تركيات يرتدين أقنعة قطط لتقديم التماس لوقف قتلها بالشوارع

مبادرات أهلية لحمايتها ومشروع علمي للحفاظ على السلالات النادرة

نساء تركيات بأقنعة قطط يتظاهرن لحماية قطط الشوارع
نساء تركيات بأقنعة قطط يتظاهرن لحماية قطط الشوارع
TT

تركيات يرتدين أقنعة قطط لتقديم التماس لوقف قتلها بالشوارع

نساء تركيات بأقنعة قطط يتظاهرن لحماية قطط الشوارع
نساء تركيات بأقنعة قطط يتظاهرن لحماية قطط الشوارع

وضعت مجموعة من النساء في مدينة ألانيا التركية الواقعة على ساحل البحر المتوسط جنوب البلاد أقنعة لوجوه قطط على وجوههن وسرن إلى مبنى البلدية؛ تعبيراً عن غضبهن واحتجاجهن على قتل قطط الشوارع من جانب شخص مجهول، تبين أنه روسي الجنسية وأردن تقديم التماس من أجل التدخل لوقف هذا العمل الجائر.
ولجأت النساء التركيات الغاضبات إلى هذه الطريقة بعد قتل ما يقرب من 50 قطة بالسم في الشوارع، لكن الشرطة منعت هذا الاحتجاج، وأبلغت النساء المتنكرات بأن البشر فقط من يحق لهم تقديم مثل هذه الالتماسات والشكاوى وليس القطط.
وقالت المتحدثة باسم المجموعة هدية غوندوز للشرطة: «نحن نريد تقديم الالتماس على هيئة قطط لأن القطط لا تستطيع فعل ذلك»، لتحذر الشرطة بدورها من أنهن لا يستطعن دخول المبنى لتقديم الالتماس وهن يضعن هذه الأقنعة.
وأضافت غوندوز أن القطط كائنات ضعيفة ولا تستطيع التحدث بلغة البشر: «هل هناك لغة قطط تستطيع البلدية فهمها؟!».
وكانت نقطة الخلاف الوحيدة، هي أن النساء أردن التعبير مجازاً عن معاناة القطط بهذه الوسيلة، لكن ضابطاً في الشرطة علق بأنه لا توجد هناك أي مشكلة في تقديم غوندوز لالتماس بوقف قتل قطط الشوارع لكنها لا تستطيع أن تقدم الالتماس نيابة عن القطط. وبعد ذلك قامت النساء برفع الأقنعة ودخلن المبنى لتقديم الالتماس.
وبعد تقديم الالتماس طالبت هدية غوندوز وزارة البيئة والتخطيط العمراني باتخاذ المزيد من الإجراءات ضد القسوة على الحيوانات، وفي تصريح لها للصحافة قالت: «نريد أن يعاقب الذين يعذبون ويقتلون الحيوانات بالسجن».
وكان سكان مدينة ألانيا صدموا عندما وجدوا ما يقرب من 30 قطة ميتة في منطقة «محمودلار» في 24 فبراير (شباط) الماضي، كما عثروا على قرابة 20 قطة ميتة في اليوم التالي.
أهالي الحي ومحبو الحيوانات بدأوا بالتحري ومشاهدة تسجيلات كاميرات المراقبة في الشقق والمباني في المنطقة التي عثر فيها على القطط الميتة وتوصلوا إلى أن القطط تم تسميمها. وبعد متابعتهم تسجيلات كاميرات المراقبة تبيّن أن هناك شخصاً مجهولاً يتجول في الحي مع حقيبة مشبوهة ويقوم بإطعام الحيوانات، وقاموا بإبلاغ الشرطة حول النتائج التي توصلوا إليها.
وقام مركز شرطة حي «محمودلار» على أثر هذه التحريات باعتقال مواطن روسي يبلغ من العمر 53 عاماً يقطن في الحي نفسه لصلته بتسميم قطط الشارع في ألانيا.
ويقيم في المدينة التركية وفي غيرها من مدن البحر المتوسط جنوب تركيا كثيرون من جنسيات أجنبية، ينزعجون أحيانا من القطط والكلاب، ويلجأون إلى تسميمها ليلاً للتخلص منها.
لكن على الجانب الآخر هناك الكثير من المبادرات لتقديم الرعاية والمأوى لقطط الشوارع، على غرار قرية القطط التي أنشأنها الزوجان التركيان محمد وموشجان أورهان في مدينة أنطاليا السياحية جنوب تركيا، بالتعاون مع جمعيات رعاية الحيوانات ومحبي الحيوانات الأليفة.
وتعد «قرية القطط» هي المبادرة الأولى من نوعها في تركيا لإقامة مجتمع للقطط التي تسرح في الشوارع ولا تجد مأوى لها.
وبالإضافة إلى هذه المبادرات هناك جهود منظمة من جانب الجامعات ومراكز الأبحاث للحفاظ على أنواع نادرة من القطط في تركيا، تعيش خاصة في محافظة فان شرق البلاد، على غرار المبادرة التي دشنها «مركز أبحاث ودراسات قطط فان» في جامعة «يوزونجويل»، الذي أطلق مشروعاً لزرع شرائح إلكترونية تحت جلود قطط فان الشهيرة، لمتابعتها وجمع بيانات عنها. وقال عبد الله كايا، مدير المركز إن المشروع يهدف إلى الحفاظ على نقاء قطط فان النادرة، وزيادة أعداد القطط النقية من تلك السلالة.
وأضاف أن الشرائح التي زرعت حتى الآن في 120 قطة، تجعل من الممكن متابعة سلوكيات القطط طوال فترة حياتها، ومعرفة أعداد القطط المولودة، وأفراد عائلة كل قطة، بالإضافة إلى الخصائص المتعلقة بنقاء القطط.
ولفت إلى زيادة الاهتمام باقتناء وتربية قطط فان في الفترة الأخيرة، قائلا إن المركز يسعى لأن يصبح هناك قط من هذه السلالة في كل بيت في مدينة فان. وتتميز قطط فان النادرة باختلاف لوني عينيها، وجمال فرائها، وبكونها النوع الوحيد من القطط الذي يحب اللعب في الماء.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».