صفقة لتبادل سكان بين «الفوعة وكفريا» و«الزبداني ومضايا»

جرت بين «جيش الفتح» وإيران بوساطة قطرية... وتسقط ورقة الضغط من أيدي الفصائل

قافلة مساعدات انسانية تابعة للأمم المتحدة متجهة الى بلدة مضايا المحاصرة من قبل مقاتلي حزب الله،  في نهاية نوفمبر الماضي (إ ب)
قافلة مساعدات انسانية تابعة للأمم المتحدة متجهة الى بلدة مضايا المحاصرة من قبل مقاتلي حزب الله، في نهاية نوفمبر الماضي (إ ب)
TT

صفقة لتبادل سكان بين «الفوعة وكفريا» و«الزبداني ومضايا»

قافلة مساعدات انسانية تابعة للأمم المتحدة متجهة الى بلدة مضايا المحاصرة من قبل مقاتلي حزب الله،  في نهاية نوفمبر الماضي (إ ب)
قافلة مساعدات انسانية تابعة للأمم المتحدة متجهة الى بلدة مضايا المحاصرة من قبل مقاتلي حزب الله، في نهاية نوفمبر الماضي (إ ب)

وقّعت فصائل المعارضة السورية التي كانت منضوية في إطار غرفة عمليات «جيش الفتح»، وأبرزها «جبهة النصرة» و«حركة أحرار الشام»، في الساعات القليلة الماضية، اتفاقاً مع إيران و«حزب الله»، تم بوساطة قطرية، يقضي بإخلاء كامل لبلدتي الفوعة وكفريا ذات الأكثرية الشيعية، الواقعتين في ريف إدلب (شمال غربي سوريا)، واللتين يحاصرهما مقاتلون معارضون، مقابل إخراج مقاتلي بلدتي الزبداني ومضايا، الواقعتين بريف دمشق الغربي، ويحاصرهما بشكل رئيسي «حزب الله»، كما إخلاء سبيل 1500 معتقل من سجون النظام السوري.
وفيما أكدت مصادر مقربة من «حزب الله»، لـ«الشرق الأوسط»، توقيع اتفاق مماثل من دون إعطاء أي تفاصيل بشأنه، وقالت مصادر أخرى مطلعة على مسار وفحوى الاتفاق إن قيادياً من «جبهة النصرة» خاض المفاوضات في قطر مع الطرف الإيراني و«حزب الله»، ووقع الاتفاق، بالتنسيق والتفاهم مع «حركة أحرار الشام»، باسم «جيش الفتح» الذي لم يعد موجوداً عملياً، بعد الخلاف والاقتتال الذي حصل بين الطرفين على خلفية المشاركة بمفاوضات آستانة.
وتمكنت «الشرق الأوسط» من الحصول على بنود الاتفاق من مصدر في حركة «أحرار الشام». وبحسب الورقة لدى «الأحرار»، فالاتفاق عبارة عن 7 بنود: يتحدث الأول عن إخلاء كامل الفوعة وكفريا بمدة زمنية قدرها 60 يوماً على مرحلتين، في مقابل إخلاء مقاتلي الزبداني ومضايا وعوائلهم إلى مناطق الشمال السوري. ويتطرق البند الثاني لوقف إطلاق النار في المناطق المحيطة بالفوعة، ومنطقة جنوب العاصمة (يلدا ببيلا بيت سحم)، فيما يشير البند الثالث إلى هدنة لمدة 9 أشهر في المناطق السابق ذكرها. كما يشمل الاتفاق في بنده الرابع إدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المذكورة دون توقف، على أن تشمل هذه المساعدات حي الوعر في حمص. وينص البند الخامس على «إخلاء 1500 أسير من سجون النظام من المعتقلين على خلفية أحداث الثورة»، على أن يتم ذلك في المرحلة الثانية من الاتفاق دون تحديد الأسماء «لصعوبة التفاوض على الملف مع النظام». كما تشمل المرحلة الثانية من الاتفاق تقديم لوائح مشتركة من الطرفين بأعداد وأسماء الأسرى للعمل على التبادل، وإخلاء مخيم اليرموك من مقاتلي «جبهة النصرة».
بدوره، ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن تنفيذ الاتفاق من المنتظر أن يبدأ في 4 أبريل (نيسان) المقبل، وتضم مرحلة التنفيذ الأولى إجلاء 8 آلاف مدني من كفريا والفوعة، على أن يتم تهجير عدد مثلهم من المدنيين والمقاتلين وعائلاتهم من مضايا والزبداني، بينما يتم إجلاء 89 ألفاً آخرين من كفريا والفوعة في المرحلة الثانية، مقابل العدد نفسه من مخيم اليرموك في دمشق. وأشار إلى أن الأشخاص الذين سيتم إجلاؤهم من الزبداني ومضايا ومخيم اليرموك، سيخيرون بين الذهاب إلى إدلب أو جرابلس.
وفيما تحدثت «شبكة الدرر الشامية» عن أن أول عملية إخلاء من بلدات الفوعة وكفريا ستتم في الرابع من شهر أبريل المقبل، والعملية الثانية في السادس من الشهر ذاته، مقابل السماح لمقاتلي مضايا والزبداني وبلودان بالخروج إلى أية منطقة يريدونها، مع بقاء مَن يريد في منطقته دون ملاحقة أمنية، رجّحت مصادر في المعارضة أن تشمل الهدنة لمدة 9 أشهر المناطق التالية: مدينة إدلب، وبلدات معرة مصرين وتفتناز ورام حمدان، وعدة بلدات أخرى في ريف إدلب الشمالي، بالإضافة إلى بلدات ببيلا وبيت سحم ويلدا، جنوب دمشق.
وأكد منير السيال، رئيس الجناح السياسي في «أحرار الشام»، في تصريح صحافي، أن الاتفاق تم برعاية قطرية، على أن يبدأ تنفيذه بعد أيام. وأشار إلى أن وقف إطلاق النار بدأ منتصف ليل الاثنين في المناطق التالية: الزبداني، ومضايا، وجنوب العاصمة دمشق، وكفريا، والفوعة، وتفتناز، وبنش، وطعوم، ومدينة إدلب، ومزارع بروما، وزردنا، وشلخ، ومعرتمصرين، ورام حمدان، على أن يستمر لمدة 9 أشهر. وأوضح السيال أن 1500 معتقل لدى النظام السوري سيخرجون بموجب الاتفاق.
ولم يتلق المعارضون، سواء العسكريون أو السياسيون، بكثير من الحماسة خبر توقيع الاتفاق، ونقلت «شبكة الدرر الشامية» عن مصادر مطلعة على مسار الاتفاق «تخوُّفها من السرعة التي أظهرها الوفد المُؤَلَّف من ضباط إيرانيين وقياديين بـ(حزب الله) من أجل إتمام الصفقة»، ورجَّحت «أن تكون إيران تريد أن تتخلص من ورقة ضغط يملكها جيش الفتح، خصوصاً أن الأنباء تتواتر عن استعداد إيراني لشن هجوم في إدلب من طرف ريف حلب الجنوبي، بالإضافة إلى عملية مشتركة في شمال المحافظة بين وحدات الحماية الكردية والقوات الروسية التي نصبت قواعد في جنديرس ودير بلوط بالقرب من عفرين».
واعتبر عضو الائتلاف السوري أحمد رمضان أن «مثل هذه الاتفاقات تساهم في عمليات التغيير الديمغرافي والتهجير القسري، وهي تخدم مخططات إيران في المنطقة، من خلال الهيمنة على مناطق مأهولة، وتغيير هويتها الاجتماعية والسكانية»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الأمر لا يتعلق بخروج مقاتلين، وإنما بترحيل آلاف العوائل السورية من مسقط رأسها، وتكديس هؤلاء في إدلب التي يبدو أنها باتت هدفاً للقصف والقتل الجماعي».
وإذ حذّر رمضان من «خطة لتقسيم سوريا، بعد تغيير هويتها الديمغرافية، وسعي كل دولة للهيمنة على منطقة والتحكم فيها»، قال: «والواقع أن هناك من يسعى ليس فقط للتقسيم، وإنما لزرع بذور صراعات طويلة المدى لحساب أجندات ومصالح خاصة، وهنا لا بد من الإشارة إلى المخططين الروسي والإيراني، المتهمين الرئيسين في تقويض الحل السياسي، وإشاعة الفوضى والإرهاب».
من جهته، اعتبر الباحث المتخصص بشؤون الجماعات المتشددة عبد الرحمن الحاج أن الاتفاق الذي تم بمثابة تمديد للاتفاق السابق الذي تم توقيعه بين الأطراف المذكورة في عام 2015، مع إضافات أساسية تتعلق بإخلاء السكان والمقاتلين، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المشهد العام قبل الغوص والاطلاع على تفاصيل الاتفاق يوحي بخسارة عسكرية للمعارضة، خصوصاً إذا حافظ الإيرانيون على قوة مقاتلة داخل الفوعة، في ظل اشتداد المعارك في جنوب إدلب وريف حماة الشمالي».
وحاصرت عدة فصائل معارضة بلدتي الفوعة وكفريا، في مارس (آذار) 2015، بعدما سيطرت على مدينة إدلب وريفها، فيما حاصرت قوات النظام و«حزب الله» بلدتي الزبداني ومضايا، في يوليو (تموز) من العام نفسه. وتخضع البلدات الأربعة لاتفاق تم التوصل إليه في 28 سبتمبر (أيلول) 2015، بين الحكومة السورية بإشراف مباشر من إيران وفصائل المعارضة، وبوساطة من الأمم المتحدة، يتضمن وقفاً لإطلاق النار، وإتمام عمليات الإجلاء وإدخال المساعدات بشكل متزامن.
* أهم بنود الصفقة
حصلت «الشرق الأوسط» من مصدر في حركة «أحرار الشام» على نسخة من الاتفاق تنص على 7 بنود، أهمها:
- إخلاء كامل الفوعة وكفريا بفترة زمنية قدرها 60 يوماً تبدأ في 4 من أبريل المقبل
- المرحلة الأولى إجلاء 8 آلاف مدني من كفريا والفوعة، على أن يتم تهجير عدد مثلهم من المدنيين والمقاتلين وعائلاتهم من مضايا والزبداني
- في المرحلة الثانية يتم إجلاء 89 ألفاً آخرين من كفريا والفوعة، مقابل العدد نفسه من مخيم اليرموك في دمشق
- إخلاء سبيل 1500 معتقل من سجون النظام السوري سيخرجون بموجب الاتفاق.
- يشير البند الثالث إلى هدنة لمدة 9 أشهر في المناطق السابق ذكرها، بدأت الاثنين الماضي
- إخلاء مخيم اليرموك من مقاتلي «جبهة النصرة»
- يخير الأشخاص الذين سيتم إجلاؤهم من الزبداني ومضايا ومخيم اليرموك، بين الذهاب إلى إدلب أو جرابلس.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.