من هو باسل الأعرج وكيف ودعه الفلسطينيون؟

«عش نيصاً... وقاتل كالبرغوث» باسل الأعرج «شهيداً»

TT

من هو باسل الأعرج وكيف ودعه الفلسطينيون؟

بقذائف "الانيرجا" ووابل رصاص استطاعت اسرائيل قتل أنفاس الشاب باسل الاعرج، 31 عاما، وسط مدينة البيرة في رام الله. وكانت القوات الاسرائيلية قد اقتحمت منزلا تواجد فيه "الشهيد" قرب مسجد البيرة الكبير واختطفت جثمانه، بعد أن قاتل نحو ساعتين.
لم تكن حكاية "الشهيد" الفلسطيني باسل الأعرج مع المطاردة والملاحقة الإسرائيلية سوى الفصل الأخير من قصته بعد الإفراج عنه من سجون السلطة الفلسطينية، في سبتمبر (أيلول) الماضي، عقب إضراب خاضه عن الطعام برفقة خمسة من أصدقائه، هم اليوم يقبعون في السجون الإسرائيلية.
من هو باسل الأعرج؟
الأعرج، هو إحدى ضحايا التنسيق الأمني الذي تمارسه رام الله، من دون أن يكون للجمهور الفلسطيني ردّ فعليّ عليه، وهو كان أحد الذين عبّروا بالمشاركة في تأسيس «الحراك الشبابي الشعبي» عن رفضهم لتقاعس بقية الفصائل عن أخذ دورها في «انتفاضة القدس»، التي كان يسميها «الانتفاضة المظلومة».
وتعود جذور الأعرج إلى قرية الولجة شمال غربي بيت لحم، وفي بداياته اشتهر بأنه ناشطٌ شبابي في رفض التطبيع والتعايش مع الاحتلال، علماً بأنه نال شهادة البكالوريوس في الصيدلة من إحدى الجامعات المصرية، ثم عمل بالصيدلة في مخيم شعفاط في القدس لمدة قصيرة.
يقول أحمد شحادة، وهو أحد أقربائه، الى الاعلام المحلي، ان باسل رفض الانتقال من سجن إلى آخر، في إشارة إلى علمه بنية الجيش الاسرائيلي اعتقاله بعد خروجه من سجن أريحا عقب ستة أشهر من الاختفاء والاعتقال. ويتضح هذا، كما يضيف شحادة، من رفضه الخروج بصحبة أقربائه عند الإفراج عنه في الثامن من سبتمبر الماضي، إذ أصرّ على العودة إلى المنزل وحيداً رغم إلحاح العائلة. منذ ذلك الوقت لم يعد، بل اختفى وانقطعت أخباره، ثم لم يُعرَف مصيره حتى يوم مقتله.
ومن أبرز الفعاليات التي سطع فيها نجم الأعرج، المظاهرات الاحتجاجية على زيارة كانت مقررة لوزير الأمن الإسرائيلي السابق شاؤول موفاز، خلال عام 2012 إلى الضفة، وتعرض للضرب آنذاك على يد الأمن، كما نشط في حملات مقاطعة اسرائيل. وكان قد شرع خلال السنوات الثلاث الماضية في مشروع «توثيق محطات الثورة الفلسطينية» منذ ثورة عام 1936 وصولاً إلى انتفاضة الأقصى عام 2000، وأطلق لهذا الغرض رحلات ميدانية استهدفت زيارة المناطق التي وقعت فيها العمليات والمعارك الفدائية، مثل موقع عملية زقاق الموت التي نفذها ثلاثة من «حركة الجهاد الإسلامي» في الخليل عام 2002، ومعركة الولجة في بيت لحم، ونموذج ريف جنين في جدوى المقاومة، وغيرها.
في موازاة ذلك، حرص الأعرج على تنظيم ندوات تثقيفية في عدد من محافظات الضفة، كما نشط في «دائرة سليمان الحلبي» التي كانت تنظم محاضرات وطنية وتاريخية، وتناقش موضوعات تخص الفكر المقاوم. كذلك، كان يحرص على أن يكتب باستمرار في عدة مواقع فلسطينية عدداً من المقالات المتنوعة، التي تتمحور حول مواجهة الاحتلال، ومن بينها مقالة تعكس شخصيته كباحث ومؤرخٍ، عنوَنها بـ«عش نيصاً... وقاتل كالبرغوث».
رثاء الأصدقاء ووصية باسل
رحل باسل تاركاً وصيته على عجالة في ساحة المعركة، وتم العثور عليها بخط يده بين كتبه ودفاتره، وكانت قصيرة للغاية. ومن أبرز مقولاته التي تداولها آلاف الفلسطينيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي: «بدك تصير مثقف، بدك تصير مُشتبك، ما بدك مُشتبك، بلا منك وبلا من ثقافتك».
في غضون ذلك، صدر بيان عن «الحراك الشبابي الشعبي» ينعي «أحد أهم قادته المؤسّسين في الضفة الشهيد القائد باسل الأعرج.» وقال البيان إن الأعرج «لحق بركب أبناء الحراك، فبالأمس القريب كان أحد أهم قادة الحراك الشبابي الشعبي في القدس الاستشهادي القائد مصباح أبو صبيح قد نفذ عمليته البطولية في قلب القدس المحتلة، واليوم الشهيد القائد باسل الأعرج يرفض تسليم نفسه للاحتلال ليرتقي شهيداً»، وهي الإشارة الأولى لتبنّي عملية الشهيد أبو صبيح بصورة رسمية.
رثى رواد كلٍ من «فايسبوك» و«تويتر» باسل الأعرج ونشروا وصيته التي ألقيت بعد نبأ اغتياله من أمام منزله. ومما جاء فيها:
«تحية العروبة، والوطن، والتحرير.
أما بعد...
إن كنتَ تقرأ هذا فهذا يعني أني مت، وقد صعدت الروح إلى خالقها، وأدعو الله أن ألاقيه بقلبٍ سليم مقبل غير مدبر، بإخلاص بلا أية ذرة رياء. لكم من الصعب أن تكتب وصيتك، ومنذ سنين انقضت وأنا أتأمل كل وصايا الشهداء التي كتبوها، لطالما حيرتني تلك الوصايا مختصرة سريعة مختزلة فاقدة للبلاغة، ولا تشفي غليلاً في البحث عن أسئلة الشهادة. وأنا الآن أسير إلى حتفي راضياً مقتنعاً وجدت أجوبتي، يا ويلي ما أحمقني وهل هناك أبلغ أو أفصح من فعل الشهيد. وكان من المفروض أن أكتب هذا قبل شهور طويلة إلى أنَّ ما أقعدني عن هذا هو أن هذا سؤالكم أنتم الأحياء فلماذا أجيب أنا عنكم فلتبحثوا أنتم، أما نحن أهل القبور فلا نبحث إلا عن رحمة الله».
بدوره نعى سعيد الأعرج، شقيقه عبر «فايسبوك» قائلاً: «بسم الله الرحمن الرحيم، انا لله وانا اليه راجعون. دعني لا أنعاك أخي فاليوم عشت وغداً عشت وستبقى حيا أبد الدهر. لن أبكيك ومثلك يبكي وإن لم أبكيك فمن أبكي. عشت شريفا ومت بطلاً. هكذا اخترت وقد أعطاك الله ما تمنيت. اخترت ميتة تقابل ربك وقد أقمت حجتك اخترت أن تكون مقاوماً وأن تموت شهيداً مقبلاً غير مدبر مشتبكاً لا خانعاً لم تسلم لهم ومثلك لا يعرف التسليم. مفخرتي أبد الدهر عشت رافضاً مت مقاوماً مشتبكاً مرابطاً. إلى جنات الفردوس أخي تاجي ومفخرتي. هذه أمك تلك الصابرة استقبلت خبرك وهي رافعة الراس وهذا أبوك الصبور المحتسب لله يردد بالرضا عليك. مع السلامة وين رايح مع السلامة يا مسك فايح. الحمد لله رب العالمين. »
فيما رثا أصدقاء ومحبو باسل بعبارات تشيد بنضاله عبر «تويتر»:
- قاوم السلطة بالوعي، ناضل ضد الاحتلال بكل ما لديه من قوة حتي نفذ رصاصه أمام كتيبة منهم. #باسل_الأعرج أيقونة ستبقي!
- عَرَجَ الأَعْرَج #باسل_الأعرج
- الشهيد #باسل_الأعرج الذي ارتقى عقب اشتباك مسلح مع الاحتلال برام الله هو مثال للمقاوم الواعي والداعي للمقاومة الفلسطينية بالأقوال والمطبق لها بالأفعال
- يا شهيدًا في الفضا ما أجملك .. #باسل_الأعرج
- حين رأيت الدماء تختلط مع الكتب، قفز في وجهي #الثائر_باسل. ما كان للثائر الأديب الا أن يستشهد هكذا!
- دماء وكتب تملأ ساحة المعركة الأخيرة، بارودة مركونة بأناقة بعدما قامت بواجبها وخذلته بعد أنْ نفدت ذخيرته، وحذاء في وجه العالم. #باسل_الأعرج
- يرحل #الباسل من دون ضجيج .. "على مثلك تبكي العيون"
من المعروف أن رحيل باسل لن يكون الأخير. لكنه غادر تاركاً قضية وطنية وفكرا ثوريا سيرافق الشباب الفلسطيني دائما. فمن الصعب قتل شخص على استعداد لأن يموت، ذلك أن قتله سيكون بلا معنى.
* صورة لوصية باسل بخط يده



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.