سوق الذهب في السعودية تعول على «يوم الأم» لانتشالها من الركود

رئيس لجنة المعادن الثمينة بجدة أكد أهمية المناسبة في تنشيط المبيعات

حلي جديدة مزينة بعبارات مثل «ست الحبايب» و «أمي الغالية» و«نبع الحنان»
حلي جديدة مزينة بعبارات مثل «ست الحبايب» و «أمي الغالية» و«نبع الحنان»
TT

سوق الذهب في السعودية تعول على «يوم الأم» لانتشالها من الركود

حلي جديدة مزينة بعبارات مثل «ست الحبايب» و «أمي الغالية» و«نبع الحنان»
حلي جديدة مزينة بعبارات مثل «ست الحبايب» و «أمي الغالية» و«نبع الحنان»

يعوّل تجار الذهب السعودي على ذكرى يوم الأم العالمي، الذي يصادف تاريخ اليوم كل عام، في إنعاش حركة مبيعات المشغولات الذهبية والجواهر، وانتشالها من حالة الركود التي عانى منها المعدن الأصفر خلال الفترة الماضية، إذ يعرض تجار الذهب حالياً تصاميم الحلي الجديدة المزينة بعبارات مثل «ست الحبايب»، أو «أمي الغالية» أو «نبع الحنان».
يضاف لذلك عروض التخفيضات التي راجت منذ مطلع هذا الأسبوع على الحلي الذهبية خفيفة الوزن، وربطها بهذه المناسبة، تحت اسم «هدية الأم».
في حين انتهجت بعض متاجر الذهب فكرة إعادة الضوء إلى التصاميم الكلاسيكية القديمة وعرضها على واجهة متاجر الذهب، على اعتبار أنها الهدية الأنسب للأمهات والنساء الكبيرات في السن.
وأكد جميل فارسي رئيس لجنة تجارة المعادن الثمينة والأحجار الكريمة في غرفة جدة لـ«الشرق الأوسط» أن هذه المناسبة تسهم بتنشيط المبيعات، وطبعاً هذا هو الهدف الأساسي لدى أي تاجر، إلى جانب أنها مناسبة لها قيمة اجتماعية، فبعض المناسبات لها هدفان؛ تنشيط المبيعات وآخر اجتماعي.
وأضاف أن التصميم يُطلق عادة في هذا الشهر ويبقى العام بأكمله، لأن هدايا الأم على مدار العام وليست في يوم واحد فقط «ونحاول من عام لآخر إيجاد تصاميم جديدة لهذه المناسبة».
ويتفق معه حيدر النمر، مدير جواهر «لآلئ النمر» بالدمام، الذي أكد أن مبيعات الذهب والجواهر تنتعش في يوم الأم بصورة كبيرة، وربما شهر مارس (آذار) هو أقوى الأشهر في العام من حيث حركة مبيعات محلات الذهب، بسبب يوم الأم والإجازة القصيرة التي تتخلله، وهو ما لمسناه في الأيام القليلة الماضية.
وذكر النمر لـ«الشرق الأوسط» أن متاجر الذهب تنقسم إلى قسمين في هدايا يوم الأم؛ بعضها يعرض التصاميم التراثية القديمة على اعتبار أن تناسب الأمهات وكبيرات السن، والبعض الآخر يركز على التصاميم الحديثة المبتكرة المذيلة بعبارات تناسب الأم، لافتاً إلى أن «الإقبال على هدايا الذهب المقدمة للأم ملموس من جميع الفئات، وليس الشباب فقط، مما حرّك سوق الذهب بعد ركود سابق».
أما صالح بن محفوظ، عضو لجنة الذهب والجواهر في الغرفة التجارية بجدة، فيرى أن سوق الذهب ما زالت تعاني من حالة كساد، ولم يسهم يوم الأم في انتشالها منها، معلقاً على ذلك بصورة ساخرة: «لا توجد طلبات ولا حركة مبيعات، لا على هدايا الأم ولا هدايا الأب، فسوق الذهب تمر بحالة ركود، وانخفاض الطلب على الذهب واضح، إن كان من الصافي أو المُصنع».
ورغم اختلاف تجار الذهب أنفسهم حول جدوى هذه المناسبة في إنعاش السوق، فإن ذلك لم يمنعهم من التنافس على جذب الزبائن نحو اقتناء الذهب والجواهر كهدايا مقدمة للأم، بإعلانات ترويجية مختلفة، إذ تعلق إحدى دور الجواهر عبارة «ليس في الدنيا فرح يعادل فرح الأم»، في حين أطلقت دار أخرى حملة «أكرمك لأنك أمي»، وأطلقت دار جواهر شهيرة في السعودية، حملة تقول: «أمي الغالية لها كل الحب والامتنان، وأهديها عقداً ماسياً تظل ذكراه للأبد». واكتفت دار جواهر أخرى بعرض تصاميمها تحت عبارة «كل عام وأنتِ بألف خير يا أمي الغالية».
وتركز مختلف متاجر الذهب والجواهر على استعطاف الزبائن على شراء الهدايا الذهبية أو الماسية وتقديمها للأم في هذا اليوم.
يأتي ذلك في حين تكشف أرقام حديثة أن حجم سوق الذهب السعودية يتجاوز أكثر من 33 مليار ريال (8.8 مليار دولار)، فيما يبلغ عدد محال الذهب 6 آلاف محل. وتعد سوق الذهب السعودية من أكبر الأسواق في العالم من حيث الاستهلاك، والأولى عربياً، وهي المحرك الرئيسي لتجارة الذهب في المنطقة العربية، كما أنها تشكل نحو 30 في المائة من حجم سوق الذهب والجواهر في منطقة الشرق الأوسط.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».