فيروس «كورونا الشرق الأوسط».. تركيبته وطريقة انتشاره لم تتغيرا

ازدياد الإصابات يعزى إلى احتكاك المرضى بالأصحاء

فيروس «كورونا الشرق الأوسط».. تركيبته وطريقة انتشاره لم تتغيرا
TT

فيروس «كورونا الشرق الأوسط».. تركيبته وطريقة انتشاره لم تتغيرا

فيروس «كورونا الشرق الأوسط».. تركيبته وطريقة انتشاره لم تتغيرا

في بدايات القرن الحالي انتشر بشكل يشبه الوباء مرض الالتهاب التنفسي الحاد «سارس» في شرق آسيا وتسبب في حدوث الكثير من حالات الوفاة. ومنذ ذلك الحين ولا تكاد الأعراض المسببة لعدوى الجهاز التنفسي تختفي بضعة أعوام حتى تعاود الظهور وبشكل أشبه بالوباء مجددا، وتتسبب في ذعر الكثير من البشر حول العالم، وبشكل خاص منطقة الشرق الأوسط؛ نظرا لأن معظم الإصابات كانت لمواطنين من المنطقة التي كانت السبب المباشر في إطلاق اسم «متلازمة الجهاز التنفسي للشرق الأوسط» أو اختصارا «MERS – CoV»، والمسؤول عنه فيروس «كورونا» الشهير، خصوصا بعد ظهور بعض الحالات في الإمارات والسعودية وأخيرا مصر.

* منشأ الإصابات
ومنذ اكتشافه قبل عامين لم يشهد العالم انتشار الإصابات مثلما حدث في الأسبوعيين الماضيين وتسببت في حدوث الكثير من حالات الوفاة، وانتقل المرض إلى اليونان وماليزيا والأردن والفلبين وسط مخاوف من انتشاره عالميا بواسطة المسافرين من أنحاء العالم.
وأفادت تقارير منظمة الصحة العالمية بأن نحو 75 في المائة من الإصابات من الإنسان إلى الإنسان (المرض يصيب الحيوانات أيضا)، وأنه حتى الآن لم يحدث تغير في شكل الفيروس يمكن أن يغير من طريقة انتشاره. ولكن كل العينات التي جرى تحليلها في المختبرات كانت مطابقة بشكل كامل للفيروس بشكله المتعارف عليه في وقت انتشار الوباء السابق في العام الماضي.
وأشارت منظمة الصحة العالمية (WHO) إلى أن انتشار المرض من خلال الإنسان إلى الإنسان يبدو أكثر قليلا من العام الماضي، وأن هذا يعد تطورا في خطورة انتشار المرض، حيث كانت الإصابة من شخص إلى آخر تستلزم وجود احتكاك مباشر ولفترة كافية، وأنه من غير المعروف إن كان هذا راجعا إلى أن الفيروس في حد ذاته أصبح أكثر قابلية للانتقال (more transmissible) أم نتيجة لتفشي المرض في المستشفيات والتوسع في طرق تشخيصه.
ولاحظت التقارير أن المرض ينتقل بشكل أشبه بالموسمي، حيث كانت معظم الإصابات في شهر مارس (آذار) وأبريل (نيسان) من العام الحالي، ومعظم الحالات كانت لأشخاص من العاملين بالخدمات الصحية بالمستشفيات انتقلت إليهم الإصابة من المرضى، وأيضا هناك بعض الأشخاص ترددوا على المستشفيات لأسباب مختلفة تمت إصابتهم أيضا.

* احتياطات خاصة
إن طريقة انتقال الفيروس من الحيوانات إلى الإنسان غير معروفة تماما، وهو الأمر الذي يزيد من انتشار المرض، حيث إن عدم توافر المعلومات عن كيفية الإصابة يمنع مواجهتها. وينتقل الفيروس من إنسان إلى آخر بنفس الطريقة التي ينتقل بها أي فيروس عن طريق الجهاز التنفسي، ولذلك يجب على المواطنين الذين يتوجهون إلى المملكة العربية السعودية لأداء مناسك العمرة:
- ارتداء الكمامات ويجب تغيير الكمامة كل ثماني ساعات. وتعتبر الكمامة من الوسائل الفعالة في الحماية، حيث لوحظ أن معظم الإصابات في السعودية كانت للرجال، ومن الممكن أن يكون السبب في ذلك راجعا إلى أن النقاب بالنسبة للنساء يعمل كعازل للعدوى.
- وكذلك في حالة شعور أي معتمر بالأعراض الأولية لنزلة البرد أن يبتعد عن التجمعات ويخلد إلى الراحة في الفراش لحين تحسن الأعراض ويتوجه لزيارة الطبيب، حيث إن الأعراض تبدأ من مجرد أعراض البرد الخفيفة، ويمكن ألا يكون هناك ارتفاع في درجة الحرارة وحتى التهاب حاد بالجهاز التنفسي يؤدي إلى الوفاة.
- وكذلك ينصح للجميع بالتطعيم بلقاح الإنفلونزا قبل التوجه للعمرة، وغسيل الأيدي باستمرار، خصوصا عند التلامس مع الحيوانات.
- وعلى الرغم من أن الدور الذي يلعبه الجمل في نقل العدوى غير واضح فإن منظمة الصحة العالمية حذرت من الذهاب إلى المزارع والأماكن التي يمكن أن توجد فيها الجمال على وجه التحديد، خصوصا المرضى الذين يعانون من أمراض من شأنها أن تقلل من مناعة الجسم مثل مرض السكري والفشل الكلوي أو الذين يعانون من أمراض بالرئة أو الأورام المختلفة، وكذلك عدم شرب ألبان الجمال دون غليها أو تناول لحومها دون الطهي الجيد.
- وحذرت منظمة الصحة العالمية أيضا أن العاملين في المستشفيات والرعاية الصحية عليهم أن يلتزموا بالاحتياطات الطبية مع كل المرضى بغض النظر عن تشخيصهم وسبب زيارتهم للمستشفى، حيث إن هناك الكثير من الحالات تكون في البداية غير ملحوظة ولا توجد أعراض واضحة.
* استشاري طب الأطفال



الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين
TT

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19» نُشرت أحدث وأطول دراسة طولية عن الأعراض الطويلة الأمد للمرض أجراها باحثون إنجليز في مستشفى غريت أورموند ستريت للأطفال Great Ormond Street Hospital for Children بالمملكة المتحدة بالتعاون مع عدة جامعات أخرى؛ مثل جامعة لندن ومانشستر وبريستول. وأكدت أن معظم الأطفال والمراهقين الذين تأكدت إصابتهم بأعراض كوفيد الطويل الأمد، تعافوا بشكل كامل في غضون 24 شهراً.

أعراض «كوفيد» المزمنة

بداية، فإن استخدام مصطلح (أعراض كوفيد الطويل الأمد) ظهر في فبراير (شباط) عام 2022. وتضمنت تلك الأعراض وجود أكثر من عرض واحد بشكل مزمن (مثل الإحساس بالتعب وصعوبة النوم وضيق التنفس أو الصداع)، إلى جانب مشاكل في الحركة مثل صعوبة تحريك طرف معين أو الإحساس بالألم في عضلات الساق ما يعيق ممارسة الأنشطة المعتادة، بجانب بعض الأعراض النفسية مثل الشعور المستمر بالقلق أو الحزن.

الدراسة التي نُشرت في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي في مجلة Nature Communications Medicine أُجريت على ما يزيد قليلاً على 12 ألف طفل من الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً في الفترة من سبتمبر(أيلول) 2020 وحتى مارس (آذار) 2021، حيث طلب الباحثون من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم، تذكر أعراضهم وقت إجراء اختبار «تفاعل البوليمراز المتسلسل» PCR المُشخص للكوفيد، ثم تكرر الطلب (تذكر الأعراض) مرة أخرى بعد مرور ستة و12 و24 شهراً.

تم تقسيم الأطفال إلى أربع مجموعات على مدار فترة 24 شهراً. وتضمنت المجموعة الأولى الأطفال الذين لم تثبت إصابتهم بفيروس الكوفيد، والمجموعة الثانية هم الذين كانت نتيجة اختبارهم سلبية في البداية، ولكن بعد ذلك كان نتيجة اختبارهم إيجابية (مؤكدة)، فيما تضمنت المجموعة الثالثة الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية، ولكن لم يصابوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً، وأخيراً المجموعة الرابعة التي شملت الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قام الباحثون باستخدام مصطلح كوفيد الطويل الأمد عند فحص بيانات ما يقرب من ألف طفل من الذين تأكدت إصابتهم بالمرض ووجدوا بعد مرور عامين أن نحو 25 - 30 في المائة فقط من إجمالي المراهقين هم الذين لا يزالون يحتفظون بالأعراض المزمنة، بينما تم شفاء ما يزيد على 70 في المائة بشكل كامل. وكان المراهقون الأكبر سناً والأكثر حرماناً من الخدمات الطبية هم الأقل احتمالية للتعافي.

25 - 30 % فقط من المراهقين يظلون محتفظين بالأعراض المزمنة للمرض

استمرار إصابة الإناث

كان اللافت للنظر أن الإناث كن أكثر احتمالية بنحو الضعف لاستمرار أعراض كوفيد الطويل الأمد بعد 24 شهراً مقارنة بالذكور. وقال الباحثون إن زيادة نسبة الإناث ربما تكون بسبب الدورة الشهرية، خاصة أن بعض الأعراض التي استمرت مع المراهقات المصابات (مثل الصداع والتعب وآلام العضلات والأعراض النفسية والتوتر) تتشابه مع الأعراض التي تسبق حدوث الدورة الشهرية أو ما يسمى متلازمة «ما قبل الحيض» pre-menstrual syndrome.

ولاحظ الباحثون أيضاً أن أعلى معدل انتشار للأعراض الطويلة الأمد كان من نصيب المرضى الذين كانت نتائج اختباراتهم إيجابية في البداية، ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قال الباحثون إن نتائج الدراسة تُعد في غاية الأهمية في الوقت الحالي؛ لأن الغموض ما زال مستمراً حول الآثار التي تتركها الإصابة بالفيروس، وهل سوف تكون لها مضاعفات على المدى الطويل تؤدي إلى خلل في وظائف الأعضاء من عدمه؟

وتكمن أهمية الدراسة أيضاً في ضرورة معرفة الأسباب التي أدت إلى استمرار الأعراض في الأطفال الذين لم يتماثلوا للشفاء بشكل كامل ونسبتهم تصل إلى 30 في المائة من المصابين.

لاحظ الباحثون أيضاً اختلافاً كبيراً في الأعراض الملازمة لـ«كوفيد»، وعلى سبيل المثال هناك نسبة بلغت 35 في المائة من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم في البداية، ثم أصيبوا مرة أخرى بعد ذلك، لم تظهر عليهم أي أعراض على الرغم من إصابتهم المؤكدة تبعاً للتحليل. وفي المقابل هناك نسبة بلغت 14 في المائة من المجموعة التي لم تظهر عليها أي أعراض إيجابية عانت من خمسة أعراض أو أكثر للمرض، ما يشير إلى عدم وضوح أعراض كوفيد الطويل الأمد.

هناك نسبة بلغت 7.2 في المائة فقط من المشاركين عانوا بشدة من الأعراض الطويلة الأمد (5 أعراض على الأقل) في كل النقط الزمنية للدراسة (كل ثلاثة أشهر وستة وعام وعامين)، حيث أبلغ هؤلاء المشاركون عن متوسط خمسة أعراض في أول 3 أشهر ثم خمسة في 6 أشهر ثم ستة أعراض في 12 شهراً ثم خمسة في 24 شهراً بعد الإصابة، ما يؤكد ضرورة تقديم الدعم الطبي المستمر لهؤلاء المرضى.

بالنسبة للتطعيم، لم تجد الدراسة فرقاً واضحاً في عدد الأعراض المبلغ عنها أو حدتها أو الحالة الصحية بشكل عام ونوعية الحياة بين المشاركين الذين تلقوا التطعيمات المختلفة وغير المطعمين في 24 شهراً. وقال الباحثون إن العديد من الأعراض المُبلغ عنها شائعة بالفعل بين المراهقين بغض النظر عن إصابتهم بفيروس «كورونا» ما يشير إلى احتمالية أن تكون هذه الأعراض ليست نتيجة للفيروس.

في النهاية أكد العلماء ضرورة إجراء المزيد من الدراسات الطولية لمعرفة آثار المرض على المدى البعيد، وكذلك معرفة العواقب الطبية للتطعيمات المختلفة وجدوى الاستمرار في تناولها خاصة في الفئات الأكثر عرضة للإصابة؛ أصحاب المناعة الضعيفة.

* استشاري طب الأطفال