هل يحرك ولد الشيخ ركود ملف التسوية اليمني؟

الحكومة طالبته بالضغط على الانقلاب لتحويل الموارد إلى «مركزي عدن»

هل يحرك ولد الشيخ ركود ملف التسوية اليمني؟
TT

هل يحرك ولد الشيخ ركود ملف التسوية اليمني؟

هل يحرك ولد الشيخ ركود ملف التسوية اليمني؟

ظل ملف التسوية اليمنية راكداً خلال الأسبوعين الأخيرين وسط استمرار لعمليات الاشتباك في الجبهات بين الجيش المدعوم بالتحالف العربي، وميليشيات الحوثي وصالح.
ومنذ الـ16 من فبراير (شباط) الماضي، لم يشهد الملف اليمني حراكاً لافتاً، باستثناء التصعيد الأخير لواشنطن ضد تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» الإرهابي، إذ لم تهدأ العمليات منذ الخميس الماضي.
لكن السؤال يتمثل في إمكانية المبعوث الأممي لدى عودته إلى المنطقة، ومدى قدرته على تحريك الفتور في ملف التسوية الذي كان آخره تعصب ميليشيات الحوثي وصالح والإصرار على عدم حضور اجتماعات ورشة عمل لجان التهدئة التي كان مزمعاً عقدها في الأردن.
وأجرى المبعوث الأممي، أمس، زيارة إلى الكويت، التقى خلالها الشيخ صباح خالد الحمد الصباح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الكويتي وزير الخارجية، وجرى خلال اللقاء بحث آخر المستجدات في اليمن والجهود الدولية الهادفة لإيجاد حل سياسي شامل، حيث جدد وزير الخارجية الكويتي دعم بلاده لجميع الجهود التي يقوم بها المبعوث الخاص لإعادة الأمن والاستقرار في اليمن، وفقاً لوكالة الأنباء السعودية (واس).
وقال شربل راجي، المتحدث باسم المبعوث الأممي إلى اليمن لـ«الشرق الأوسط»، إن ولد الشيخ سيتجه إلى سلطنة عمان، ومن المرتقب أن يتجه يوم التاسع والعشرين من مارس (آذار) الحالي إلى نيويورك للإدلاء بإفادته لمجلس الأمن.
إلى ذلك، دعت الحكومة اليمنية المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد إلى الضغط على ميليشيات الحوثي وصالح لتوجيه موارد الدولة في المناطق الخاضعة لسيطرتهم إلى البنك المركزي في عدن وفروعه في المحافظات، لكي «تتمكن الحكومة من الإيفاء بالتزامات الحكومة تجاه المدنيين ومؤسسات الدولة».
وأعربت الحكومة اليمنية في بيان نشرته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ)، عن تقديرها العالي للجهود الطيبة التي يبذلها المبعوث الأممي للوصول إلى حل عادل ودائم في اليمن ينهي الانقلاب ويستعيد الدولة ويقوم على المرجعيات الثلاث المتمثّلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصِّلة، وخصوصاً القرار 2216.
وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي اتخذ قراراً في سبتمبر (أيلول) 2016 بنقل مقر وعمليات البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن، وعين محافظاً ونائباً جديدين. وقال منصر القعيطي محافظ البنك المركزي في حديث سابق مع «الشرق الأوسط» إنه تسلم بنكاً خاوياً، وسيعمل وفريقه على قدم وساق على إنجاز التحديات، وإنقاذ العملة.
وبالفعل، سهلت عمليات ضخ للسيولة من دور البنك المركزي الجديد في عدن، لكن هناك مشكلة كبرى واجهت البنك، وتتمثل في الحصول على قاعدة البيانات التي يأبى الحوثيون وصالح تسليمها، فوجد المركزي الجديد نفسه مضطراً للتعامل مع كشوفات الفروع وبياناتها.
وفِي رسالة وجهتها الحكومة إلى المبعوث الأممي، أشارت الحكومة إلى أن الميليشيات الانقلابية لا تزال تسيطر على إيرادات كثيرة للدولة وتستخدمها لتمويل ما يسمى بالمجهود الحربي ضد الشعب اليمني، أو لينهبوها لتنمية فسادهم وإثراء قيادتهم على حساب تجويع المواطنين.
وأكدت الحكومة التزامها بصرف مرتبات جميع موظفي الدولة المدنيين انطلاقاً من واجبها الوطني والأخلاقي الذي يتوقف تحقيقه على تعاون ميليشيا الحوثي وصالح في توجيه موارد الدولة إلى البنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن وفروعه في المحافظات كما كانت تفعل الحكومة الشرعية منذ بداية الانقلاب وحتى أكتوبر (تشرين الأول) 2016 عندما كانت تقوم بتوريد كل الإيرادات الخاصة بالمناطق الخاضعة لسيطرة الشرعية إلى البنك المركزي في صنعاء، الذي كان تحت سيطرة سلطة الانقلابيين.
وجاء في الرسالة: «وباختصار شديد، فكما وضعنا موارد ميناء عدن والمكلا والجمارك والضرائب والرسوم وفائض نشاط المؤسسات الاقتصادية والاتصالات ومصانع الإسمنت والتبغ وغيرها تحت سيطرة البنك المركزي في صنعاء، ليتمكن من صرف جميع المرتبات والموازنات التشغيلية للمستشفيات ومؤسسات المياه وغيرها من مؤسسات الدولة في جميع المحافظات، فإن العدالة تقضي الانصياع للمصلحة العامة وحشد الموارد للوفاء بالالتزامات تجاه المدنيين وتوجيه كل إيرادات الدولة إلى البنك المركزي في عدن لتمكينه من الوفاء بالتزاماته».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».