قطعة مشابهة تمثّل كما يبدو وعلَين متجاورين. وتحمل كلٌّ من هاتين القطعتين ثقباً يشير إلى أنها شُكّلت جزءاً من حليٍّ جنائزية. إلى جانب هاتين الحليتين الذهبيتين، تحضر حلقة على شكل خاتم، وقطعة على شكل ورقة نباتية مجرّدة، إضافةً إلى زر صغير، وتُكوّن هذه القطع معاً مجموعة ذهبية صغيرة تجذب ببيرقها كما بصناعتها المتقنة. يحضر الكبش في وضعية جانبية، ويتميّز بطابع تجسيمي دقيق، يتجلى في جانبيه. في المقابل، يحضر الوعلان متقابلين بشكل معاكس، أي الذيل في مواجهة الذيل، ويتميّزان كذلك بحذاقة في التنفيذ تظهر في صياغة أدّق تفاصيل ملامح كل منهما.

يذكر احد النقوش أن «لوجال ماجان»، أي عظيم ماجان، أرسل ذهباً إلى شولكي، ثاني ملوك سلالة أور الثالثة الذي حكم من 2049 إلى 2047 قبل الميلاد. ويربط دانيال بوتس بين قطع تل أبرق الذهبية وبين هذا الذهب، مستنداً إلى هذه الشهادة الأدبية، ويجعل من هذه القطع قطعاً ملكية ماجانية. في الخلاصة، يبرز كبش تل أبرق ووعلاه بأسلوبهما الفني الرفيع، ويشكّلان قطعتين لا نرى ما يماثلهما في ميراث مكتشفات تل أبرق الذي ضمّ مجموعة من البقايا الحيوانية، تُعد الأكبر في شبه الجزيرة العربية.

من هذا الموقع كذلك، عثرت البعثة الإيطالية في عام 2021 على مجموعة من اللقى، منها تمثال نحاسي صغير على شكل وعل، يبلغ طوله 8.4 سنتيمتر. يعود هذا التمثال إلى فترة زمنية مغايرة تمتدّ من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الثالث الميلادي، ويتميّز بطابعه الواقعي الذي يعكس أثراً هلنستياً واضحاً. يماثل هذا التمثال مجموعة كبيرة من القطع مصدرها جنوب الجزيرة العربية، كما يماثل قطعاً معدنية عُثر عليها في قرية الفاو، في الربع الخالي من المملكة السعودية.