النفط يهدد بحرب بين لبنان وإسرائيل

حقل ليفتان الإسرائيلي يقع على الحدود البحرية مع لبنان (رويترز)
حقل ليفتان الإسرائيلي يقع على الحدود البحرية مع لبنان (رويترز)
TT

النفط يهدد بحرب بين لبنان وإسرائيل

حقل ليفتان الإسرائيلي يقع على الحدود البحرية مع لبنان (رويترز)
حقل ليفتان الإسرائيلي يقع على الحدود البحرية مع لبنان (رويترز)

مجدداً تقدم ملف الخلاف اللبناني – الإسرائيلي على الحدود البحرية إلى الواجهة، في توقيت حساس سياسياً، مع استعداد لبنان لبدء مرحلة تلزيم البلوكات النفطية للشركات، تمهيداً لإطلاق عملية التنقيب واستخراج النفط والغاز، وذلك بعد أن قررت إسرائيل فتح المعركة دبلوماسياً في أروقة الأمم المتحدة، وداخلياً في إسرائيل عبر ضم الأراضي المتنازع عليها قانونياً.
وتبين في الساعات الماضية أن البعثة الإسرائيلية الدائمة لدى الأمم المتحدة قدمت في الثاني من فبراير (شباط) الماضي رسالة تحتج فيها على مساعٍ لبنانية لطرح مناقصة لمنح تراخيص في المناطق المتنازع عليها، داعية إلى وقف النشاطات اللبنانية المتعلقة بهذه المنطقة، ومدعية أنها إسرائيلية، بالتزامن مع مساعٍ إسرائيلية حثيثة لإصدار قانون عبر الكنيست، يؤكد سيادة إسرائيل على هذه المنطقة.
وكشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أنه «تقرر مؤخراً طرح مشروع قانون لتحديد الحدود الاقتصادية البحرية مع لبنان، على أن يتم التصويت عليه في اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون التشريع ولاحقاً في الكنيست الإسرائيلي». ولم تحدد الصحيفة، عما إذا كانت هناك «صيغة مشروع قانون»، جاهزة وموعد عرضها على اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون التشريع، وهي عملية عادة ما تستغرق شهوراً.
وأشارت الصحيفة إلى أن وزير حماية البيئة زئيف الكين، ووزير البنى التحتية الوطنية والطاقة ومصادر المياه يوفال شطاينتس، أعدا اتفاقيات أخرى حول الجهة الحكومية التي ستكون لها السلطة في المنطقة، وذلك بمنح هذه الصلاحية لوزارة الطاقة على أن تكون وزارة حماية البيئة كهيئة استشارية.
الرد الأول على التهديدات الإسرائيلية هذه جاء على لسان رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي حذر في تصريحات صحافية من خطورة «الخطوات الإسرائيلية الاستيلائية» التي من الممكن أن تكون «شرارة حرب تظهر في الأفق، ونحن من جهتنا في لبنان لن نسكت ولن نقبل بأي تنازل عن حقوق شعبنا في هذه الثروة»، واصفاً الخلاف بأنه «مزارع شبعا بحرية» في إشارة إلى منطقة مزارع شبعا المحتلة التي يطالب لبنان بانسحاب إسرائيل منها.
وعلى الرغم من تأكيد بري أن لبنان «سيتصدى لأي اعتداء إسرائيلي يهدد ثروات لبنان في البر والبحر»، فإنه شدد في المقابل على أن «الجهات الرسمية المعنية في لبنان تقوم بالواجبات المطلوبة منها على كل المستويات»، في إشارة إلى الجهود الدبلوماسية، خصوصاً أن الولايات المتحدة الأميركية حاولت في السابق لعب دور الوسيط بين لبنان وإسرائيل لحل هذا الخلاف.
وكان لبنان أقر بعد تأليف الحكومة الجديدة المراسيم التطبيقية للنفط والغاز، تمهيداً لإطلاق دورة التراخيص للتنقيب عن النفط واستكمال دورة التلزيمات اللبنانية للشركات المرشحة لدخول المناقصات، حيث من المتوقع أن ينهي في غضون الأشهر المقبلة عملية التلزيم.
ويجزم مقرر لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه النيابية خضر حبيب في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «المساعي الإسرائيلية تهدف إلى عرقلة المساعي اللبنانية الأخيرة، وترهيب الشركات، وهو الأمر الذي لن تسكت عليه الدولة اللبنانية، خصوصاً أن هذا الأمر هو أمر سيادي بامتياز، ومتوافق عليه لبنانياً وعلى أعلى المستويات، ولن نقبل التنازل عن أي شبر من حدودنا المائية أو المس بها».
ويعود النزاع إلى عام 2011 عندما وقعت إسرائيل اتفاقية مع قبرص لتحديد الحدود البحرية بينهما، كشفت عن قضم مساحة من المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية تحتوي كميات كبيرة من النفط والغاز، تقدر بـ860 كلم مربع. وقد أودعت الاتفاقية لدى الأمم المتحدة، ما أدى إلى احتجاج لبنان.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.