دراسة سعودية: سائقو الأجرة الأكثر عرضة للجرائم

أحدث إصدارات جامعة نايف قدمتها في معرض الرياض للكتاب

داخل معرض الكتاب الدولي في الرياض
داخل معرض الكتاب الدولي في الرياض
TT

دراسة سعودية: سائقو الأجرة الأكثر عرضة للجرائم

داخل معرض الكتاب الدولي في الرياض
داخل معرض الكتاب الدولي في الرياض

كشفت دراسة سعودية أن العاملين في بعض المهن معرضون أكثر من غيرهم لأن يكونوا مجنياً عليهم، بالنظر إلى جاذبية هذه المهن للجناة، خاصة العاملين في الصرافة والمحاسبة وسائقي سيارات الأجرة، جاء ذلك ضمن أحدث إصدارات جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، في دراسة شارك بها جناح الجامعة في معرض الرياض الدولي للكتاب، المقام حالياً في الرياض.
وطالبت الدراسة التي حملت العنوان (دور المجني عليه في ارتكاب الجريمة)، بضرورة «تشديد التدابير الأمنية في محيط المهن التي يتعرض أصحابها لوقوع الجريمة عليهم أكثر من غيرهم». إلى جانب «توعية أصحاب المهن المعرضين أكثر من غيرهم للوقوع مجنياً عليهم لاتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على أمنهم وسلامتهم».
وأظهرت الدراسة أن الرجال معرضون لأن يكونوا مجنياً عليهم أكثر من النساء، وذلك باستثناء جرائم الاغتصاب وهتك العرض والتحرش والانتحار. وأشارت إلى أن بعض الأصناف من الناس معرضون أكثر من غيرهم لأن يكونوا مجنيا عليهم، وهم: مدمنو المخدرات والمسكرات، والشواذ جنسيا، والعاملون في المهن ذات المخاطرة العالية، وغير المهتمين بممارسة أدوارهم الرقابية من الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين.
واستهدفت الدراسة التي أعدها الدكتور عبد الناصر عباس عبد الهادي، وهو أستاذ بقسم الدراسات الأمنية بجامعة نايف في الرياض، التعرف على دور المجني عليه في ارتكاب الحالات الإجرامية التي تضمنتها وثائق مؤتمرات رؤساء أجهزة المباحث والأدلة الجنائية في الدول العربية، كنماذج لدور المجني عليه في ارتكاب الجريمة.
وبتصنيف الحالات، اتضح أن المجني عليهم فيها نحو 300 شخص، وعدد هذه الحالات 265 جريمة، تنتمي إلى 18 نوعا إجراميا، هي: قتل، سرقة، نصب واحتيال، جرائم إلكترونية، نشل، اختلاس وخيانة أمانة، اغتصاب، شيك من دون رصيد، سلب، إيذاء، حريق، هتك عرض، تحرش، ترويج عملة مزورة، ابتزاز، انتحار، سطو مسلح.
وأكدت الدراسة أن هناك أنواعا من السلوكيات المباشرة وغير المباشرة التي يقوم بها المجني عليهم والضحايا بشكل عام، تتضمن: السذاجة والإهمال والتساهل واللامبالاة والإثارة والتهور والاستفزاز، إلى جانب مخالفة الأنظمة القانونية والإخلال بالضوابط الاجتماعية وعدم ممارسة الدور الرقابي للأشخاص الطبيعيين والاعتباريين. وفي أنواع معينة: الطمع والبخل. وفي حالات محددة: اليأس.
وأفادت الدراسة أن أسلوب حياة بعض المجني عليهم واعتيادهم القيام بأنشطة روتينية رتيبة يرفع درجة احتمالية أن يكونوا مجنياً عليهم، بما يشمل ذلك من اعتادوا الخروج من المنزل في وقت متأخر، أو الذين اعتادوا لفترات طويلة مغادرة منازلهم في أوقات معينة، أو الظهور في أماكن معينة بمظهر مثير للانتباه.
وبترتيب الجرائم المشمولة في هذه الدراسة، بلغت عدد حالات جرائم القتل 80 حالة، بنسبة تزيد على 30 في المائة من مجموع الحالات، تلاها جرائم السرقة بـ78 حالة، أي بنسبة 29 في المائة من مجموع الحالات، ومعظم حالات السرقة تضمنها السيارات الشخصية. أما عدد جرائم النصب والاحتيال فبلغت 31 حالة، بنحو 12 في المائة من مجموع الحالات الإجرامية.
وجاءت رابعا الجرائم الإلكترونية بواقع 27 حالة، ونسبة 10 في المائة، ثم جرائم النشل بعدد 10 حالات ونسبة تقترب من 4 في المائة. تلاها حالات جرائم الاختلاس وخيانة الأمانة ثم جرائم الاغتصاب، ثم الجرائم الأخرى التي شملت السلب والشيكات دون رصيد والتزوير والتحرش والابتزاز والانتحار والسطو وغيرها.
أمام ذلك، أوصت الدراسة بتطوير استمارة للإحصاء الجنائي تتضمن جميع المتغيرات التي من شأنها أن تقيس نسبة الجرائم التي يكون للمجني عليهم دور في ارتكابها، وتقيس أيضا سمات وفئات وسلوكيات المجني عليهم والفروق الجوهرية بينهم وبين بقية المجني عليهم. وأوصت الدراسة كذلك بإيجاد السبل الملائمة للتوسع في تدابير المراقبة الإلكترونية والدوريات الأمنية الإلكترونية، بما لا يمس حرية المواطنين ويحافظ على أمنهم.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».