الزواج يقود الإيرانيين للسجن بعد الطلاق

2297 رجلاً يقبعون وراء القضبان بسبب تعذر دفع قيمة المهر

الزواج يقود الإيرانيين للسجن بعد الطلاق
TT

الزواج يقود الإيرانيين للسجن بعد الطلاق

الزواج يقود الإيرانيين للسجن بعد الطلاق

تشير السلطات القضائية في إيران، إلى أن 2297 رجلا يقبعون في السجون بسبب تعذر دفع قيمة المهر المترتبة عليهم.
ويبقى الأمل الوحيد بالنسبة للأكثر فقرا من بين السجناء، هو الإفادة من سخاء متبرعين أثرياء يتكفلون تسديد قيمة ديونهم، على غرار ما حصل بالنسبة لـ1700 سجين من هؤلاء، خلال مراسم أقيمت أخيرا في طهران.
وعندما تزوج «صادق» زميلته في الدراسة، لم يكن يتصور أنه سيلقى مصير آلاف الإيرانيين ممن يرزحون تحت أعباء مالية كبيرة قد تقودهم إلى السجن، بسبب المبالغ الضخمة المترتبة عليهم في حالة الطلاق.
وتسجل هذه الحالات ازديادا في إيران، حيث يتعهد العريس بتقديم مهر يوازي قيمة عدد من العملات الذهبية لعروسه في حال وقع الطلاق، على أن تتفاهم عائلتا العروسين في شأن مقدار هذا المهر قبل الزواج.
ويوضح صادق، الذي طلّق العام الماضي، بعد زواج استمر 8 سنوات، لوكالة الصحافة الفرنسية: «المهر كان مرتفعا ويبلغ نحو 800 قطعة ذهبية، لكن عندما كنا نحضر لزفافنا لم نتوقع كيف ستؤول الأمور في نهاية المطاف».
ويقترب ثمن كل قطعة ذهبية من عشرة ملايين ريال إيراني (300 دولار)، وتالياً، فإن قيمة 800 قطعة ذهب توازي إيرادات 50 عاما من العمل، بالنسبة لأي إيراني يتقاضى راتبا شهريا يوازي متوسط الأجور في البلاد.
ووفق صادق، عندما ظهرت المشكلات مع زوجته، وبدأت فكرة الطلاق تراودهما «حصل تفاهم على أن تسلك الأمور منحى رضائيا من دون دفع المهر». غير أن عائلة الزوجة تدخلت ووجد صادق نفسه، أمام محكمة أمرته بدفع مبلغ فوري يوازي ثمن 110 عملات ذهبية، تحت طائلة السجن.
ويقول صادق: «فكرة دخول السجن كما في الأفلام لسبب كهذا، كانت تبدو سخيفة»، مضيفا: «المهر وسيلة جيدة للدعم المالي بالنسبة للنساء في مجتمع ذكوري ك‍إيران، غير أن الأمور بدأت تتخذ طابعا تجاريا».
وقد ركز صادق في دفوعه أمام المحكمة على صعوبة وضعه المالي، ونجح بفضل ذلك في انتزاع اتفاق يتعهد بموجبه دفع ما يوازي قيمة 120 قطعة ذهبية (36 ألف دولار) بواقع قطعة واحدة في الشهر. ويتعين عليه بذلك دفع المبلغ كاملا على 10 سنوات مضحياً بنصف راتبه شهرياً لهذه الغاية. لكن بعد 5 أشهر على الاتفاق، فقد صادق وظيفته كمصور.
ويقول هادي صادقي، وهو مسؤول عن الهيئة القضائية التي تساعد في تنظيم هذه المراسم: «مع الأسف، أدت المنافسة بين العائلات إلى ارتفاع غير مسبوق في قيمة المهور». فللفوز بيد العروس، تعمد عائلات إلى المزايدة في قيمة المهر، ما أفقد هذا النظام وظيفته التقليدية القائمة أساسا على توفير مبلغ مالي للعروسين الشابين يكفي لتسديد ثمن أثاث المنزل الزوجي، وفق صادقي.
وفي الواقع، تحول المهر إلى تهديد للرجال الذين قد يجدون أنفسهم، في أسوأ الحالات، ضحايا عمليات ابتزاز ممارسة من عائلات الزوجات، بحسب صادقي. ويقول صادقي: «على الفتيان (المقبلين على الزواج) التنبه لعدم الوقوع في الفخ».
ويشير علي رضا أفساري، وهو مدير صندوق لمساعدة السجناء في هذه القضايا، إلى أن «السؤال الأول الذي تطرحه عائلات كثيرة عند تزويج بناتها يتعلق بالمهر»، مضيفا: «يجب تعديل بعض القوانين وتغيير بعض العادات الثقافية والاجتماعية». لكن بالنسبة لنساء كثيرات، يبقى المهر وسيلة ناجعة لضمان حقهن في حال الطلاق.
وتقول صافي، وهي عروس شابة في العشرين من العمر: «تبدي كل امرأة مقبلة على الزواج خوفا من عدم الحصول على أي حقوق فعلية في حال الانفصال، وتحاول ضمان حقها من خلال المهر».
وسجلت أعداد حالات الطلاق في إيران ازديادا كبيرا خلال السنوات الأخيرة. ففي الأشهر الـ11 الأخيرة، شهدت إيران 165 ألف طلاق، في ارتفاع نسبته 15 في المائة خلال 5 سنوات.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».