رفع علم كردستان في كركوك يشعل حرباً كلامية بين مكوناتها

رفع علم كردستان في كركوك يشعل حرباً كلامية بين مكوناتها
TT

رفع علم كردستان في كركوك يشعل حرباً كلامية بين مكوناتها

رفع علم كردستان في كركوك يشعل حرباً كلامية بين مكوناتها

نجحت الكتلة الكردية في مجلس محافظة كركوك، أمس، عبر أغلبيتها المريحة، في التصويت لصالح قرار رفع علم إقليم كردستان إلى جانب العلم العراقي فوق الأبنية الرسمية في المحافظة. وأشعل التصويت لصالح القرار حرباً كلامية بين المكونات العراقية المختلفة، خصوصاً في كركوك، فبينما طالَب النائب التركماني في ائتلاف «دولة القانون» محمد البياتي بـ«إنهاء الشراكة الكارتونية» مع الأكراد، دعا النائب الكردي عن محافظة كركوك، شاخوان عبد الله، أبناء كركوك إلى «طرد وإسكات جميع الأصوات التي تحاول شَرْخ وحدة المحافظة».
وجاء قرار التصويت بناءً على طلب تقدم به محافظة كركوك نجم الدين كريم في 14 مارس (آذار) الحالي يطالب فيه المجلس بالتصويت على قرار رفع علم إقليم كردستان إلى جانب العلم العراقي في «الدوائر الرسمية».
وقال الشيخ برهان العاصي رئيس الكتلة العربية في مجلس كركوك لـ«الشرق الأوسط»: «الأكراد لهم 26 من أصلاً 40 عضواً في المجلس تمكنوا بسهولة من تمرير القانون، فيما قاطع جلسة التصويت بقية الأعضاء المؤلفين من 5 عرب و9 تركمان». ورفض العاصي التعليق على الدوافع الكردية وراء رفع علم الإقليم، لكنه لمح إلى أن «ضعف الدولة المركزية، يخلق المزيد من المشكلات في كركوك وغيرها»، معتبراً أن التمثيل العربي في كركوك غير واقعي، وذلك نتيجة «إحجام المكون العربي عن المشاركة في الانتخابات المحلية عام 2005، بسبب حملات التحريض ضدها من قبل بعض الأطراف، مما جعل تمثيلهم ينحسر إلى 5 مقاعد فقط في المجلس».
من جانبه، اعتبر نائب رئيس الجمهورية، أسامة النجيفي، قرار مجلس محافظة كركوك «خرقاً للوحدة الوطنية وفرض إرادة مكون واحد»، وقال النجيفي في بيان: «نرى أن هذا الإجراء يخرق الوحدة الوطنية ويتناقض مع روح التعاون والتفاهم بين مكونات المحافظة»، معرباً عن أمله في أن تكون «الخطوة غير المدروسة محل مراجعة بما يحفظ الوحدة الوطنية ويصون العلاقة التاريخية بين مكونات كركوك».
وكان ائتلاف «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي أصدر، الأربعاء الماضي، بياناً اعتبر رفع العلم «مخالفة دستورية تثير القلق لدى كل أبناء الشعب العراقي». وذكر أن رفع العلم العراقي أو أي علم آخر في أي محافظة من محافظات العراق في المناسبات الرسمية والأعياد «يخضع لمواد دستورية وتعليمات ينبغي أن تكون هي الحاكمة».
إلى ذلك، عقد أعضاء المكون التركماني في مجلس النواب مؤتمراً صحافياً في مبنى البرلمان، أمس، طالبوا خلاله مجلس كركوك بالتريث في تطبيق القرار «لحين تحقيق التوافق الوطني»، معتبرين أن تطبيق القرار سيعطي «المبررات لتنظيم داعش للاستفادة من ذلك والقيام بعمليات تهدد السلم المجتمعي». وقال النائب التركماني جاسم محمد جعفر في المؤتمر الصحافي إن «الجميع يعلم أن كركوك هي مدينة التآخي بين مكوناته المختلفة وتمثل عراقاً مصغراً»، معتبراً رفع علم كردستان من طرف واحد «يؤدي إلى إيقاظ الفتنة وإلى حالات سلبية في الشارع سيكون ضررها الأكبر على الكرد أنفسهم».
وشكلت سلطة الائتلاف الأميركية عقب سقوط نظام صدام بعد 2003، مجلس محافظة كركوك من ممثلي القوميات الرئيسية الأربعة في كركوك (الكرد، التركمان، العرب، المسيح)، مع مراعاة حالة التوافق بغرض تنظيم أمور المحافظة وملء الفراغ الإداري والتشريعي فيها. ثم أفرزت الانتخابات المحلية عام 2005، التشكيلة الحالية للمجلس، ولم تجرِ الانتخابات في دورتها الثانية عام 2010، نتيجة المشكلات المتعلقة بالمادة 140 من الدستور العراقي بخصوص وضع كركوك.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».