عين زبيدة... شبكة تاريخية حملت المياه من وادي نعمان إلى المشاعر المقدسة

بناؤها قاوم الزمن وجوفها ظل سخياً عبر 12 قرناً

عين زبيدة (تصوير: أحمد حشاد)
عين زبيدة (تصوير: أحمد حشاد)
TT

عين زبيدة... شبكة تاريخية حملت المياه من وادي نعمان إلى المشاعر المقدسة

عين زبيدة (تصوير: أحمد حشاد)
عين زبيدة (تصوير: أحمد حشاد)

تعد عين زبيدة التاريخية أهم وأقدم شبكة مائية في مكة المكرمة على مدى قرون؛ إذ ظلت تمد الحجاج والزوار والمعتمرين وأهل مكة المكرمة بالمياه لمدة تربو على ألف ومائتي عام.
ويخلط كثيرون بين عين زبيدة ودرب زبيدة على أنهما مشروع واحد، ولكن الحقيقة التاريخية تقول إنهما مشروعان منفصلان عن بعضهما، أمرت بإنشائهما «أم الأمين» زبيدة بنت أبي الفضل جعفر بن أبي جعفر المنصور العـباسي، زوجة الخليفة العباسي هارون الرشـيد، فدرب زبيدة هو عبارة عن برك تنتشر في مواضع معينة، وتمتد من بلاد العراق إلى مكة المكرمة، تخزن فيها مياه السيول لأطول مدة، ويستفيد المسافرون في تلك الدروب منها.
أما عين زبيدة فهي قناة من الماء شقت عام 164هـ، من وادي نعمان شرق مكة إلى مشعر عرفة لتسقي الحاج والمعتمر والمقيم، بعد أن لمست زبيدة ما يلاقيه الحجاج آنذاك من تعب وجهد، نتيجة شح المياه.
ويبلغ طول القناة 26 كيلومتراً، وتشتمل على جزأين، الأول منها غير ظاهر (تحت سطح الأرض) يبلغ طوله 16.35 كيلومتر، والآخر ظاهر فوق سطح الأرض يبلغ طوله 9.47 كيلومتر. وتشتمل العين- على طول امتدادها- على عدد من «الخرزات» التي تسمى كذلك بغرف التفتيش، يبلغ عددها 132 خرزة، وتبدأ العين عند الخرزة التي تحمل رقم 1 بوادي نعمان وتتجه صوب مكة المكرمة، لتظهر في عرفات حول جبل الرحمة في أول ظهور لها جنوب شرقي عرفة، ثم تتجه لتمر ببطن وادي عرنة ومنه إلى منطقة القطانية غرب وادي عرنة، ثم على السفوح الجنوبية والغربية لجبال المنطقة بين عرفات ومزدلفة، ثم تظهر القناة مرة أخرى في حي العزيزية بمكة المكرمة في أماكن عدة، والجزء الأخير منها بعد جسر الملك خالد، وبعد ذلك المكان أزيلت القنوات وبنيت عمارات مكانها. وتحتوي العين- إضافة إلى الخرزات والقنوات- على مبانٍ إدارية وخزانات لتجميع المياه وبرك، وغير ذلك.
وشهد مسار هذه العين التاريخية طوال السنوات الماضية الكثير من التعديات من خلال بناء المساكن والاستراحات العشوائية على طول مساره من وادي نعمان؛ الأمر الذي أخفى معالم العين التاريخية؛ ما دفع الجهات المختصة إلى المسارعة بالتدخل وإزالة تلك التعديات.
ويتذكر خالد الهُذَلِي (50 عاماً) أحد ساكني قرى وادي نعمان، غزارة المياه المتدفقة من هذه العين، وكيف أنها كانت تسقي المزارع والحقول التي تقع على مسارها، حيث كانت مزاراً سياحيا وريفياً لأهالي مكة والطائف، ولا سيما قرى الزيمة والوكف والمضيق.
وأضاف الهُذَلِي إن «منسوب مياه هذه العين بدأ في الانخفاض قبل نحو عشرين عاماً حتى جف ماؤها»، مرجحاً أن تكون ندرة الأمطار من أسباب ذلك، لتبقى هذه العين شاهداً تاريخياً على حضارة المسلمين على مدار التاريخ.
وأبان أنه عندما كان في مقتبل عمره شارك مع والده وأبناء عمومته في تنظيف العين؛ لأنهم كانوا تابعين لإدارة عين زبيدة الحكومية آنذاك، مشيراً إلى أنهم دخلوا إلى الخرزات (نقاط تجمع مياه على طول مساره)، وأخرجوا الصخور والأشجار العالقة التي تتسبب في منع جريان المياه.
ولَم يخفِ الهُذَلِي تذمره من عمليات التعديات التي تقع في عين زبيدة وتكرارها رغم جهود الجهات المختصة في مكافحتها، مطالباً أن تكون العقوبات بحجم هذه التعديات؛ كي يتم القضاء عليها.
وبلغ عدد عقارات أوقاف عين زبيدة 35 عقاراً (32 مؤجرة + 3 خالية) في مكة المكرمة، و20 عقاراً (3 مؤجرة + 17 خالية وجارٍ استكمال صكوكها) في الطائف، بينما بلغ إيرادها السنوي عام 2016 من أوقاف عين زبيدة 13.183.790 مليون ريال، منها 3.844.290 مليون ريالاً (أسهم شركة مكة)، كما بلغ الإيراد السنوي لأوقاف الطائف 935.500 ريال، وتم إنجاز 4 مشروعات سكنية في مكة المكرمة و5 مشروعات في الطائف.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».