خطوات للوقاية من المشكلات الصحية الناجمة عن التوتر

الاستجابة للاسترخاء وسيلة قوية للتخلص من القلق واضطرابات الجهاز الهضمي والالتهابات

خطوات للوقاية من المشكلات الصحية الناجمة عن التوتر
TT

خطوات للوقاية من المشكلات الصحية الناجمة عن التوتر

خطوات للوقاية من المشكلات الصحية الناجمة عن التوتر

يترك التوتر المزمن أثرا ضارا كبيرا على الجسم، سواء كان ذلك بحصول ارتفاع ضغط الدم، أو أمراض القلب، أو القلق، أو اضطرابات الجهاز الهضمي، أو بطء التئام الجروح. ومن جانب آخر، يساعد لجم التوتر على التحكم في كثير من الحالات المرضية المزمنة، أو الحد من احتمالات الإصابة بها.
* مضاد التوتر
ومن الاستراتيجيات المستخدمة لتحقيق ذلك ممارسة التمرينات الرياضية بانتظام، واتباع نظام غذائي صحي، وعادات نوم جيدة. ومن الاستراتيجيات الأخرى المهمة رد الفعل الاسترخائي، حيث يمكنك من التحكم في الاسترخاء حتى أعماق جيناتك!
«رد الفعل الاسترخائي» (relaxation response) هو المقابل والمضاد لـ«رد الفعل المتوتر» (stress response). وعندما يحدث التوتر يقوم الجسم إما بالمجابهة وإما بالهروب. ويمكن أن يساعد رد الفعل الاسترخائي في خفض مستوى ضغط الدم، ونبض القلب، ومعدل التنفس، ومستويات هرمون التوتر. ويقول الدكتور دارشان ميهتا، المدير الطبي لمعهد «بينسون - هنري» لطب الجسم والذهن بمستشفى ماساتشوستس العام، التابع لجامعة هارفارد: «إنه يفعل ما هو أكثر من ذلك، فعندما تستثير رد الفعل الاسترخائي، فإنك تثير إفراز الهرمونات المفيدة، وتثبط نشاط الجينات الضارة».
* رد الفعل الاسترخائي والجينات
خلال العقد الماضي، أشارت عدة دراسات من معهد «بينسون - هنري» إلى وجود علاقة بين رد الفعل الاسترخائي والتغيرات التي تحدث للجينات، ويكون لها تأثير على الصحة. من بين النتائج حدوث تأثير على ما يلي:
* ضغط الدم: قد ينشط رد الفعل الاسترخائي الجينات المرتبطة بتوسيع الأوعية الدموية، ويثبط نشاط الجينات المرتبطة بتضييق الأوعية الدموية والالتهاب. يقول الدكتور ميهتا: «يمكنه أن يزيد إفراز أول أكسيد النيتروجين، مما يزيد مرونة الأوعية الدموية ويساعد على استرخائها»، وهو ما يساعد في خفض مستوى ضغط الدم.
* مستوى السكر في الدم: قد يحسّن رد الفعل الاسترخائي إفراز الأنسولين من خلال تنشيط الجينات التي تساعد على التحكم في مستوى السكر في الدم.
* الهضم: قد يساعد رد الفعل الاسترخائي على تثبيط نشاط الجينات المرتبطة مباشرة بعمليات مرض التهاب القولون (بما في ذلك داء كرون، والتهاب القولون التقرحي). ويوضح الدكتور ميهتا قائلا: «يثير التوتر القناة الهضمية، مما قد يؤدي إلى حدوث إسهال، أو الشعور بالغثيان. ويعيد رد الفعل الاسترخائي حركة الأمعاء إلى وضع متوازن».
* الالتهاب: يقول الدكتور ميهتا: «يبدو أن رد الفعل الاسترخائي يوقف نشاط الجينات المسببة للالتهاب، بل ويمنع الشعور نفسه بالتوتر». في الوقت الذي نحتاج فيه إلى الالتهاب من أجل مكافحة أي عدوى وعلاج الجسم، يجعل التوتر المزمن الجسم في حالة التهاب مستمرة. ويمكن أن يزيد ذلك تراكم الصفائح الدموية داخل الشرايين التاجية، مما قد يزيد من احتمالات الإصابة بنوبة قلبية، أو جلطة، أو ذبحة صدرية، وكذلك يمكن أن يتسبب في عدم انتظام نمو الخلايا مما قد يؤدي إلى الإصابة بالسرطان. هل يمكن لرد الفعل الاسترخائي إذن الوقاية من هذه المشكلات الصحية، أو حتى يساعد في التخلص منها في حال ظهورها؟ يقول الدكتور ميهتا: «الأمر مشجع، ونحن ندرس هذه المسألة في الوقت الراهن».
* طرق استثارة الاسترخاء
* من أجل التمرس في إثارة رد الفعل الاسترخائي، لا تحتاج سوى إلى الجلوس في مكان وأنت مغلق العينين، ثم التنفس تنفساً عميقاً، وإرخاء عضلاتك، وتكرار كلمة، أو عبارة، أو صوت، أو دعاء قصير، من اختيارك مرة تلو الأخرى، مثل كلمات «واحد» و«سلام». وفي حال تشتت أفكارك، دعها تذهب وتأتي، وعد إلى الكلمة، أو العبارة، أو الصوت الذي اخترت.
لاتباع هذه الطريقة لمدة تتراوح بين 10 و20 دقيقة يوميا فوائد نفسية إيجابية. وكلما زاد التدريب على الاسترخاء، زادت المنافع التي تعود عليك بمرور الوقت.
وهناك وسائل أخرى لاستثارة رد الفعل الاسترخائي ومنها ممارسة التأمل، وفنون التاي تشي، واليوغا، والطرق التالية:
* التركيز على التنفس: قد يكون للتركيز على التنفس البطيء العميق تأثير مهدئ. احرص على الشعور بحركة البطن نحو الداخل والخارج أثناء التنفس.
* تفحص الجسم: ركّز على جزء واحد من أجزاء جسمك، وتخيل أنه مفتوح، ودافئ، ومسترخ، وأنك تخرج من تلك المنطقة كل ما بها من توتر. انتقل إلى جزء آخر، وكرر هذه العملية.
* التخيل الموجه: ارسم في ذهنك صورة تبعث على الهدوء والاسترخاء في نفسك. قد تكون صورة لمكان أو تجربة. اسمح لحواسك بالانغماس والاندماج، وتخيل الروائح التي تقابلها، والأصوات التي تسمعها، والنحو الذي تشعر به في يديك.
* الدعاء المتكرر: كرر دعاء مفضلا لك في ديانتك، سواء كان ذلك في سريرة نفسك أو بصوت مسموع. يمكن الاستعانة بوسيلة توجيهية مثل التنفس، أو مسبحة، للمساعدة في تكراره.

* رسالة «هارفارد الصحية» - خدمات «تريبيون ميديا»



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».