معرض الرياض للكتاب... عشرة أيام حافلة بالمعرفة

انطلق برعاية خادم الحرمين الشريفين تحت شعار «الكتاب... رؤية وتحول»

وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل بن زيد الطريفي مع وزير التعليم الماليزي في الافتتاح الرسمي لمعرض الرياض الدولي للكتاب 2017 (واس)
وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل بن زيد الطريفي مع وزير التعليم الماليزي في الافتتاح الرسمي لمعرض الرياض الدولي للكتاب 2017 (واس)
TT

معرض الرياض للكتاب... عشرة أيام حافلة بالمعرفة

وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل بن زيد الطريفي مع وزير التعليم الماليزي في الافتتاح الرسمي لمعرض الرياض الدولي للكتاب 2017 (واس)
وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل بن زيد الطريفي مع وزير التعليم الماليزي في الافتتاح الرسمي لمعرض الرياض الدولي للكتاب 2017 (واس)

انطلقت يوم أمس فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب 2017، الذي يُقام ‎تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في مركز المعارض والمؤتمرات بالرياض، تحت شعار «الكتاب... رؤية وتحول» والذي يجسد في هويته البصرية رؤية المملكة 2030... وتستمر فعالياته حتى 18 مارس (آذار) الجاري.
وكان وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل بن زيد الطريفي افتتح ظهر أمس الأربعاء المعرض بحضور وزير التعليم الماليزي الدكتور محضر بن خالد، ممثل ماليزيا، ضيف الشرف لهذا العام.
وخلال افتتاح المعرض، تفقد الدكتور عادل الطريفي، جناح مؤسسة مسك الخيرية وجناح مركز الملك سلمان للشباب وجناح وزارة الثقافة والإعلام وعدداً من الأجنحة الأخرى.
وشهد اليوم الأول لافتتاح المعرض حضوراً جماهيرياً، متوسط الكثافة مقارنة بالسنوات الماضية، لكن وسائل التواصل الاجتماعي اشتعلت منذ اللحظات الأولى لافتتاح المعرض، حيث يعول عليها أن تصبح الوسيلة الأكثر ترويجاً للمؤلفات السعودية. ويتبادل القراء رسائل بعناوين كتب ومواقع دور النشر الموزعة لها، في حين تحفل وسائل إلكترونية بعشرات الصور والمقاطع لأغلفة ومؤلفات شبابية.
وخلال الافتتاح ظهر أمس، أدت فرقة ماليزية عرضاً من التراث الماليزي، وتشارك ماليزيا (ضيف الشرف) بجناح كبير يضم 10 دور نشر ماليزية، وعدد من الفنانين والأدباء، ومن المتوقع أن يقدم المشاركون الماليزيون على مدى أيام المعرض أعمالا أدبية وفنية باللغة العربية.
واعتبر وزير التعليم الماليزي الدكتور محضر بن خالد أن السياحة لن تكون هي الوحيدة لتعريف السعوديين بماليزيا بل الأعمال الأدبية في المعرض.
وقال الوزير الماليزي: إن معارض الكتب الدولية واحدة من أهم الفرص لتعزيز عمليات التعليم في الدول، كون الكتاب من الركائز الأساسية في العملية التعليمية، ووجود هذه المعارض تشجيع على القراءة، مبيناً أن عادة هذه المعارض الدولية كما الحال في معرض الرياض الدولي للكتاب تنظيم محاضرات وورش عمل مفيدة للمجتمع والأفراد على نحو خاص.
وكرم وزير الثقافة والإعلام الفائزين بجائزة وزارة الثقافة والإعلام للكتاب للعام 2017، وهم ثمانية مؤلفين في ستة أفرع من فروع الجائزة، (فرع الفكر والفلسفة): زكي الميلاد، وذلك عن كتابه «عصر النهضة: كيف انبثق؟ ولماذا أخفق؟»، الصادر عن النادي الأدبي بالرياض والمركز الثقافي العربي.
(فرع العلوم الصحية): الدكتور خالد بن علي الربيعان، عن كتاب «توارث السكري» الصادر عن دار جامعة الملك سعود للنشر.
(فرع الرواية): جبير المليحان، عن رواية «أبناء الأدهم» الصادرة عن دار جداول للنشر والترجمة والتوزيع.
(فرع الشعر): الشاعر علي الدميني عن ديوانه «خرز الوقت» الصادر عن دار الانتشار العربي.
(فرع المسرح): فاز مناصفة المؤلف صالح زمانان عن مسرحية «فزاعات نيئة»، الصادرة عن دار طوى للثقافة والنشر والإعلام، إلى جانب المؤلف عبد العزيز الصقعبي عن مسرحية «القرية تخلع عباءتها» الصادرة عن نادي تبوك الأدبي ودار الانتشار العربي. (فرع الدراسات الأدبية والنقدية)، فاز بها مناصفة كل من المؤلف عبد الله بن سليم الرشيد عن دراسة «الحدقة والأفق... دراسات في النثر تليدة وطريفة» الصادرة عن نادي مكة الأدبي ودار الانتشار العربي، والمؤلف فضل بن عمار العماري عن دراسة «إيقاع الشعر العربي في ضوء نظرية العياشي» الصادرة عن دار جامعة الملك سعود للنشر.
وكان الفائزون الثمانية قد تم اختيار أعمالهم من بين 103 من مجموع عدد الكتب التي تقدمت للجائزة هذا العام، اجتاز منها الفرز الأولي 14 كتاباً، جرى تحكيمها من قبل مجموعة من المحكمين، ويحصل الكتاب الفائز عن كل فرع على 200 ألف ريال، منها 100 ألف ريال للمؤلف، و100 ألف ريال قيمة شراء الكتاب.
وتنطلق مساء اليوم (الخميس) الفعاليات الثقافية لمعرض الرياض الدولي للكتاب، وتتضمن فعاليات هذا اليوم ثلاث ندوات:
الأولى، تبدأ الساعة الخامسة مساءً، بعنوان: «حديث في الرواية»، يشارك فيها: عبده خال، وحجّي جابر، والدكتورة هيفاء الفريح، وتدير الجلسة رحاب أبو زيد.
والثانية، بعنوان: «خطابات» يشارك فيها: فيصل الفرهود، صالح الخزيم، والدكتور عبد اﷲ المغلوث، ويدير الجلسة: عبد الرحمن العابد.
والندوة الثالثة، وعنوانها «فصاحة، ولهجة»، ويشارك فيها: سلطان الكامل، وهاني حيدر، وإبراهيم الحسين، ويدير الجلسة: عبد الرحمن مجرشي.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».