البرلمان الليبي يقوّض حكومة السراج وسط تلويح غربي ـ أميركي بالتدخل العسكري

الجيش الوطني يهاجم مراكز كتائب بنغازي في الهلال النفطي

عنصر من قوات الجيش الليبي يتأمل الأنقاض التي خلفها القصف المتوالي على أحياء بنغازي (أ.ف.ب)
عنصر من قوات الجيش الليبي يتأمل الأنقاض التي خلفها القصف المتوالي على أحياء بنغازي (أ.ف.ب)
TT

البرلمان الليبي يقوّض حكومة السراج وسط تلويح غربي ـ أميركي بالتدخل العسكري

عنصر من قوات الجيش الليبي يتأمل الأنقاض التي خلفها القصف المتوالي على أحياء بنغازي (أ.ف.ب)
عنصر من قوات الجيش الليبي يتأمل الأنقاض التي خلفها القصف المتوالي على أحياء بنغازي (أ.ف.ب)

في خطوة قد تعني نهاية المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المقترحة من بعثة الأمم المتحدة في ليبيا برئاسة فائز السراج، أعلن مجلس النواب (البرلمان) الليبي أمس رفضه للملحق الأول في اتفاق السلام، الذي رعته البعثة الأممية في منتجع الصخيرات بالمغرب قبل نحو عامين.
وقال عبد الله بليحق، الناطق الرسمي باسم مجلس النواب الموجود في مدينة طبرق أقصى الشرق لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس الذي اجتمع أمس للمرة الثانية خلال يومين، قرر تعليق المشاركة في الحوار السياسي احتجاجا على الهجوم الذي تتعرض له منطقة الهلال النفطي، لكنه أكد في المقابل أن هذا الموقف لا يعني إنهاء اتفاق الصخيرات.
وأضاف بليحق موضحا «لقد رفض المجلس الملحق الأول من الاتفاق السياسي في تجديد لرفضه المعلن في 25 يناير (كانون الثاني) الماضي بشأن رفض المادة الثامنة، وهو الذي يحوي المجلس الرئاسي (لحكومة السراج) وأسماء أعضائه».
وأكد أعضاء مجلس النواب الليبي تعليق الحوار «إلى حين صدور بيان واضح من الجهات التي نتحاور معها بخصوص الهجوم الإرهابي على الهلال النفطي من قبل ميليشيات بسرايا الدفاع عن بنغازي التابعة لتنظيم (القاعدة) ومن يحالفها».
ووجه أعضاء المجلس رسالة واضحة وصريحة للمجتمع الدولي، وبالتحديد إلى مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بعدم التدخل في الشأن الليبي.
ميدانيا، قال العقيد أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم قوات الجيش الوطني الليبي، إن ما وصفه بالضربات الجوية القوية التي وجهها الجيش أدت إلى هروب عصابات «القاعدة» الإرهابية من راس لانوف باتجاه الغرب.
ونفذت طائرات تابعة لسلاح الجو الليبي أمس ضربات جوية ضد الميلشيات التي سيطرت على ميناء السدر وميناء راس لانوف النفطيين الرئيسيين. وقال المسماري إن الضربات التي شُنت أمس أصابت أهدافا لسرايا الدفاع عن بنغازي في راس لانوف والنوفلية، لافتا إلى أن هذا أجبر الفصيل المنافس على إرسال سيارات إسعاف لحمل «قتلاه ومصابيه» إلى الغرب.
وأكد أحد السكان ومسؤول عسكري في راس لانوف الضربات الجوية، لكنهما قالا إنه لم يحدث أي تغيير في مواقع الفصائل المتنافسة على الأرض. ومع ذلك، زعمت سرايا الدفاع عن بنغازي أنها «تحافظ على نقاطها وتمركزاتها كافة وتحكم سيطرتها على المنطقة الممتدة من النوفلية إلى ما بعد راس لانوف».
وبدأت قوات الجيش الوطني هجوما على ميلشيات سرايا الدفاع عن بنغازي لاستعادة السيطرة على منطقة الهلال النفطي في شرق ليبيا منذ يوم الجمعة الماضي، وهو ما يهدد الإنتاج من الموانئ النفطية التي سيطر عليها الجيش الوطني الليبي في سبتمبر (أيلول) الماضي.
وقال مسؤول كبير بالمؤسسة الوطنية للنفط إن الإنتاج الخام انخفض بنحو 35 ألف برميل يوميا بسبب الاضطرابات، ليصل إنتاج البلاد إلى ما يزيد قليلا على 660 ألف برميل يوميا، علما بأن ليبيا كانت تنتج أكثر من 1.6 مليون برميل يوميا قبل انتفاضة 2011 التي أدت إلى حدوث اضطرابات سياسية وصراع قلص الإنتاج بشكل حاد.
ومنذ أن بدأت السرايا هجومها يوم الجمعة الماضي تم تشكيل خط أمامي عند مركز الهلال النفطي بين ميناء راس لانوف وميناء البريقة، بينما لا يزال الجيش الوطني الليبي يسيطر على البريقة إلى جانب ميناء الزويتينة الذي يقع إلى الشمال الشرقي.
ويقول الجيش الذي يقوده المشير خليفة حفتر إنه يستخدم ضربات جوية للتمهيد لهجوم مضاد، علما بأنه أنهى حصارا طويلا للزويتينة وراس لانوف والسدر عندما استعادها قبل أكثر من سبعة أشهر، مما أدى إلى ارتفاع حاد في إنتاج ليبيا من النفط.
وأصيب السدر وراس لانوف بأضرار بالغة في الجولات السابقة من القتال، لكنها لا يزالان يعملان بأقل كثيرا من قدرتهما.
في غضون ذلك، ندد سفراء فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية بتصعيد أعمال العنف في منطقة الهلال النفطي الليبي، ودعوا إلى وقف فوري لإطلاق النار، ولوحوا بالتدخل العسكري هناك بعدما هددوا الأفراد والجهات التي تسيء استخدام الثروات الليبية بأنها قد تكون هدفا لما وصفوه بالتدابير التقييدية الدولية للمساعدة في دعم السلم والاستقرار والأمن في ليبيا.
ولفت البيان إلى الحاجة الملحّة لتشكيل قوّة عسكرية وطنية موحّدة تحت إمرة مدنية من أجل حفظ الأمن وتأمين الرخاء لكلّ الليبيين، مؤكدا على ضرورة الاحتفاظ بالبنية التحتية للنفط وعمليات إنتاجه وتصديره تحت السيطرة الحصرية للمؤسسة الوطنية للنفط، التي تعمل تحت سلطة وإشراف حكومة الوفاق الوطني.
وبخصوص اقتحام مجموعة مسلحة موالية لحكومة الإنقاذ الوطني الموازية، التي يترأسها خليفة الغويل، لمقرّ المؤسسة الوطنية للنفط في العاصمة طرابلس، دعا البيان الأطراف كافة إلى وقف الأعمال الاستفزازية ضدّ موظفي المؤسسة الوطنية للنفط وتفادي الإضرار بمرافقها، موضحا أنه «بصفتها مؤسسة اقتصادية ليبية، فإنّ المؤسسة الوطنية للنفط ينبغي أن تبقى تحت الإشراف الحصري لحكومة السراج، ويجب أن تُستخدم الثروات الليبية لصالح جميع الليبيين».
في المقابل أدانت مصر على لسان المستشار أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة خارجيتها، الهجوم الذي تعرضت له المنشآت النفطية الليبية، والذي قالت إن عناصر محسوبة على تنظيم «القاعدة» شاركت فيه، واعتبرت أن هذه الهجمات تعرض الوضع في ليبيا لمخاطر جسيمة، وتهدد بتقويض التقدم الذي حدث في الفترة الأخيرة، سواء على صعيد المسار السياسي ومساعي بناء توافق ليبي - ليبي للخروج من حالة الانسداد السياسي القائمة، أو على صعيد الوضع الاقتصادي، الذي كان قد شهد بوادر تعافي لقطاع النفط الليبي تحت إدارة المؤسسة الوطنية للنفط خلال الأشهر الماضية.
وأكد البيان أهمية عدم السماح برهن المسار السياسي في ليبيا لصالح مجموعات غير شرعية تحاول انتزاع دور سياسي عبر العمل الهدام، استناداً لدعم خارجي، ولا تمانع من التعاون لتحقيق أهدافها مع تنظيمات إرهابية.
ولفت إلى البيان الصادر مؤخرا عن اللجنة المصرية الوطنية حول ليبيا، والذي أكد تمسك مصر بجهود الحوار وبناء التوافق في ليبيا، مناشدا كلا من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة تسمية ممثليهما في اللجنة المشتركة التي اتفق على تشكيلها في القاهرة للتوصل لحل سياسي، ينهي الأزمة القائمة في ليبيا، ويقطع الطريق على محاولات التدخل الخارجي في الشأن الليبي، ويهيئ الظروف الملائمة لإعادة بناء الدولة في ليبيا ومكافحة الإرهاب.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.